لبنان حائر بملف اللجوء السوري: العودة لخطة شرف الدين!

جنى الدهيبي
الجمعة   2024/04/26
احتمال منح لبنان "إغراءات" مالية أوروبية، أشبه بالرشى، لإبقاء اللاجئين (Getty)

تمكنت القوى السياسية، ومعها حكومة تصريف الأعمال، من إعادة ملف اللجوء السوري إلى الواجهة كمسبب وحيد للأزمة في لبنان. وبعد أسابيع من خطاب تحريضي وعنصري قاده حزب القوات اللبنانية هذه المرة، وانعكس عنفًا واضطرابًا في الشارع، تسعى حكومة نجيب ميقاتي إلى إحياء خطة عودة اللاجئين إلى سوريا، رغم مصيرها المحكوم بالفشل.

قبرص وأوروبا
في هذه الأثناء، يترقب لبنان الأسبوع المقبل، الزيارة الثانية والمتوقعة لرئيس قبرص نيكوس خريستودوليسدس، برفقة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. ومن المرجح أن يكون عنوان هذه الزيارة، كيفية التصدي لقوارب الهجرة غير النظامية، التي تحمل على متنها مئات السوريين في طريقهم إلى الجزيرة القبرصية (راجع المدن).

وذلك، مقابل تكريس الموقف الأوروبي السلبي من عودة السوريين إلى سوريا وفقًا للخطة اللبنانية، مع احتمال منح لبنان "إغراءات" مالية أشبه بالرشى، بمئات ملايين الدولارات، لمواصلة استقبال اللاجئين، من دون تقديم أي أفق وحلول لمعالجة أزمة اللجوء.

خطة شرف الدين
على مدار عامين، تخبطت حكومة تصريف الأعمال في إدارة ملف اللجوء السوري، حيث تسبب سلوك ميقاتي بتفجير الخلافات بين وزرائه، وتحديدًا بين وزراء الخارجية والمهجرين والشؤون الاجتماعية. بينما كان ميقاتي يحمل ملف اللجوء السوري ذريعة لاعتلاء المنابر الدولية ولمطالبة الدول بمساعدة لبنان وحكومته.  

في 23 تشرين الأول 2023، أي بعد نحو أسبوعين من اشتعال جبهة المساندة في الجنوب اللبناني، زار وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، دمشق، لبحث ملف اللاجئين السوريين، على رأس وفد رسمي شكلته الحكومة. وذلك بعد أشهر من زيارة قام بها وزير المهجرين عصام شرف الدين إلى دمشق، وأثارت خلافًا داخل الحكومة.

لكن، يبدو أن حكومة ميقاتي تعود اليوم إلى خطة شرف الدين، الذي سبق أن فشلت مع الأمن العام في تطبيقها. علمًا أن هذه الخطة، لم تشاركها الحكومة حتى الآن، مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ي لبنان.

يقول شرف الدين لـ"المدن"، بأنه لا يوجد خطة جديدة للحكومة لعودة اللاجئين السوريين، بل إعادة لإحياء خطة وزارته، التي واجهت اعتراضًا واسعًا في السابق. وحسب الوزير، فإن خطة وزارته، هي الوحيدة القابلة للتطبيق، لأنها تعتمد برأيه، على عودة تدريجية لأعداد مقبولة، "ضمن القدرة الاستيعابية للدولة السورية ووضعها الاقتصادي الصعب في هذا الوقت".

ويغمز من قناة لوم ميقاتي وزملائه الوزراء بالقول: "لو بدأنا بتنفيذ خطتي منذ عامين وشهرين، مع قبول الجانب السوري أن يكون الفوج الأول من قافلة العائدين 180 ألفاً، كان قد عاد إلى سوريا حتى الآن، 520 ألف لاجئ".

ويعقب الوزير قائلًا: "للأسف كان التأخير من جانبنا، لأنه لم يكن هناك قرار سياسي ولم نستطع إطلاق سوى قافلتين. والآن أُعيد تكليف وزارة المهجرين بتسيير القوافل، ونحن سلمنا لوائح للأمن العام اللبناني، والأخير سلم بدوره اللوائح للأمن الوطني السوري، بانتظار تسيير قافلتين في وقت لاحق".

لم يوضح الوزير آلية عملية لتنفيذ خطة وزارته، ولا كيفية جذب عشرات آلاف السوريين إلى قوافل وزارته مع الأمن العام، مع إقرار الحكومة أن معظم السوريين في لبنان، لا يملكون إقامات شرعية. إضافة إلى إغفال حقيقة الموقف السوري، لا سيما أن النظام لم يبد يومًا، أي رغبة حقيقية ورسمية، باستقبال قوافل العائدين من لبنان، ولم يعط الضمانات اللازمة حول سلامة العائدين.

وبالعودة إلى خطة شرف الدين، فهي سبق أن تناولت ملف مكتومي القيد السوريين، الذين ولدوا في لبنان، وملف الخدمة العسكرية السورية. كما تقوم الخطة على اقتراح عودة 180 ألف لاجئ كل دفعة، إلى القرى السورية، وتحديدًا لما يسمى باللاجئين الاقتصاديين، حيث جرى تجهيز أكثر من 480 مركز إيواء لتأمين تنفيذ الخطة، حسب ما أعلن شرف الدين العام الماضي، رغم عدم وجود أي معلومات حسية وميدانية حول مراكز الإيواء.

مؤتمر بروكسل
توازيًا، تعمل الحكومة على صياغة اقتراحاتها المرتبطة بملف اللجوء السوري والعودة إلى سوريا، لعرضها في مؤتمر بروكسيل الثامن حول مستقبل سوريا والمنطقة في أيار المقبل. وتتحدث المعطيات عن مسعى حكومي لمطالبة الدول الغربية والجهات المانحة في بروكسل، لمنح حوافز مالية للعائدين من لبنان إلى سوريا. علمًا أن موقف الاتحاد الأوروبي ومعه الولايات المتحدة الأميركية، لم يشهد أي تغيير إيجابي تجاه مقاربة لبنان للملف.

تصاعد القمع؟
في المقابل، أصدرت هيومن رايتس ووتش، أمس الخميس، تقريرًا تحدثت فيها تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان.

وقالت المنظمة: "زاد الوزراء والمسؤولون السياسيون اللبنانيون دعواتهم إلى عودة السوريين في لبنان منذ مقتل مسؤول محلي في حزب سياسي في 7 نيسان 2024 على يد مجموعة من السوريين، ما تسبب في تأجيج العنف المستمر ضد السوريين. وفي نيسان، أفادت تقارير عن تعرّض سوريين في لبنان للضرب ومطالبتهم في جميع أنحاء لبنان بالرحيل من منازلهم..".