السبت 2020/04/04

آخر تحديث: 12:56 (بيروت)

شذى مصطفى لـ"المدن": العذرية معيار يتشاركه التقليديون والتقدميون

شذى مصطفى لـ"المدن": العذرية معيار يتشاركه التقليديون والتقدميون
increase حجم الخط decrease
شذى مصطفى روائية شابّة من فلسطين مقيمة في ألمانيا، خرّيجة كليّة العمارة في الجامعة الأميركية في بيروت. "ما تركت خلفي" روايتها الأولى، وهي بحسب تعريفها "رحلة استكشاف ذاتيّة لفتاة ضائعة بين عناوينها الأربعة: بين أمّ أسَرَها أولادها، وأب أُدخِلَ سجناً لم يخرج منه حتّى بعدما خرج. بين حبيبٍ منحها كلّ آمالها قبل أن يعود ويسرقها منها، وأصدقاء وجدت فيهم منزلاً وهجرته. تتخبّط بين الطلاق والقضيّة، بين الأمّ والأب، بين الصداقة والحبّ والاستقلالية، محاولةً الإجابة عن سؤال بسيط: لماذا لا أتحمّل طعم الحليب؟". 
وكان لـ"المدن" معها هذا الحوار...

- عادة ما يلجأ الروائيون والروائيات في بواكيرهم الأدبية، إلى الكتابة عن ذواتهم أو كتابة سِيرهم الذاتية، هل حصل معك هذا الأمر؟

"ما تركت خلفي" عبارة عن سيرة ذاتية متخيلة، وتمزج ما بين الواقع والخيال.

- تقدمين شكراً خاصاً إلى الروائي رشيد الضعيف، وفي موضوع روايتك، هناك تشابه في المواضيع التي يتناولها رشيد الضعيف عادة، هل يمكن اعتباره ملهِماً لك؟

أول ما قاله لنا الأستاذ رشيد الضعيف في صف "الكتابة الابداعية"، هو أننا إذا أردنا الكتابة علينا الكتابة بصدق، هذا الكلام كان ملهماً لي، فهو شجعني على الكتابة عن الأمور والمواضيع التي تشغلني، وربما تشغل آخرين من جيلي بكل صدق ومن دون خوف.

- إلى ماذا يرمز الحليب في روايتك؟

إلى ضياع الطفل الناتج عن الطلاق، وإلى رمزية وأهمية الأمور البسيطة التي تتغير في حياتنا نتيجة صدمة أو حدث مؤلم. 

- بشكل من الأشكال تعتبرين الزواج (الأب تحديداً) سجناً، فهو قبل أن يطلق في المرة الأولى، تزوج، "أدخل سجناُ لم يخرج منه"، وحتى الأمومة في نظرك هي "أسر" أو تصبح الأم "أسيرة أولادها"، ولا يختلف الأمر في الحب، وانت تسألين بعد نهاية "قصة حبكما" في الرواية "هل تحرّرت أخيراً من  سجني"؟ بل إن الحب فيه نوع من ذلّ مبطن، تقولين، "وحتى في الحب عندما تقع في الحب، تشعر كأنك تحت رحمة من تحب"، هل هذا الشعور نتاج عائلة مفككة، يتأرجح فيها الأولاد بين البقاء مع الأب، وزيارة الأم؟

السجن الذي دخله الأب ولم يخرج منه هو سجن الاحتلال، حيث أن الأب بعدما خرج تغير، كأنّه أصبح شخصاً آخر والشخص الذي كان عليه سابقاً بقي في ذلك السجن، ولم يستطع الخروج منه، إثر الصدمة التي تعرض لها. أمّا بالنسبة لموضوع العائلة والحب، فإن أي حبّ، سواء كان علاقة مع شخص أو الأمومة أو الأبوة، هو سجن من نوعٍ ما، حيث يمكن أن يبقى الشخص خائفاً على من يحبّ، أو عالقاً في مكان لا يريده، لكنه يبقى فيه بسبب من يحب. ومن هذه الناحية، الحب فعلاً ذلّ مبطن، حيث أن حبنّا لشخص ما أو رغبتنا في محبتهم لنا، تجعلنا نفعل أموراً لا نريدها، أو أن نبقى ربما في وضع لا نريده بسبب ذلك الحب، أو ذلك الخوف من فقدان الشخص الذي نحبه. وربما هذا الشعور هو نتاج العائلة المفككة، لكن ليس بالضرورة. فإن فكرة الحب كسجن يعلق فيه الشخص، ناتجة عن التضحيات التي قدمتها الأم من أجل أولادها، والتضحيات التي كانت الشخصية مستعدة لتقديمها من أجل من تحب. 

- في روايتك، تتطرق الراوية إلى المرة الأولى التي سَكِرَت فيها في حياتها، ولم تتغير الدنيا كما اُوهمت، وهناك استفاضة في الحديث عن العذرية أو بدايات الجنس وأمكنته، هل يمكن وصف الرواية برواية الخروج على الأهل والانشقاق عن التقاليد والاستقلالية؟

الهدف من التطرق إلى هذه المواضيع، كان التخلّص من الخوف من الحديث عن الأمور التي تمنعنا التقاليد من التحدث عنها. فمن خلال الاستفاضة في الحديث عن هذه الأمور، يتم خلق نوع من الاعتيادية في التطرق إليها، وربما التشجيع أيضاً على عدم تجاهلها بسبب المجتمع. 

- تتطرقين الى نظرة المجتمع التقليدي، إلى فقدان العذرية، ونظرة بيئة الجامعة إلى بقاء العذرية، هنا، هل يتماثل التقليد المجتمعي مع الانفتاح الجامعي، باعتبار الإثنين استبداديَين في النظرة إلى جسد الأنثى واعتبار العذرية أحد الشروط لتصنيفها؟

نعم، فحتى في جو الانفتاح الجامعي، نجد الأنثى بحاجة إلى الإجابة على أسئلة والرد على تعليقات، تتعلق بجسدها وعذريتها. فهناك توقعات من الأنثى في ما يتعلق بهذا الخصوص في كلا المجتمعين. ففي المجتمع "المنفتح"، يُتوقع من المرأة أن تكون فقدت عذريتها، وأن تتحدث عن هذا الموضوع براحة... وفي المجتمع "التقليدي"، يجب على الأنثى أن تحافظ على عذريتها، وألّا تتطرق لمواضيع الجنس. في الحالتين، لا يتم إعطاء الشخص الحرية في التصرف بهذا الموضوع بما يتوافق مع الأفكار والقيم الذاتية للشخص بعيداً من الضغط المجتمعي. 

-هل لدراسة الهندسة المعمارية تأثير في كتاباتك؟ 

بالطبع. فإن دراسة الهندسة المعمارية فتحت لي المجال للتفكير بطرق ابداعية، ربما لم أكن لأتوصل لها لولا دراستي. فمثلاً شعرتُ أن دراسة الهندسة المعمارية ساعدتني على الربط بين الأحداث، وعلى تنظيم واختيار الفقرات القصيرة وترقيمها. وكان لدراسة العمارة تأثير أيضاً في محتوى الرواية، بما أن أجزاء منها مقتبسة من الواقع. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها