الأربعاء 2023/08/30

آخر تحديث: 13:33 (بيروت)

مارغو روبي.. ملكة جمال نشأت بين أسماك القرش

الأربعاء 2023/08/30
مارغو روبي.. ملكة جمال نشأت بين أسماك القرش
في فيلم "بابيلون"
increase حجم الخط decrease
استطاعت الممثلة الأسترالية مارغو روبي (1990) تحقيق انطلاقتها في هوليوود قبل عقد من الزمن من خلال لَكم ليوناردو دي كابريو خلال تجربة أداء. وبفضل تلك الإيماءة المفاجئة، حصلت روبي على الدور النسائي الرئيس في فيلم مارتن سكورسيزي "ذئب وول ستريت" (2013)، حيث جسّدت دور عارضة الأزياء السابقة الشبقة المتعطشة للمال والتي أصبحت زوجة السمسار المحتال في سوق الأسهم، جوردان بلفور. عرفت روبي أنه كان عليها أن تفعل شيئاً لتبرز عن غيرها من الممثلات الشقراوات المتقدّمات للدور، لذلك أعطت محادثها (دي كابريو) بشكل ارتجالي صفعة قاسية على وجهه. بدوره، عرف سكورسيزي على الفور أنه وجد الممثلة الملائمة للدور. وبالفعل، استطاعت روبي في العقد التالي إظهار وإثبات أنها واحدة من أكثر الممثلات اللافتات في هوليوود حالياً.

من دون تزيُّد أو بهرجة، تتمتّع روبي بمظهر وهيئة ملكة جمال، لكن يبدو دائماً أن هناك شيئاً ما يختمر تحت وجوه شخصياتها المُعتنى جيداً بمكياجها ويفصح البياض الناصع لأسنانها عن حياة رغدة ووادعة. كمتفرّج، عادة ما يكون لدى المرء شعور بأنها يمكن أن تنفجر أو تنفجر من الداخل في أي لحظة، سواء من حسرة وانفطار وتدمير (كما هو الحال مع هارلي كوين البطلة الخارقة المضادة)، أو من خلال طفولة عنيفة (مع المتزلجة سيئة السمعة تونيا هاردينغ)، أو من صدمة لا تندمل (كما هو الحال مع المذيعة المحتملة وضحية الاعتداء الجنسي في فيلم "قنبلة" Bombshell).

لذلك ليس من المستغرب أن يتحوّل إليها صانعو "باربي" من أجل تجسيد الدور الرئيسي في الفيلم. تدور الأحداث حول "باربي نمطية" – بابتسامتها الباردة وشعرها الأشقر اللامع - لا تفهم سبب تكرار أفكارها فجأة عن الموت. تدّعي روبي، وهي إحدى المشاركات في انتاج الفيلم، أنه لم يكن في خططها أبداً لعب الدور الرئيس، لكن الممثلة غال غادوت، المرشحّة الأولى لأدائه، لم تستطع الوفاء بهذا الالتزام. وهكذا ذهب الدور إلى مارغو روبي التي يبدو أنها ولدت لتلعب هذا الدور.


(أنا تونيا)

أثبتت روبي أيضاً استطاعتها التنقّل بمهارة بين الفكاهة الكارتونية والدراما، ومعرفتها الجيدة بكيفية الجمع بين هذين النقيضين. قدرة تمثيلية تتثبّت على نحو توكيدي في "باربي"، الذي لا يريد التسلية فحسب، وإنما يودّ أيضاً إصدار بيان نسوي "جادّ". تنجح روبي في ذلك من خلال عدم إظهار أي قيود بمجرد أن ترمي نفسها في دورٍ. أيضاً ضمن السيناريوهات الكوميدية (السوداء)، غالباً ما تلعب شخصياتها بجدية تامّة وبدون مسافة ساخرة. وهذا، بدوره، يفضي إلى نتائج مُنعشة وأدوار تعلق في الذاكرة.

أفضل مثال على ذلك هو فيلم "أنا تونيا" (2017)، والذي تجسّد فيه الممثلة الأسترالية شخصية المتزلّجة ذائعة الصيت تونيا هاردينغ. في العام 1994، قام شريك هاردينغ (ربما بعلم هاردينغ نفسها) بالتخطيط لهجوم متهوّر (وكارثي العواقب) على منافستها في مسابقة التزلّج نانسي كريغان. في تجسيدها شخصية هاردينغ، تفسّر روبي الدور بمزيج من السخرية والبلاهة، ولكن بسبب تفوّقها في تجسيده، يفهم المتفرّج أيضاً  كيف صارعت هاردينغ في عالم التزلج النخبوي وكيف أثّر العنف المنزلي الذي كان عليها التعامل معه على سلوكها. حصلت روبي على ترشيح لجائزة أوسكار عن دورها.



من ناحية أخرى، في الفيلم الهجائي "ذئب وول ستريت"، هناك مشهد تغري فيها شخصية روبي مَن سيصبح زوجها لاحقاً مرتدية جوارب شبكية فقط. سمح سكورسيزي لها بأن تؤدّي المشهد في ثياب النوم. حينها، كممثلة شابة، كانت روبي متوترة للغاية بشأن أداء أي مشاهد عارية، لكنها شعرت أيضاً أن شخصيتها - التي تدرك جيداً قوة مظهرها الأنثوي - ليست امرأة ترتدي ملابس داخلية في مثل هذه اللحظة. لذلك شربت بضع جرعات من التكيلا وتركت الكاميرا تحدّق في جسدها العاري المثالي، تماماً مثل زوجها المستقبلي. في النتيجة، أصبحت واحدة من أكثر اللحظات شهرة في الفيلم.

