بالفيديو: منصات إلكترونية حزبية لتوزيع البنزين.. وباء الأزمات ونجومها

حسين سعد
الأحد   2021/07/04
استلهام المنصة الإلكترونية المعتمدة في تنظيم التلقيح ضد وباء كورونا (مصطفى جمال الدين)
أنهكت أزمة البنزين اللبنانيين في حياتهم وحاجاتهم اليومية الضرورية، فيما هم يتأرجحون متعلقين بحبال هواء وعود المسؤولين والشركات بإحداث ثقب في الأزمة. وهذا لم يتحقق حتى اليوم، رغم رفع الدعم الجزئي عن البنزين والمازوت والغاز.

الدواء بالداء ومنصّة
وبعدما أصبح الجميع مقتنع بدوام الأزمة وتزايد طوابير السيارات، بدأت تظهر بعض المبادرات الأهلية والبلدية للمساعدة في التخفيف من زحمة الطوابير. وأولى هذه الخطوات العملية على مستوى الجنوب، انطلقت من بلدة البرج الشمالي، شرق مدينة صور، التي يقطن في نطاقها العقاري نحو خمسين ألف نسمة، بينهم ما يقارب عشرين ألف لاجيء فلسطيني، معظمهم مقيم في مخيم البرج الشمالي، وفيها 13 محطة وقود.


ومع تزايد المشاكل في البلدة وغيرها على المحطات، تعمل لجنة اجتماعية في البلدة - تضم ممثلين عن حركة أمل وحزب الله وفعاليات، بالتعاون مع البلدية - على اجتراح بعض الحلول للأزمة الطويلة المستفحلة.

وبدأت اللجنة بتطبيق آليتها العلاجية للأزمة: أصدارت بياناً دعت فيه كل راغب بالحصول على البنزين، إلى تسجيل اسمه ونوع سيارته ورقمها، والمحطة التي يتعامل معها، على منصة إلكترونية أنشأتها اللجنة لهذه الغاية. ولوحظ أمس عدم تزاحم السيارات المنتظرة أمام محطتي محروقات (سبعيني وشعيتلي) اعتمدتهما خطة اللجنة في هذه المرحلة. ولذا بدأت بلديات أخرى في قضاء صور (طيردبا ومعركة) بوضع خطة مماثلة.

ويوضح رئيس بلدية البرج الشمالي علي ديب قائلاً: كان لا بد من القيام بعمل ما، يرفع الظلم عن الناس الذين يتكبدون العناء أمام المحطات. ويوضح أن الانطلاقة لم تكن سهلة، لكن مع مرور الوقت تُذلل العقبات، ويصبح الوضع أكثر ملاءمة. ودعا البلديات الأخرى إلى اتخاذ خطوة مماثلة، لتخفيف الضغط عن محطات معينة في المنطقة.

ويؤكد نائب رئيس البلدية علي مناع أن عدد المحطات التي تشملها هذه المرحلة محطات أربع في البرج الشمالي، وبدأ العمل في اثنتين، وجاءت البداية جيدة. ويضيف: هناك إقبال كبير على المنصة، ولغاية يوم السبت سجل 3 آلاف طلب، بينهم أشخاص من خارج البلدة.

وعن آلية تعبئة البنزين للمواطنين من المحطات المعتمدة والمتجاوبة مع الخطوة، أشار مناع إلى أن من تسجل على المنصة، يتلقى رسالة نصية تدعوه إلى تسلم البطاقة الخاصة من البلدية الممهورة بختم اللجنة، وتليها رسالة يحدد فيها توقيت التوجه إلى المحطة للتزود بالمحروقات.

الحرب واحزابها
هناك من يتذكر من الأهالي المعمرين حقبة الحرب الأهلية، حينما سيطرت أحزاب الحركة الوطنية المسلحة إلى جانب المنظمات الفلسطينية، وراحت تعالج الأزمات المعيشية، من شح الطحين والمحروقات والعمل على استيرادها، بتشكيل لجان حزبية تشرف على توزيع هذه المواد الضرورية على الأهالي. من دون أن يخلو ذلك من مشاكل كثيرة، لا سيما عمل تلك اللجان الحزبية على التلاعب بالوزيع على مواليها ومحاسيبها والمقربين منها.

والفرق بين تلك الحقبة واليوم هو وجود شبكات التواصل الإلكتروني ومنصاته التي لم تكن متوافرة في سني الحروب الأهلية. وقد عمل المسيطرون والمنظمون الحزبيون اليوم على استلهام المنصة الإلكترونية المعتمدة في تنظيم التلقيح ضد وباء كورونا. ولم تكن متوافرة أيضاً إذاعة البيانات والخطب الحزبية مصورة بالفيديو وبثها على منصات التواصل الاجتماعي. وكان يُكتفى آنذاك بتوزيع بيانات ومنشورات ورقية توزع على الناس في الشوارع.
أما اليوم فيجلس رئيس البلدية وراء مكتبه في بلديته، قبالة عدسة كاميرا تصوره متحدثاً شارحاً للأهالي آليات توزيع "الإعاشات" المدفوعة الثمن. ثم يبث الشريط المصور على شبكات التواصل، فينتشر انتشاراً كاسحاً، فيما يصبح الشخص المصور نجماً في منطقته وبين أهله الذين يدعون له باليمن والبركات والنصر في المعارك المصيرية التي يخوضونها ويتخبطون فيها منذ دهور.