الخميس 2022/01/13

آخر تحديث: 15:20 (بيروت)

الأسد في مبادرة "الحزام والطريق"..الصين أبعد مما تبدو

الخميس 2022/01/13
الأسد في مبادرة "الحزام والطريق"..الصين أبعد مما تبدو
increase حجم الخط decrease
يبدو أن الوقت مبكر للحديث عن مفاعيل قريبة لمذكرة التفاهم التي وقعها النظام السوري مع الصين في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، فالمبادرة الصينية لا زالت في طور النظرة الاستراتيجية التي تسعى بكين إلى تحقيقها.

وحسب وكالة إعلام النظام السوري (سانا)، وقع رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي فادي الخليل، والسفير الصيني فنغ بياو، الأربعاء في دمشق، مذكرة تفاهم "الحزام والطريق".

وكعادته عند كل مستجد، لم يفوّت النظام هذه الفرصة للترويج لتعافي البلاد من آثار الحرب، حيث اعتبرت وسائل إعلامه أن "المذكرة  تفتح الآفاق الواسعة للتعاون مع الصين وعدد من الدول الشريكة بالمبادرة في مجالات عديدة، منها تبادل السلع والتكنولوجيا ورؤوس الأموال، وتنشيط حركة الأفراد (الطريق البري)".

أما الكاتب أسامة دنورة الموالي للنظام، فوصف المذكرة ب"بداية مرحلة جديدة في العلاقات السورية-الصينية"، معتبراً أنها تمثل نقلة من الواقع الحالي للتعاون الاقتصادي المحدود مع الصين، الى مستوى يمكن البناء عليه للارتقاء بصورة منهجية نحو الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في المجال الاقتصادي.

وأول ما يمكن التطرق إليه عند الحديث عن المذكرة، أن انضمام النظام إلى مبادرة (الحزام والطريق) التي أطلقتها الصين رسمياً في العام 2015، لا يعني تحقيق مكاسب في المدى القريب والمتوسط، بسبب عدم شروع بكين للآن في تنفيذ هذا المشروع الضخم والطموح الذي يسعى إلى ضخ أموال طائلة لتطوير البنى التحتية للدول (أكثر من 70 بلداً) الواقعة على "طريق الحرير" البري القديم، إلى جانب الخط البحري.

وفي هذا الإطار، يقول الباحث والأستاذ في "جامعة العلوم والتكنولوجيا" بمدينة نانجينغ الصينية الدكتور رامي بدوي إن سوريا تقع على طريق الحرير البري، والصين تتطلع فعلاً إلى ضم سوريا إلى هذا المشروع من دون النظر إلى الطرف الذي يحكم البلاد، والحالة الإجرامية بحق الشعب التي ارتكبها النظام الحاكم.

ويضيف ل"المدن"، أن الصين تنظر إلى الجغرافيا، وتتطلع إلى أن يكون هناك آفاق تعاون اقتصادي بين الدول التي ستربطها شبكة طرق وعلاقات اقتصادية، ويستدرك: "لكن مدى تجاوب هذه الدول يختلف حسب الظروف السياسية المحلية".

ويوضح بدوي أن الصين تتعامل مع "الدولة" السورية، دون التركيز على ما يجري في الساحة الداخلية من ثورة، مشيراً إلى تصويت الصين مع قرار مجلس الأمن رقم 2254 حول سوريا، وهو ما يلزمها بتطبيق ودعم القرار.

وعن مدى استفادة النظام السوري من الانضمام إلى المبادرة، يقول الباحث: "المبادرة دولية، تهدف إلى تطوير العلاقات الدولية بين الشعوب التي تقع على امتداد طريق الحرير القديم، من الصين إلى أوروبا، وفي حال ربط هذه الدول ببعضها بطرق مواصلات وسكك حديد، فإن من شأن ذلك تسهيل نقل البضائع والمساعدة على التنمية الاقتصادية، واستقرار هذه الدول"، ما يعني أن "المبادرة مفيدة لسوريا الدولة على المدى البعيد، رغم اعتقادنا باستحالة استدامة النظام في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية".

وبما يخص العقوبات الأميركية والغربية المفروضة على النظام السوري والانضمام للمبادرة، يقول بدوي: "باعتقادي ليس هناك أي تعارض، لأن هذه المبادرة لن يكون لها أي صدى مباشر، وإنما هي نظرة مستقبلية تسعى الصين لتحقيقها".

دفع إيراني؟
في المقابل، يلفت المشرف العام في "المرصد الاستراتيجي" الدكتور بشير زين العابدين في حديث ل"المدن"، إلى دور إيراني وراء توقيع النظام على مذكرة التفاهم مع الصين. ويقول: "تريد إيران دفع الصين إلى الدخول اقتصادياً في سوريا، بسبب انزعاج طهران من احتكار موسكو للثروات السورية، بحيث يبدو أن هناك حالة من التكامل الصيني-الإيراني على الاستحواذ على مقدرات سوريا".

ويضيف زين العابدين أن توجه إيران يتقاطع مع مصلحة النظام الذي يبدو واضحاً أنه يندفع نحو الصين في المجال الاقتصادي، وذلك لإدخالها لاعباً جديداً في المعادلة السورية، بعد امتناع الأطراف الخليجية والاتحاد الأوروبي عن تقديم الأموال لبدء مرحلة إعادة الإعمار، مبيناً أن "النظام يوظف دخول الصين القوية للاستثمار في سوريا، في إطار دعايات انتهاء الحرب، والبدء بمرحلة البناء".

لكن، بحسب الباحث، فإن كل هذه المشاريع لم تخرج عن إطار التفاهمات والأوراق، ويضيف أن "آفاق تحقيق هذه المبادرة بعيدة المدى، وخصوصاً أن المشروع الصيني يحتاج لسنوات طويلة حتى يخرج إلى حيز التنفيذ".

في المحصلة، لا يخرج انضمام النظام السوري إلى المبادرة عن المبدأ الذي اعتمده النظام في بداية اندلاع الثورة ضده، أي "مبدأ التوجه إلى الشرق"، بعيداً عن الغرب.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها