الأربعاء 2023/06/14

آخر تحديث: 11:48 (بيروت)

سماح إسماعيل لـ"المدن":ربط النص الشعري بالسياق النغمي هو سِرّي

الأربعاء 2023/06/14
سماح إسماعيل لـ"المدن":ربط النص الشعري بالسياق النغمي هو سِرّي
"أقدم طريقةٍ سهلةٍ ومنطقيّةٍ تتيح لمستمعٍ عاديٍّ بلا خلفيةٍ موسيقيّةٍ عمليّةٍ أن يتذوق جماليات اللحن"
increase حجم الخط decrease
ما زالت علوم الموسيقى الشرقيّة تمثّل تحدياً حقيقيّاً أمام الهواة الراغبين في الاستزادة منها ودارسيها الأكاديميّين على حدٍ سواء. فعالمها عالمٌ مركبٌ ومثيرٌ للدهشة والمتعة، ولعلّ ذلك ينبثق من كونها امتداداً أصيلاً للثقافة والهويّة الشرقيّة بكلّ ما تنطوي عليه من تناقضاتٍ، وغنى وأبعادٍ حياتيّةٍ وفلسفيّةٍ عميقةٍ.

ورغم أنّ الحديث عن موسيقانا العربيّة بمقاماتها ومقاييسها وقوالبها يبدو للوهلة الأولى حكراً على الصفوة التي تفرّغت لفكّ طلاسمها، تمكنّت السوشال ميديا اليوم من فرض سياساتٍ ثقافيّةٍ جديدةٍ، أفسحت المجال أمام الأكاديميّين ليبسّطوا معارفهم الرفيعة بصيغةٍ تتقبلّها العامة وتستوعبها. في هذا السياق تُعتبر تجربة الدكتورة سماح إسماعيل تجربةً رائدةً، انطلقت من كبار الصروح العلميّة في مصر وتعدّت حدود "تيك توك" وقناتها في "يوتيوب" حيث تنشر فيديوهات تحليل موسيقي، لتدّق أبواب الجيل الحديث المهتّم بعلوم الموسيقى، مُحوّلةً تذوّق القيم الموسيقيّة وفهمها، من ترفٍ نخبويٍّ الى حاجةٍ مجتمعيّةٍ متاحةٍ. هذه التجربة الأكاديميّة التي تعاملت مع منصّات التواصل بصورةٍ ناضجةٍ وحملت العلوم الرفيعة لكلّ محبٍّ للموسيقى العربيّة، من دون تسطيحٍ أو انتقاصٍ، كانت محور هذا اللقاء الغنيّ الذي أجرته "المدن" مع الدكتورة سماح اسماعيل.

بين النخبويّة والتبسيط

- في العقود الأخيرة، وبعد التضخّم المعرفيّ المهول، لاحظنا ميل العديد من المتخصصين إلى تبسيط العلوم وتداولها إلكترونيّاً، هل تضعين ما تقدّمينه من محتوى أكاديميّ في هذا الإطار المستهدِف للعوام، أم تعتقدين بنخبويّة المعرفة الموسيقيّة؟

* ظاهريّاً، توحي الموسيقى كمجالٍ أكاديميٍّ أنّها يجب أن تقتصر على المعرفة النخبويّة، لما تحتويه من مصطلحاتٍ ومفاهيم قد تكون بالغة التعقيد، ولذلك لا بدّ من دراستها في المرحلة الأولى دراسةً أكاديميّةً مقصودةً وممنهجةً، تخوّل الدارس في مرحلةٍ لاحقةٍ من مجاراة المحتوى الموسيقي بمختلف أنواعه، سواء كان داخل الأكاديميّات المتخصّصة أو كان إلكترونياً متداولاً عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ بشتّى أشكالها، خصوصاً أنّ الأخيرة باتت تجمع شعوب العالم بمختلف ثقافاتها.

أمّا في المرحلة الثانيّة، واستكمالاً للمسار الأكاديميّ الذي تتبعه النخب الموسيقيّة، يتحتّم على من يسعى لنشر ما لديه من مخزونٍ أكاديميٍّ معقّدٍ أن يقوم بتبسيطه كي لا تبقى العلوم الموسيقيّة حكراً على النخبة ولتنتشر الثقافة الموسيقيّة بين أكبر فئةٍ من الراغبين بفهمها والتعمّق فيها، لا سيما أُولَئِكَ الذين لم يحظوا بفرصةٍ لدراستها كعلمٍ، وهذه النقطة هي في طليعة أهدافي، منذ أن شرعت بنشر محتواي الفنيّ العلميّ في قالبٍ يمكن أن يتلقّاه أيّ إنسانٍ بمنتهى السهولة واليسر، لأساهم في نشر الثقافة الموسيقيّة التي ستلعب دوراً مفصليّاً في الارتقاء بالحسّ الموسيقي الفرديّ خصوصاً، والذوق العام بشكلٍ أشمل.


- المقامات الشرقيّة عِلمٌ معقّدٌ أخفق الكثير في التفقّه فيه، لماذا يبدو في عالمك متيسّراً إلى هذا الحدّ؟

* بطبيعتي، أميل إلى تبسيط الأشياء والابتعاد عن التعقيد، وفي التعليم أسعى دائماً لأبتكر طرائق أكثر سهولةٍ لشرح المفاهيم. فمن وجهة نظري كلّما كانت الطريقة التي يتبنّاها المعلّم سلسةً، كلما كان تلقيها يسيراً على عددٍ أكبر من المتعلمين، وهذا يزيد من فعاليّة العمليّة التعليميّة ويجعل اكتساب المهارات والمعارف أكثر تيسّراً.

بالإضافة إلى هذا، وبحكم خبرتي وعملي في التدريس ضمن مؤسساتٍ أكاديميّةٍ موسيقيّةٍ متخصّصةٍ وعلى مدار سنواتٍ طويلةٍ، تعاملت مع الكثير من المشكلات وتوفّرت لدي بالمقابل حلولٌ كثيرةٌ وأساليب مبتكرةً لمعالجتها. هذه الأساليب تستند بمجملها الى ربط دراسة المقامات بمدلولها الدرامي وإحساس النغم الذي يرتبط بدوره ارتباطا ًوثيقاً بتغيير شكل ومكان الرنين الصوتي من خلال التحكّم في شكل فتحة الفم وطريقة استخدام عضلات البطن، وكذلك التحكّم في قوّة الصوت. وكلّ ذلك يُنفذ من خلال ربط النغم والأداء بالمدلول الدرامي. عبر اتباع هذا الربط، تخرج النغمات بشكلها الصحيح، مليئةً بالتطريب والشجن والقوّة.

خلق المعنى واستنباطه

- تحليلاتك تفكّك الأغاني إلى عناصرها البدائيّة من وجدانيّاتٍ وكلماتٍ ونغمٍ، برأيك، في أولى مراحل المخاض الإبداعيّ، هل تختار الفكرة الموسيقيّة المقام أم العكس؟

* لا قاعدة محدّدة في هذا الصدد لأنّ هناك الكثير من الأعمال الغنائيّة وضعت موسيقاها أوّلاً ثم نظمت لها الكلمات، والعكس جائز. وأنا أجد أنّه، في الحالتين، يوجد تصاعدٌ نغميٌّ ولحني ودرامي متداخلٍ يظهر أثناء صياغة اللحن أو نظم الكلمات، فهناك دائماً لحناً خفيّاً يتصاعد مع تفاعل الأفكار الموجودة في النصّ الشعري أو النثري، والملحن يستطيع أن يستشعره بمجرّد قراءته للنص، ثم يجاريه عبر ما يؤلّف من موسيقى.

وبالطبع، لكلّ ملحنٍ بصمته الخاصّة في صياغة وترجمة هذه التصاعدات والانفعالات ولا شكّ في أنّ عمليّة التلحين عمليّةً معقدّةً تخلّلها مراحل عديدة يتطوّر اللحن خلالها ثم يخرج بشكله النهائي لنتذوّقه كمحلّلين أو مستمعين.

أمّا التحليل فيقوم بوصف وربط تلك المكونات الأساسيّة ببعضها البعض، كمحاولةٍ لإدراك جماليّات هذا العمل، واستيعاب سبب ارتباطنا الكبير به وتأثّرنا بسماعه. وإذا اعتدنا ربط كل هذه العناصر عند تلقينا لأي عملٍ، فسنرى هذا العمل بعين مغايرةٍ وسنسمعه بأذنٍ مختلفة ومن ثم يزداد حسّنا الموسيقي عمقاً وفهماً وإدراكاً لكلّ هذه العناصر، ممّا يضاعف ثقافتنا الموسيقيّة وهو المطلوب، فكما هو معروف، وعلى مدى العصور يبدأ الارتقاء بالشعوب من الموسيقى كونها كفيلة بتهذيب النفس والسمو بالمشاعر الإنسانيّة. لذا حرصتُ على إظهار هذا الجانب التثقيفي كواحدٍ من أهمّ أهداف المحتوى الخاص بي من خلال نشر الوعي والثقافة الموسيقيّة بشكلٍ عام.

- هل يحضر التحليل الموسيقي كاستنتاجاتٍ مترادفةٍ لأفكارٍ وضعها الملحن بصورةٍ مسبقةٍ، أم أنّها ابتكارٌ لمعانٍ قد يغفل عنها المؤلّف بينما يشي بها النغم للمستمع في مراحل متأخرة؟

* دعينا نصحّح مصطلح "استنتاج" عبر استبداله بـ"توصيف" لتلك الأفكار التي وضعها الملحن. كما أشرت في السؤال السابق أنّه في بعض الأحيان تكون كلّ تلك الأفكار مقصودةً وفي أحيانٍ أخرى تكون غير ذلك وهذا غير شائعٍ باعتقادي. لكنّ الابتكار في المحتوى الذي أقدّمه يكمن في إتباع طريقةٍ سهلةٍ ومنطقيّةٍ تتيح لأيّ مستمعٍ عاديٍّ لا يتمتع بأيّة خلفيةٍ موسيقيّةٍ عمليّةٍ أن يخرج بمثل هذه الاستنتاجات بمفرده، من دون الحاجة للدراسة الموسيقيّة المتعمّقة، عبر الاستماع إلى الموسيقى وتذوّقها وترجمة الأفكار الموجودة في النصّ الكلاميّ وتحويلها إلى نغمٍ يحمل السياق التفاعليّ ذاته، وهذا يشعر الفرد بقيمة وجماليّات اللحن بطريقةٍ مختلفةٍ تماماً.

- نرى في تحليلك توأمة دائمة بين الخطاب الشعري والخطاب الموسيقى، ما أهميّة إدراج هذا النمط من التحليل الموسيقي- الشعري في المساقات الأكاديميّة للموسيقى الشرقيّة؟

* بالطبع له أهميةٌ كبيرةٌ خصوصاً للراغبين في خوض تجربة التلحين أو التأليف الموسيقي. فإذا ربطنا دائماً بين صراع الأفكار الموجودة في النصّ الشعري، نستطيع أن نتخيّل السياق النغميّ المناسب لترجمته. كما أنّ التعمّق في المعاني يعاون الملحن على اختيار المقام والإيقاع وحتّى الآلات المناسبة للحن.

هذا ويساعدنا التحليل لنقف عند الخصائص المميزة لكلّ ملحنٍ أو مؤلّفٍ موسيقيٍّ ويسمح بتصنيفهم وفق مدارس مختلفةٍ لكلٍّ منها خصائصها وأسسّها التي يمكن أن تستفيد منها الأجيال اللاحقة. وهذا ما نتبعه عادةً في مجال البحث العلميّ، حينما نتناول دراسة أسلوب ملحنٍ معيّنٍ، لكن الباحثين عادةً ما يتناولون التحليل من الناحية المقاميّة والبناء الموسيقي للأعمال الخاص بالملحن موضوع البحث، من دون أن يعيروا أهميةً لربط النصّ الشعري ومعانيه بالسياق النغميّ على الرغم من أثره العظيم على مستوى العمل الفنيّ بالمجمل.