السباحة مع أسماك القرش
صرح ريان غوسلينغ، الذي يلعب دور كين في "باربي"، أن شريكته في التمثيل لديها "نوع من الشجاعة لا يحصل عليها المرء إلا عندما يسبح حرفياً بين أسماك القرش خلال طفولته". نشأت روبي وأشقاؤها الثلاثة إلى حدّ كبير على يد والدتها العازبة وفي مزرعة جدّيها بالقرب من بلدة غولد كوست الساحلية الأسترالية. في سن السابعة عشر، مع عدد من الأدوار السينمائية الصغيرة في سيرتها الذاتية، ذهبت إلى ملبورن بمفردها. هناك، وعبر الذهاب لعدد كبير من اختبارت الأداء، حصلت أخيراً على دور صغير في مسلسل تلفزيوني رائج بعنوان "جيران" Neighbours.

أحسنت الممثلة المراهقة استغلال فرصتها في أوبرا الصابون هذه، وترك أداؤها انطباعاً لافتاً حدّ أن شخصيتها سُمح لها بالبقاء في المسلسل لمدة ثلاث سنوات، وحصلت روبي على تمديد لعقدها. إلا إنها لم تركن لمنطقة راحتها، وبدلاً من اختيار دخلٍ ثابت، غادرت إلى لوس أنجليس، حيث حصلت على دورٍ في مسلسل الطيران "Pan Am"، ثم انتهى بها المطاف لاحقاً في اختبار الأداء إياه لفيلم سكورسيزي.

ما سيلي تلك اللحظة سيصبح تاريخاً. لعبت روبي دور الملكة إليزابيث الأولى في الدراما التاريخية "ماري ملكة الاسكتلنديين" (2018)، ونجمة صاعدة طموحة في الملحمة والهجائية الهوليوودية "بابليون" (2022) لداميان شازيل.

يبدو أن الشخصية الأخيرة النشطة والمثابرة في عالم صناعة الترفيه هي الأقرب إلى شخصية روبي الحقيقية. كما أنها لم تخفِ طموحها أبداً، على الرغم من أن هذا الجانب تحديداً لا يُقدّر دائماً على النحو الصحيح في حالة النساء، كما يتضح أيضاً في "باربي".


(جيران)

روبي، مثلاً، عندما كانت في الـ25 من عمرها، ذكرت في مقابلة أن الناس مخطئون في وصف حياتها المهنية بأنها "ربحت اليانصيب". وتقول إن الواقع أكثر براغماتية واستراتيجية، مع "خطوات" كانت تعلم أن عليها خوضها. على سبيل المثال، من المعروف أنها أرسلت للمخرج كوينتين تارانتينو، الذي لم تقابله قطّ، رسالة مكتوبة بخط اليد تسأله فيها عمّا إذا كان يمكنها أن تؤدّي دوراً في أحد أفلامه. لكنها لم تقدم على فعل ذلك إلا بعدما رأت "أنا تونيا" واعتقدت أنها أصبحت جيدة بما يكفي كممثلة للاقتراب من معبودها. وبالفعل، حصلت على دور في فيلم "ذات مرة في هوليوود" (2019)، حيث جسّدت شخصية الممثلة شارون تيت.

إلى جانب كونها ممثلة، روبي أيضاً منتجة نشطة. أسست شركة الإنتاج ""LuckyChap Entertainment في العام 2014 مع صديقة طفولتها صوفيا كير، وشريك حياتها توم أكيرلي، وجوسي ماكنمارا التي عمل معها أكيرلي لسنوات عديدة كمساعد مخرج. عاش الأربعة معاً في منزلٍ بلندن لفترة من الوقت بعد حضورهم العرض الأول لفيلم "ذئب وول ستريت" في المملكة المتحدة. تريد "لاكي تشاب" إنتاج قصص عن نساء تكتبها نساء. قدّمت الشركة سبعة إنتاجات حتى الآن، بما في ذلك أفلام رُشّحت لجوائز أوسكار مثل "أنا تونيا"، وفيلم الانتقام النسائي "امرأة شابّة واعدة" (2020). أفلامٌ غالباً ما تكون فيها البطلات المعقّدات ضحايا وجانِيات في الوقت نفسه.

في آخر أعمالها، كانت روبي هي التي تفاوضت مع شركة ماتيل بشأن حقوق فيلم "باربي" بمبادرة منها بعدما فشلت المحاولات السابقة لإنتاج فيلم هوليوودي عن الدمية الشهيرة. وكانت روبي هي مَن اتصلت بزميلتها غريتا غيرويغ لتتولّى مهمة إخراج الفيلم. وربما تكون هي أيضاً صاحبة فكرة الحملة الدعائية الغريبة والمكثّفة للفيلم الذي دوّن بالفعل اسمه في السجلات التاريخية بعد شهرٍ واحد من بدء عروضه. من الواضح أن روبي أخذت قفزة ثقة كبيرة ليس فقط كممثلة، لكن أيضاً كمنتجة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها