الاحتفاء بمعرض رشيد كرامي...على لائحة التراث العالمي:الإرث المهدد

جنى الدهيبي
السبت   2024/04/27
اعتبرت مديرة المكتب الإقليمي للأونيسكو كوستانزا فارينا أن المعرض مهدد بالخطر

في مشهد لم يخلُ من الاستثمار السياسي، رعى رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، أمس الجمعة، حفل إزاحة الستارة عن اللوحة التذكارية، لمناسبة إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إدراج معرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس، على لائحة التراث العالمي.

حضرت حشود سياسية، من نواب المدينة ومن وزراء حكومة ميقاتي، إلى جانب المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا ومديرة المكتب الإقليمي للأونيسكو كوستانزا فارينا ورئيس مجلس إدارة المعرض أكرم عويضة.

اعتبرت فارينا المعرض مهدد بالخطر، ويحتاج بصورة عاجلة للترميم والتأهيل. وتسلم ميقاتي مع وزيري الاقتصاد أمين سلامة، والثقافة محمد المرتضى المخطط التوجيهي الذي أعدته اليونيسكو لترميم المعرض، وفقًا للمعايير الدولية ومن دون المس بشكل المباني الخارجية الموجودة ضمن نطاقه.

في حين، تضع جمعية "تراث نيماير" اللمسات الأخيرة على دراسة أعدتها لترميم المسرح الموجود في المعرض، وجمعت حتى الآن نحو ثلث المبلغ المطلوب.

ورغم الدعوات لترميم المعرض، لم تضع الحكومة إلى اليوم خطة للعمل عليها كما لم ترصد له أي تمويل، ولم يبذل يومًا أي مجهود لإنقاذ معرض.


مهدد بالخطر
يأتي هذا التتويج الرسمي لمعرض رشيد كرامي الدولي، بعد أكثر من عام على إعلان لجنة التراث العالمي، في 25 كانون الثاني 2023، إدراج معرض رشيد كرامي الدولي على لائحة التراث العالمي للأونيسكو، وإحالته المباشرة إلى لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، بسبب الأضرار التي لحقت به نتيجة الحرب والأزمات المتتالية، وكانت المندوبة الدائمة للبنان لدى الأونيسكو السفيرة سحر بعاصيري، مشرفة على ذلك.

 بالعودة إلى دافع هذا الإعلان، فقد تم في ربيع 2022، تقديم ملف مؤلف من نحو 300 صفحة، أعدته حينها لجنة معنية بإعداد الملف لتصنيف المعرض عالميًا، وتألف من: نقيب المهندسين السابق في بيروت جاد تابت، المهندس المعماري ورئيس جمعية "تراث نيماير" وسيم ناغي، بالتعاون مع مدير عام الآثار في وزارة الثقافة سركيس خوري، وإدارة معرض رشيد كرامي الدولي.  



معرض نيماير
هذا المعرض الذي صممه المهندس المعماري البرازيلي أوسكار نيماير - أحد أشهر المعماريين في القرن العشرين – سنة 1962، بدأ تنفيذه سنة 1964، وتوقف العمل فيه سنة 1975، أي إبان اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، قبل استكمال تشييده. وفي سنة 1994، انطلقت أعمال ترميم المعرض، ولكن بنوعية رديئة لا تلائم حاجاته الهندسية، ما ضاعف مخاطر الاهتراء في منشآته.

توفي نيماير قبل نحو 12 عامًا، من دون أن يرى ما حلّ بتحفة معمارية تركها في لبنان، بفعل إهمال الحكومة والفشل في إدارة المعرض.

وتبلغ مساحة المعرض نحو مليون متر مربع، ويضم 120 ألف متر من الحدائق، 33 ألف متر من البرك المائية، 20 ألف متر مخصصة لقاعات المعارض والمؤتمرات، ونحو 20 ألف متر كسقف يمكن استغلاله وضمه لقاعة المعارض. وهو ينقسم إلى 18 قسماً: المسرح المكشوف، المسرح التجريبي، صالة العرض المقفلة، الجناح اللبناني، صالة المؤتمرات، المطعم والتراس، المكاتب ومركز الأعمال، الفندق، متحف الفضاء، مكتب الإدارة، بيت الضيافة، قاعة المعارض، برج خزان المياه، متحف السكن، البيت النموذجي، مبنى الجمارك والدفاع المدني، مباني الخدمات للحمامات العامة، والكافتيريا.  

وميزة المعرض أنه مبني من الباطون المسلّح في طرقٍ متقدمة جدًا، ويعد من أهم ابداعات الهندسة الانشائية، من دون أي غطاء أو طلاء أو تلبيس بأي نوع من الحجر.

ويرى خبراء هندسة أن الباطون المكشوف يكون عرضة للتأثر بالمناخ أكثر من غيره.  ففي نهاية 2016، انهار جزء من سقف المسرح المكشوف، ظهرت تباعًا انهيارات جديدة وخطيرة في المعرض، إضافة إلى التشققات والتلف. كما أن موقع المعرض الساحلي والمطل على الشاطئ، جعل منشآته عرضة للهواء المشبع بالأملاح والرطوبة، الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الكربون في الخرسانة الباطونية، وتاليًا التلف.

عمليًا، يعاني معرض رشيد كرامي الدولي الذي يقع تحت سلطة وزارتي الاقتصاد والمالية، من ضعف ميزانيته، ومن سلطة بيروقراطية جعلت منه مساحة شاسعة لفرص استثمار ضائعة، وهو ما يدفع إلى السؤال: هل يكفي إدراجه على لائحة التراث العالمي من دون تحمل السلطات اللبنانية مسؤوليتها تجاه هذه التحفة المعمارية؟