عصر الاستنساخ الموسيقي بين قطبي الكرد والنهاوند

- تغيب اليوم التحويلات المقاميّة عن موسيقانا في ظلّ إقبالٍ كثيف على توظيف الهارموني الغربيّة في التوزيع، هل حصر هذا الواقع إنتاجنا الموسيقى في بعدٍ أحاديّ أم أنّه مجرّد تثاقفٍ موسيقيٍّ معولمٍ؟

* في بعض الأعمال، يأتي اعتماد التوزيع الهارموني في سياق عملٍ أوركستراليٍّ ضخمٍ، وتنفيذ الأخير يتطلّب مجهوداً جبّاراً سواء من قبل الموّزع أو العازفين. واستخدام التحويلات المقاميّة المتكرّر ضمن هذا السياق وفي هذا الشكل من أشكال التوزيع، يعدّ عائقاً كبيراً. فالتحويلات المقاميّة الكثيرة تدفع الموّزع للجوء إلى أشكالٍ تقليديّةٍ وأكثر بساطةً بما يتعلّق بالتوزيع.


على سبيل المثال أغنية "قد الحروف" لـ"أصالة" مليئةٌ بالتحويلات المقاميّة الغنيّة جداً، وهذا انعكس عبر توزيعها التقليدي المؤاتي للتسلسل النغمي للحن نفسه. فالتوزيع البسيط هنا حضر ليبرز جمال النغم ذاته وليس توزيعه، حتى أنّ الاهتمام باعتماد الآلات الشرقيّة الفرديّة داخل اللحن جاء مناسباً لطبيعة الجمل اللحنيّة المصوغة. من جهةٍ أخرى، وإذا نظرنا لعملٍ مثل "أكتبلك تعهد" لـ"أنغام"، نجده عملاً أوركستراليّاً يعتمد على الهارموني بالدرجة الأولى. حتّى أنّنا إذا تعمّقنا باللحن الأساسي نجده لحناً بسيطاً لا ينطوي على أيّة تحويلاتٍ مقاميةٍ تقريباً. والحقيقة في نهاية المطاف أن العملين ناجحان بشكلٍ لا يقبل الريب، ولكنّ يبقى التناول وأسلوب التقديم مختلفاً.  


- طغيان مقامَي الكرد والنهاوند على الإنتاجات الموسيقيّة الحديثة، استسهالٌ واستكانةٌ للتيار، أم تبدّلٌ في الذائقة الفنيّة؟

* في بعض الأحيان يكون نوعاً من الاستسهال، ويكون بهدف ضمان وقوع الجمل اللحنيّة على أذن المستمع وقعاً حسناً، لا سيما في الأعمال العاطفيّة والدراميّة الحزينة، إلّا أنّه في مواضع أخرى وخصوصاً في حال اعتماد التوزيع الأوركسترالي، يستند على سهولة التعامل الهارمونّي مع مقاماتٍ كالكرد والنهاوند والعجم مقارنةً بالمقامات ذات ثلاثة أرباع التون.

وهناك جانب آخر لنقاشنا، هو عدم جهوزيّة شريحة كبيرة من الأصوات في وقتنا الحالي لأداء الألحان الغنيّة بالمقامات الشرقيّة كونها لا تتّسم بالثبات ولا الركوز ولا تتحلّى بالقوّة المطلوبة. هكذا، تتمّ الاستعانة دائماً بالمقامات الأسهل في الأداء وعلى رأسها الكرد والنهاوند كونهما قريبين للأذُن، فهما يمتازان بسهولة جملهما اللحنيّة وقصرها، واعتمادهما على المساحات الصوتيّة المحدودة. هذا الواقع، ينتج غالباً لحناً سهلاً وسريعاً يفتقر إلى جميع مواصفات اللحن الغنيّ فنيّاً، الذي اعتدنا سماعه (حتّى باستخدام هذين المقامين) في الأعمال السابقة لكبار أساتذة الغناء والتلحين.

- عطفاً على السؤال السابق، نلاحظ أنّ تجويد القرآن اليوم يلازم أيضاً مقامي الكرد والنهاوند، فالجليّ أنّ علاقةً ترابطيّةً معمّقةً تجمع العالمَين، فبصفتك ملمّة بهما، كيف تفسرين هذا الترابط؟

* لا أعتقد أنّ هناك ترابطاً مباشراً بين العالمين، لكنّ استنتاجي الشخصيّ، هي الرغبة في وجود أساليب ومدارس مختلفةً في القراءة، بعيدةً كلّ البعد من المدرسة المصريّة التي تميّزت منذ عشرات السنين بأصوات وأساليب متفرّدةٍ تعتمد على إمكانيّاتٍ فنيّةٍ عاليةٍ وثقافةٍ موسيقيّةٍ نغميّةٍ رفيعةٍ أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ الحصري والشيخ مصطفى إسماعيل وغيرهم الكثير ممن لهم باع طويل في هذا المجال.

هنا كان لا بدّ على أي قارئٍ يسعى لترك بصمةٍ في هذا المجال، أن يجد خطاً نغميّاً منفرداً، وهذا ما حدث بالفعل حيث برزت أسماء في مجال التلاوة لتنال استحساناً وشهرةً كبيرةً وجمعت حولها عدداً من المريدين مثل الشيخ مشاري راشد. في هذا السياق، كثر استعمال الكرد والنهاوند وباتت التلاوة في بعض الأحيان لا تخرج عن مقام واحدٍ من البداية إلى النهاية وهذا أيضاً يتباين عن سلوك المدرسة المصريّة المعروفة بزخم انتقالاتها المقاميّة.


- في توارٍ شبه تام لمقام السيكاه، ما الذي سينقذ هذه العائلة المقاميّة من الفناء وكيف نختلق الودّ بينها وبين الموسيقى الحديثة؟

* دعينا نقول المقامات ذات ثلاثة أرباع تون بشكلٍ عام، ومقام السيكاه بشكلٍ خاص. هناك عوامل يجب أن تتوافر كي نستطيع دمج هذه المقامات في عالم الغناء والألحان من جديد. أولاً، لا بدّ من وجود أصواتٍ قادرةٍ على أداء مثل هذه المقامات والاهتمام بتدريبها بشكلٍ فنيّ محترفٍ، لتكون قادرةً على التعامل مع أبعادها وأداء الأعمال الغنائية المصاغة فيها، بالإضافة إلى تشجيع الملحنين على استخدام هذه المقامات ليجتمع الصوت واللحن في النهاية في عمل فنّي قوي.

هذا ويجب الاهتمام بتوزيع تلك الأعمال بطريقة تتّسم بالحداثة حتى تكون قادرةً على جذب المستمع الأصغر سناً بطريقةٍ شيّقةٍ بحيث يستشعر جمال تلك المقامات، ويلتمس في الوقت عينه حداثةً طاغيةً عوضاً عن التقليديّة التي تبعث الملل في نفسه أحياناً. فعوامل الإبهار يجب أن تحضر في اللحن، لكن ليس على حساب ثرائنا النغميّ. وهذا يتماشى مع الحداثة، لكنّه يسمح أيضاً بالاحتفاظ بهويّتنا الأساسيّة، ويحول دون تحوّل أعمالنا لمجرد مسخ موسيقي ليست له هويّة واضحة ولا يرقى لمستوى أعمال الموسيقى العربيّة التي لطالما كانت مدعاة فخرٍ لنا، ولا إلى أصالة الموسيقى الغربية. فنقف في الوسط، حائرين، ماذا يمثّل العمل وإلى أيّ ثقافةٍ ينتمي. وهنا يتعاظم دورنا نحن كأكاديميّين وفنّانين وكتّاب وملحنين وموزّعين باعتبارنا القائمين على صون ونقل فنّنا وتراثنا العربي. علينا التعمّق في هويتنا العربية أكثر، لكن مع عدم إهمال وسائل الإبهار والتوزيع التي تسمح بمواكبة التطوّر الجاري حولنا، بشرط ألا نفقد هويتنا العربيّة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها