وفق المؤلف الموسيقي وعازف البيانو بوغوس غاليليان أنه خلال الخمسينات شمل ريبرتوار الأندية الليلية الجاز، البلوز، الأغاني الفرنسية والإنكليزية، والموسيقى اللاتينية كالسامبا، بوسا نوفا، بالإضافة طبعاً إلى الأغاني العربية، وعروض الباليه والأوبرا ومقطوعات كلاسيكية مع أوركسترا في بعض المناسبات. وقد شارك فيها موسيقيون لبنانيون، وأجانب أتوا استجابة لتحفيز الفنادق اللبنانية التي قدمت لهم مبالغ فاقت ما يتقاضونه في بلدانهم. يؤكد غاليليان أن الموسيقيين الأجانب كانوا الأغلبية في البداية، لأن الآلات الموسيقية التي استعملت في موسيقى الروك لم تكن معروفة كثيراً، وقد امتلك بعض هؤلاء خبرات كبيرة بسبب عزفهم في أهم المسارح و"مسابقات الروك" العالمية، هذا قبل الانتشار الكبير لهذه الموسيقى في بيروت لاحقا (يقال أن إلغاء حفل لرولينغ ستونز في بيروت في إحدى المرات أدى إلى مظاهرات وحرق إطارات).
أكثر الفرق التي يتردد اسمها اليوم هي The Sea-Ders التي عرفت أيضاً تحت اسم Top Five قبل سفرها إلى بريطانيا، والاسم يبيّن وظيفتها الأساسية: أداء الأغاني المعروفة بطريقة أقرب إلى النسخ، وقد سميت أيضاً "بيتلز لبنان". تأثرت الفرقة بعدد من الفرق في البداية (1962) وفق موقع Revolver الذي ينقل عن عازف الدرامز زهير ترمش "إلفيس بريسلي، كليف ريتشارد، ذا شادوز (افتتحت الفرقة أحد حفلاتها في لبنان)، بول آنكا، وجوني هوليداي الذي ألغى إحدى حفلاته كمال جنبلاط في العام 1963 لأنه "لا يناسب أخلاقيات مجتمعاتنا". لكن مع تقدم الزمن وتطور المشهد العالمي، أصبح التأثير على الفرقة أقرب إلى ذا بيردز، ذا موف، ذا آتاك، رولينغ ستونز، ذا كينكس، ذا غرايتفول ديد، بوب ديلان، والبيتلز طبعاً.
تألفت "ذا سيدرز" بالإضافة لترمش من آلبير حداد (ليد غيتار)، جو شحادة (ريذم غيتار)، ريمون عازوري (باص). تعرّف هؤلاء على بعضهم في متجر تشيكو للإسطوانات (خاتشيغ مارديريان) الذي كان يساهم أيضاً في تنظيم حفلات الـDJs في عدد من الجامعات والمدارس، وكان بفضل علاقته مع مضيفة طيران في شركة الميدل إيست، يؤمن آخر الإصدارات الموسيقية بشكل أسبوعي. عزفت الفرقة في سبورتينغ ، لونغ بيتش، AUB، كازينو لبنان، بالإضافة لأمكنة غير تقليدية مثل سينما في جبيل وأخرى في الحمرا قبل وبعد عرض فيلم A Hard Day’s Night عن البيتلز.
يخبر زهير ترمش أنه عانى كثيرا في البداية لأن مجتمعه لم يتقبل اختياره هذا الطريق. يقول لريفولفر: "ينقسم البلد إلى قسمين، المسلمين والمسيحيين. إن كنت مسيحياً، لن تعاني كثيراً في حال قررت عزف هذه الموسيقى، بعكس ما كان يحصل في المجتمعات المسلمة، حيث ستتلقى العديد من الشتائم والتعليقات المسيئة لأنك تتخلى وفق الناس عن ثقافتك الشرقية".
بعد انطلاق شهرة الفرقة بفضل ألبوم Thanks a lot الذي صدر عن The Symbol وسجل في ستديو بعلبك، سافرت الفرقة بمساعدة مديرها الجديد ريتشارد هاوس، الى بريطانيا واعادت اصدار الألبوم مع أحد أهم شركات الإنتاج هناك Decca Records. تحول إسم الفرقة إلى ذا سيدرز عوضاً عن Top Five كإحالة إلى هويتها اللبنانية، وعزفت لمدة 6 أشهر في أحد الأندية الليلية، مستعملة شعار No british band sounds like a lebanese one (لا يوجد فرقة بريطانية بصوت لبناني)، وقد أثارت الانتباه في البداية حيث أتى لمشاهدتها أشخاص معروفون في المجال، لكن تراجعت لاحقاً. أول أغنية أطلقتها شركة الإنتاج في بريطانيا كانت For your Information، لكنها لم تصل إلى "القوائم"، ثم تبعتها بألبوم من 8 أغاني، لم يحقق أي نجاح أيضاً.
عانت الفرقة في بريطانيا من التعليب الثقافي، ويعيد زهير ترمش سبب فشلها إلى طلب مدير Decca Records إعطاء طابع شرقي لموسيقاهم، فأجبرت الفرقة على زيادة آلة البزق، لكن هذه الخطوة وفقه ستبعدهم عن هويتهم الأصلية وعن التطور الذي يفترض أن تأخذه الفرقة تماشياً مع ما كان يحصل في مشهد الروك العالمي: "كان يجب علينا أن نستكشف أمكنة أخرى مثل الجاز فيوجن، هيفي روك، وهيفي ميتال، وهو التطور المنطقي بعد البيتلز. وهذا ما فعلته فرق أخرى كانت ناشطة في أوروبا خلال الفترة نفسها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها