عصابة اغتصاب الأطفال وتصويرهم: تفاصيل مروعة والضحايا بالمئات

فرح منصور
الخميس   2024/05/02
تمكنت الأجهزة الأمنية من توقيف 6 أشخاص من العصابة من أصل 30 شخصًا (Getty)

منذ حوالى الشهر، استدرجت عصابة عبر تطبيق "التيك توك" مجموعة كبيرة من الأطفال إلى أحد الشاليهات في منطقة جبل لبنان، لحضور حفلة خاصة. وبعد وصول الأطفال تباعًا، وُزّعت عليهم ألواح من الشوكولا وأكواب من العصير الطبيعي (تبين لاحقًا أنها مواد مخدرة). وبعد ظهور عوارض الدوران والتخدير على الأطفال، بدأت العصابة باغتصابهم وتصويرهم بغية إبتزازهم وإجبارهم على مساعدتهم لاستدراج العدد الأكبر من الأطفال فيما بعد.

شكوى قضائية
بعد انتهاء الحفلة، باح أحد الأطفال (15 عامًا) أمام عائلته بواقعة استدراجه واغتصابه، إثر تعرضه لنزيف خارجي ناتج عن عملية اغتصابه. انهارت العائلة، ولجأت إلى المحامي محمد هولو زعيتر، الذي بدأ بتجميع الأدلة، ومن ثم تقدم بشكوى قضائية أمام النيابة العامة في بعبدا، لتباشر الأجهزة الأمنية المختصة متابعة هذه القضية.

ونتيجة التوسع بالتحقيقات، تبين أن العصابة تتألف من 30 شخصًا على الأقل، وهم عبارة عن مجموعة تضم أشهر "التيك توكر" في لبنان، المعروفين على وسائل التواصل الاجتماعي، والذين يمتلكون متاجر للألبسة وصالونات لتصفيف الشعر وغيرها. وسبق أن قاموا بالترويج والتسويق لمحلاتهم على "التيك توك". كما قدموا الكثير من الهدايا للأطفال من محلاتهم.

مراحل استدراج الأطفال
في حديث خاص لـ"المدن"، أوضحت مصادر قضائية رفيعة أن العصابة تشكلت منذ سنوات، وبدأ أفراد هذه العصابة بالتعرف على بعضهم البعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وحصلوا على تمويل خارجي مرتفع جدًا للغايات الجرمية. فغاية هذه العصابة هي استدراج الأطفال والاعتداء عليهم وتصويرهم. وتوزعت المهام على أفراد العصابة، حيث أن مجموعة صغيرة من "التيك توكر" تبدأ باستدراج الأطفال من خلال توفير لهم فرص عمل برواتب مرتفعة، أو من خلال شابات جميلات يحاولن الإيقاع بالمراهقين منهم، أو من خلال تقديم الهدايا والأموال لهم، ومن ثم تبدأ المجموعة الثانية بالتخطيط والتجهيز للحفلة الخاصة داخل أحد الشاليهات، ويطلب من الأطفال حضور هذه الحفلة. أما المجموعة الثالثة فتتولى تجهيز الكاميرات لتصوير الأطفال خلال اغتصابهم وأثناء تناولهم للمخدرات، لتبدأ عملية إبتزازهم والتعرض لهم، إضافة إلى إقناعهم بأن أفراد العصابة على علاقة قوية جدًا بالأجهزة الأمنية، ويتمتعون بحماية خاصة، وذلك لمنعهم من اللجوء للأجهزة الأمنية أو القضاء اللبناني.  

تمويل خارجي
وحسب معلومات خاصة لـ"المدن"، فإن عدد إفادات الأطفال يرتفع بشكل يومي. فبعد تسريب تفاصيل هذه القضية وانكشافها، تشجّع الأطفال الضحايا على الاعتراف أمام عائلاتهم، وقدموا إفاداتهم أمام القضاء، فوصل عدد الإفادات حتى الآن إلى أكثر من 12.

ووفقًا للمصادر القضائية الرفيعة، فإن الأجهزة الأمنية تمكنت من توقيف 6 أشخاص من العصابة من أصل 30 شخصًا. ويتم التوسع بالتحقيق بهدف الوصول إلى معلومات تتعلق أيضاً بالعصابة المتواجدة خارج الأراضي اللبنانية. علمًا أن المجموعة استخدمت أسماءً وهمية، وهي متوزعة بين جبل لبنان وبيروت. لذلك تحتاج هذه القضية إلى أسابيع إضافية ليتم إلقاء القبض على جميع أفرادها.

وحسب معلومات خاصة لـ"المدن"، فإن العصابة ممولة من رجل لبناني يقيم في دبي، وهو المسؤول عن تمويل العصابة بشكل دوري، لاستدراج الأطفال وتحضير الحفلات الخاصة.

كما ولفتت المصادر إلى أن خطورة هذه القضية تكمن في أن عدد الضحايا لم يُحدد بعد، ولكنه مرتفع جدًا. وحسب إفادة أحد الأطفال، فإن "الشاليه كان مليئًا بالأطفال وكانوا بلباسهم الداخلي فقط". ما يعني أن جميع الأطفال تعرضوا للاغتصاب وللتصوير. وحسب الإفادات التي قدمت أمام القضاء اللبناني، فإن العدد الأكبر من الأطفال أجبروا على العمل لصالح العصابة. أما أولئك الذين رفضوا التعاون مع العصابة، فقد تعرضوا بعد فترة قصيرة للضرب وسُرق هاتفهم المحمول لمنعهم من التداول بتفاصيل الحفلة.

إبتزاز متواصل
هذا وعلمت "المدن" أن كاميرات المراقبة وزعت في جميع زوايا الشاليه، وبعد اغتصاب الأطفال، كشفت العصابة أمام الأطفال أن كاميرات المراقبة قامت بتوثيق جميع تفاصيل هذه الحفلة.  

عمليًا، حددت الأجهزة الأمنية سبعة أماكن استخدمتها العصابة لاستدراج الأطفال واغتصابهم. وهي عبارة عن شاليهات كبيرة مؤلفة من عدة طوابق ومتوزعة بين بيروت وجبل لبنان. وحسب معلومات "المدن"، فإن أحد هذه الأماكن الموجود في بيروت أقفل منذ حوالى السنتين. ما يعني أن هذه العصابة تمارس هذه الأعمال منذ سنوات طويلة من دون أن يتم الكشف عنها. وأخطر ما في هذه القضية، هو احتمال تمكن العصابة من استدراج المئات من الأطفال طيلة السنوات الماضية.

اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بات ملحًا تطبيق القوانين الصارمة ومعاقبة كل من شارك باستغلال الأطفال، لأن التداعيات النفسية ستلاحقهم لسنوات طويلة. ومن الضروري اليوم فرض الرقابة على محتوى ومضمون "التيك توك"، إلى جانب نشر حملات توعوية للأطفال وتوفير المساحة الآمنة للاعتراف بهكذا تفاصيل.