الإثنين 2018/07/30

آخر تحديث: 12:29 (بيروت)

"حمرة": مسرحية أم تجهيز فني؟

الإثنين 2018/07/30
increase حجم الخط decrease
قدمت مجموعة من اللاجئات السوريات (من مخيمَي الرحمة والعودة في البقاع) واللواتي تعود أصولهن إلى مناطق مختلفة في سوريا، مسرحية تحت عنوان "حمرة"، وهي من كتابتهن وإخراج سارة الزين، وذلك في "دار النمر" في بيروت بعدما عرضت سابقاً في البقاع. 


تتحدث المسرحية عن مجموعة من النساء اللاجئات، اللواتي ينتظرن الباص لأخذهن إلى مكان غير معروف، وخلال انتظارهن يخبرن قصصاً تولد بعضها بعضاً "كأنهن في جلسة قهوة في أحد بيوت المخيم"، وتضيء على بعض أوجه الحياة الإجتماعية في المخيمات بما تحويه من تفاصيل عن حياة النساء اليومية، أحلامهن، والصعاب التي تمر عليهن مع تغير البنى الإجتماعية ومفاهيم الزواج والحب والعلاقات، في مكان مكتظ وفقير تشغل فيه المرأة موقعاً ضعيفاً من الناحية الإجتماعية والإقتصادية، يجعلها عرضة للإستغلال والإبتزاز والزواج المبكر.

المسرحية من إنتاج جمعية "العمل للأمل" التي تهدف إلى تقديم "برامج الإغاثة والتنمية الثقافية التي تلبي الإحتياجات الإجتماعية والثقافية والنفسية للمجتمعات المنكوبة والمهمشة". الإغاثة الثقافية هنا هي عبارة عن دورات محو أمية، تأهيل درامي، وكتابة إبداعية، أدت جميعها إلى اكتمال نص مسرحي متواضع وضعته سارة الزين في قالب إخراجي وفني.

وبما أنه من غير الممكن خلق ممثلات محترفات وكاتبات نصوص مسرحية جيدة في أشهر قليلة، يجد المشاهد نفسه مجبراً على عدم مطالبة الممثلات خلال العرض بمستوى معين، والإكتفاء بتأديتهن أدوارهن الحقيقية كنساء لاجئات يعشن المعاناة والإضطراب الإجتماعي الذي خلقته الحرب، وذلك في سياق "خط درامي واضح وبسيط يلائمهن، ولم يقم أحد بإسقاطه عليهن" كما تقول مخرجة العمل، حيث يخبرن فيه قصصاً حصلت فعلاً، وكنّ قد روينها خلال ورش الكتابة.

طبعاً النص ليس نتيجة جهد النساء لوحدهن حتى لو استُعمل كلامهن، فكما هو واضح أن القصص المطروحة انتقيت لتكون مناسبة لثيمات معينة تتطابق مع أجندات المجتمع المدني حول الهجرة والزواج المبكر وانتهاك حقوق المرأة ما يبدو واضحاً منذ المشهد الإفتتاحي الذي توجه فيه احدى الشخصيات خطاباً لابنتها القاصر، تدعوها لمسامحتها على الخطأ الذي اقترفته بتزويجها صغيرة، وتناشدها الإهتمام بأولادها عوضاً عن اللعبة التي تحملها بيدها. 

لذلك خلال مشاهدة المسرحية التي تنحو في النهاية إلى الخطابية، بأداء بدائي يجعلها أقرب إلى المسرحيات المدرسية، تتبادر إلى الذهن أفكار مختلطة ومتناقضة حول طبيعة هذا النوع من العروض التي تتكرر كل فترة، وتقدم لاجئات من النساء أو الأطفال حصراً يكتفون بإثبات أنفسهم كلاجئين حقيقيين أمام الجمهور! وتقع في مكان غير واضح بين المسرحية التي يفترض أن تؤدي ممثلاتها أدواراً وتنسج عالماً مستقلاً، وبين التجهيز الفني الذي يكتفي بالتدخل في المكان وإضافة عناصر جديدة عليه، خصوصاً أنها تقدم في مركز فني مخصص للفنون المعاصرة، ويتطلب في العادة مستوى فنياً واحترافياً عالياً، لا ينطبق عليها. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها