كُتب كثيراً عن الخاتم الذي دأب على ارتدائه قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، وظهر به في معظم صُوره. يقال إنه هدية من مرشد الثورة الإسلامية، علي خامنئي. هكذا يُكمل حسن نصر الله التقليد بين أناسه ومريديه، أبناء المذهب والعقيدة، وسواهم من أيتام الممانعة والإيديولوجيا.
لكل قبيلة طوطمها. هو رمزها، بيرقها، يختزن قواها "الخارقة"، إرادتها وشعاراتها. الجوهر إذ يحلّ في المادة. يتم تشييؤه، فيتسامى الشيء فوق عناصره العادية، ويُسبغ بعضاً من "ذاته" ما فوق العادية، مُكتملة الصنع الآن، على حامله الذي لا يعود مُبتدع المعنى، بل متلقيه الخاشع.
الطوطم، تاريخياً، يتحدر من الآباء إلى الأبناء. وهؤلاء الأخيرون لا تنحصر علاقتهم مع الأب في المُحدِّد الجيني، أي الأب الذي أنجبهم. بل كل رجال القبيلة البالغين هم آباؤهم المحتملون، والاحتمال يندمج في شجرة العائلة الكبرى، يخلط الماء بالدماء في شرايين متمادية متشعبة لا فكاك لأي فرع من تمددها واختراقاتها.
القبيلة كلها تُحشَر في الطوطم، كالمارد في خاتم علاء الدين الذي، ما إن يفرك الحجر مِلك خنصره، حتى يخرج الجنّي مبدياً السمع والطاعة والاستعداد لتلبية أوامر سيّده.
الطوطم أيضاً وعاء لاستيعاب الإسقاط. إسقاط الحب والرغبة، الأمل، والتوق للسعادة والأمان، كما الضعف والحيرة، الخوف والقلق. الطوطم يمتص هذا كله وأكثر. يتّسع أيضاً للمشاعر المتناقضة. تلك التي تشعرنا بالذنب ونرفض الاعتراف بها لأنفسنا ووعينا، فنجد لها مخرجاً من مَخارج "التابو"، كأن نكره بعض صفات أمهاتنا اللواتي نحبّهن حباً جماً. وهناك المشاعر التي تؤذي "الأنا" وتتسبب في تشظيها، كالهشاشة التي يشعر بها مُتنمّر، فيزداد تنمراً إذ يُلبِس هشاشته لمن هو أضعف منه. الطوطم لا يردّ طلباً لطالبٍ صادق.
حين نتبرّك من أحد الأولياء الصالحين بقطعة قماش، مسحة زيت، أو قُبلة لمَزاره، فإننا نستحضر سِحر الدين، العقيدة، أو الإيمان. السِّحر المسموح به بعد اصطياد كل الساحرات وإنهاء كل المشعوذين قارئي الكتب المحروقة. هو السِّحر الشرعي، المقبول، والذي لا يستدعي شياطين قديمة، بل يحارب الشياطين المستجدة. وحين نتلقف "أثراً" من رجل دين ذي مرتبة، وهو في الوقت نفسه، زعيم الطائفة/القبيلة، وزعيم حزب الطائفة/القبيلة، والقائد العسكري لمليشيا هذه الجماعة، والممثل السياسي الأول لها.. كيف يُرى الأمر؟
كأنها خلطة: مِن هيولى شَعرة النبي المحفوظة في متحف "توب كابي" في اسطنبول،... وزرّ سقط من سترة إلفيس بريسلي، فتلقفته معجبة صائحة بإسم نجمها لتخبّئه قرب قلبها،... وعقد اجتماعي بصيغته الأولية إذ يُبرَم لتكريس سلطة على الفرد، وبموجبه يكون الأفراد قد وافقوا، صراحةً أو ضمناً، على التنازل عن بعض حرياتهم والخضوع لهذه السلطة (الدولة، الحاكم، أو قرار الغالبية) في مقابل حماية بقية حقوقهم أو الحفاظ على النظام/الانتظام في بوتقة عيشهم المسمّاة أحياناً مجتمعاً أو حتى "بيئة". والطوطم، كما أنه فائق القدرة، هو فائق الجمال أيضاً، فالخلاص المُتخيّل دوماً كذلك.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها