دعوات شعبية وسياسية لإقالة نهرا "الحاقد" على طرابلس

جنى الدهيبي
الخميس   2021/02/25
"مصالحة مدينة طرابلس مع الدولة اللبنانية يبدأ بتغيير المحافظ" (الأرشيف)

بعد أن كشفت "المدن" مساء الأربعاء عن خلافٍ كبيرٍ نشب بين رئيس بلدية طرابلس رياض يمق ومحافظ الشمال رمزي نهرا، داخل مكتب الأخير في السرايا، حين حاول المحافظ إجراء "تحقيق" مع رئيس البلدية على خلفية أحداث أطرابلس، انتهى بمواجهة كلامية حادة حاول فيها نهرا توجيه الإهانات ليمق (راجع "المدن").. تبين اليوم، حسب المعلومات، أن يمق حين توجه منفردًا إلى مكتب نهرا بداعي التحقيق، لم يصطحب معه محامٍ أو أي أحد من أعضاء البلدية، باعتبار أن هذا التحقيق إداري وليس جزائياً، ويندرج تحت إطار أخذ الأقوال. وبعد أن توجه نهرا بأسئلة ليمق حول ملابسات إحراق البلدية، قام الأخير بتصوير محضر النقاش، احتفاظًا بحق أخذ نسخة عن أقواله المدونة، لكن الأمر أثار غضب المحافظ، فعلا صراخه، وحاول إجبار يمق على مسح الصور، وحين رفض ذلك، طلب المحافظ من أحد مرافقيه الحضور، تلميحًا بالتهديد لدفع يمق إلى حذف الصور، ثم طلب من مرافقين وعناصر آخرين الحضور أيضًا، وقال ما معناه "لا يمكنك أن تخرج من دون أن تحذف الصور"، ومع ذلك بقي يمق مصرًا على عدم حذفها، متوعدًا بالتصعيد، ضد ما وصفه البعض بـ"سلوك ميلشياوي واستقوائي يمارسه المحافظ".

واستكمالاً للإشكال، اجتمع مساء اليوم الخميس المجلس البلدي، بجلسة طارئة كان قد دعا إليها مسبقًا الرئيس يمق لإقرار بنود مالية، وقد حضر الجلسة 13 عضوًا من أصل 22 عضواً، فتحقق نصابها.  

لكن التطور اللافت، وفق معلومات "المدن"، أنه بعد طرح الإشكال الذي وقع بين يمق ونهرا، من خارج جدول الأعمال، جرت مناقشته. وعندما طُرحت فكرة "رفع دعوى جزائية على المحافظ بحجز حرية يمق وتهديد"، سارع اثنان من الأعضاء للانسحاب، ولوّح آخر بالإنسحاب أيضاً، لفرط نصاب الجلسة، اعتراضاً على رفع دعوى باسم البلدية، نتيجة خلافاتهم السابقة مع يمق.  
وعليه، لم يتحقق مسعى يمق برفع دعوى باسم المجلس ضد المحافظ، تدعيمًا لموقفه. وقد يكتفي بصفته الشخصية بالدعوى كرئيس للبلدية.  

تبريرات نهرا  
وصباح الخميس، أصدر نهرا بيانًا توضيحيًا جاء فيه "ردًا على الافتراءات والأضاليل التي يسوقها البعض.. يهم مكتب المحافظ نهرا أن يبين الحقيقة الآتية: تم استدعاء رئيس البلدية للتحقيق معه حول الموضوع اعلاه (حريق البلدية) بناء على طلب وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، وأثناء توقيعه على أقواله، عمد إلى مغافلة المحافظ وتصوير أجزاء من محضر التحقيق، الأمر غير الجائز قانوناً. فتم الطلب منه بمسح الصور عن هاتفه، فأبدى امتعاضاً وأثار جدالاً في غير مكانه. ولم يقم أحد من الحراس بمحاولة انتزاع هاتفه أو لمسه أو توجيه أي كلام إليه، وتم تخييره ما بين مسح تلك الصور أو تدوين الواقعة في المحضر. فاختار تدوينها". وقال: "يهم مكتب المحافظ نهرا أن يوضح أن التحقيق مع رئيس البلدية حصل وفقاً للقوانين والأخلاقيات الواجبة والأنظمة المرعية".  

"تمرد" يمق  
لكن توضيح نهرا، لم يسعفه للجم حالة الغضب في طرابلس، إذ أكد يمق لـ"المدن" رواية  تهديده بمكتب المحافظ، وطالب أن يستعرض كاميراته لعرض ما حصل بمكتبه وحضور الموظفين إن كان واثقًا من نفسه. 
وقدّم يمق صباح الخميس كتابًا لكل من رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، ووزير الداخلية، يتضمن ما جرى بينه وبين نهرا، وذلك بعد أن نسق مع نقابة المحامين في طرابلس حول فحوى الشكوى ضد المحافظ.  

وعقد يمق مؤتمرًا صحافيًا في قاعة مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي (نوفل)، الخميس، وحضر ناشطون مدنيون إلى الباحة تضامنًا مع يمق، ورفعوا الشعارات ضد المحافظ وطالبوا بإقالته و"كفّ يده عن بلديات طرابلس والشمال"، معتبرًا أن "لدى المحافظ نوايا مبيتة وعدوانية تجاه طرابلس وأهلها ونحتفظ بحقنا بالدعوى الجزائية ضده".  

ولفت يمق أن "محافظ الشمال تصرف بالطريقة المعيبة مع الرئيس السابق أحمد قمر الدين، كما حاول ابتزاز رئيس بلدية الميناء عبد القادر علم الدين، ومع الإعلامي عبد الكريم فياض عام 2017 عندما هدده ورفع عليه عصا مجهزة بمسامير، ما يؤكد أن لدى محافظ الشمال نوايا مبيتة وعدوانية تجاه طرابلس وأهلها".  

ردود شاجبة  
ولم تتوقف بيانات الشجب وردود الفعل ضد المحافظ نهرا، الذي يحفل تاريخ علاقته مع طرابلس بكثير من المواقف المريبة التي تعكس عدم شفافيته، لتكشف كل أزمة حجم النقمة الشعبية عليه. وهو ما جعله أحد أبرز رموز السلطة التي يطالب أبناء المدينة والشمال بإسقاطها.  

من جهته، اتصل رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي بالوزير فهمي شاجبًا ما حصل، ودعا وزير الداخلية إلى فتح تحقيق حول ما جرى بين المحافظ  ويمق، من أجل "اتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على الأصول والأعراف وموقع رئيس بلدية طرابلس، خصوصاً أن رئيس البلدية منتخب من الشعب، ويجب أن يتم التعامل معه على هذا الأساس".  

وصرّح الدكتور خلدون الشريف حول الإشكال، رابطًا إشكال نهرا – يمق بسياق بما حدث أخيرًا، حول "الادعاء بتهمة الإرهاب على موقوفي أحداث شغب طرابلس التي تخللها إحراق مرفوض لبلدية طرابلس والمحكمة الشرعية". 
ورأى الشريف أن "هذه المؤشرات كلّها إنما تأتي لتخويف اللبنانيين وفي محاولة مكشوفة لاستعادة التركيز على صورة نمطية رُسمت لطرابلس منذ زمن طويل لأسباب تآمرية.."، كما دعا وزراء الداخلية والدفاع والعدل والمحكمة العسكرية "إلى تصويب مجموع الأخطاء التي حصلت هذه الفترة بحق المدينة وصورتها من دون إبطاء، خصوصاً وأن أغلبهم يعرف قدر الظلم والافتراء في هذه الاتهامات المجحفة".  

وغرد النائب السابق مصباح الأحدب عبر "تويتر"، أنه "لا يجوز أن يبقى نواب طرابلس "صما بكما عميا" عن وديعة عون وباسيل وعن وقاحته واستخفافه بكرامة أهل المدينة.عليهم أقله مطالبة وزير الداخلية بإزاحة رمزي نهرا عن منصبه فوراً".  

أمّا عضو بلدية طرابلس باسم بخاش، فقد صعّد ضد المحافظ قائلًا "تصرف المحافظ نهرا البارحة بطريقة غير أخلاقية مع رئيس بلدية طرابلس، عندما استدعى 5 عناصر أمن لمنعه من الخروج وأخذ هاتفه الخليوي بعد انتهاء التحقيق الذي أُجري بخصوص إحراق البلدية. فكان حجزًا للريس وتهديدًا له. وهذا التصرف غير مقبول ومعيب بحق المحافظ".  

واستشهد بخاش بتقرير لـ"المدن"، لافتًا "يبدو من الزملاء (السابقين) في بلدية الميناء ومن المقال المُعنون المحافظ نهرا يبتّز رئيسي بلديتي طرابلس والميناء.. بملفات فساد؟ (المنشور في المدن  بتاريخ 27-10-2018) أن المحافظ نهرا مارس الفعل نفسه مع رئيس بلدية الميناء السابق علم الدين". واعتبر أن "مصالحة مدينة طرابلس مع الدولة اللبنانية يبدأ بتغيير المحافظ". 
ودان مجلس نقابة عمال ومستخدمي بلدية طرابلس ما حصل مع يمق، وقال "نحن في دولة مؤسسات ولسنا في دولة عصابات". 
كذلك، اعتبر نقيب السائقين العموميين في الشمال شادي السيد أن "تفويض المحافظ نهرا إجراء التحقيق مع يمق، جاء بشكل ضعيف يفتقر إلى عنصر الفاعلية والمضمون، نظراً للخلافات التي تعصف بين المحافظ والمدينة". 
ورأى "المؤتمر الشعبي اللبناني" في طرابلس أن تكليف "المحافظ المتهم بالتقصير إجراء تحقيق مع رئيس البلدية هو خطأ فادح لأنه لا يجوز أن يسائل المتهم الأول بالتقصير رئيس البلدية".  

نصّ كتاب رئيس البلدية 
ونشر يمق نصّ الكتاب الذي وجهه لكل من دياب وفهمي، وحمل موضوعه عنوان "إعلام بوقوع جرم جزائي من موظف أثناء قيامه بوظيفته". 
ومما ورد في الكتاب نذكر بعض النقاط: "إن ما أقدم عليه المشكو منه، يحط من كرامة الوظيفة والمركز الذي يتبوأه وفيه مخالفة لأحكام قانون البلديات وقانون العقوبات اللبناني، وذلك للأسباب التالية:  

1- إنه من المعلوم لديكم أن رئيس السلطة التنفيذية في بلدية طرابلس بصفته هذه ليس موظفاً حسب قانون الموظفين.  

2- من ناحية ثانية إن التحقيق المُجرى من المشكو منه مع المستدعي هو تحقيق إداري وليس تحقيقاً قضائياً.  

3- إنطلاقا من كون التحقيق هو إداري وأن هناك ضمانات يتمتع بها رئيس بلدية طرابلس الجاري معه التحقيق.. وأهمها حق المواجهة وإعلام المحقق معه بالمخالفة المنسوبة إليه، كما حق الإطلاع على الملف بكامل محتوياته من تحقيقات وأوراق وأدلة إثبات، وذلك حتى يتمكن من تحديد موقفه.. 
وبناء عليه، وطالما أنه يحق له الإطلاع على الملف عند إجراء الملاحقة التأديبية، فأنه وبالاستنتاج والقياس فلا مانع من تصوير التحقيق قبل إجراء الملاحقة.  

4- إنه بكل الأحوال وطالما أن التحقيق إداري وليس قضائياً، فلا نص صريح يمنع التصوير.  

5- إنه على فرض عدم قانونية التصوير، فأنه لايمكن للمشكو منه أن يحاول إزالة آثار هذه المخالفة العفوية الحاصلة من المستدعي، من خلال إرتكابه جرم جزائي منصوص عنه في قانون العقوبات لاسيما المادتين 569 و575.  

6- إننا إذ نضع هذه الوقائع بين أيديكم ملتمسين إجراء تحقيق إداري مع المشكو منه، وعلى ضوء ذلك إتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه.  

7- محتفظون بحقنا بالرغم من هذا الاستدعاء وبمعزل عن نتيجته لناحية تحريك أو عدم تحريك الملاحقة التأديبية بحق المشكو منه، فإننا نحتفظ بحقنا بملاحقته جزائياً بجرائم المواد 569 عقوبات و575 عقوبات".