رابطة التعليم الثانوي المتصدّعة تهين الأساتذة: اخضعوا وإلّا..

وليد حسين
الثلاثاء   2021/10/26
اعتبر الأساتذة أن بيان الرابطة "مهين ومرعب" ويصادر رأيهم (علي علّوش)
في بيان اعتبره معظم الأساتذة مهيناً لهم، صدر عن الجهة النقابية التي يفترض أن تدافع عن حقوقهم، دعت الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التّعليم الثّانوي أعضاءها إلى إعادة النّظر بقرارهم القاضي بالاستمرار بمقاطعة العام الدراسي. وطلبت عقد جمعيات عمومية في الثانويات، في محاولة للالتفاف على نتائج التصويت، التي أظهرها الاستبيان الذي نفذته الرابطة، وكشف عن وجود اعتراض كاسح على أداء الرابطة في التفاوض مع وزارة التربية والحكومة. وأدى البيان الصادر عن الهيئة الإدارية إلى خلافات كبيرة بين الأعضاء وصلت حد القطيعة، جراء محاولة بعض الأعضاء مصادرة رأي الأساتذة، الذي ظهر في الاستبيان. 

إحراج الرابطة
وكانت الهيئة الإداريّة دعت الأساتذة إلى استبيان لمعرفة رأيهم حول "ربط النزاع" مع الحكومة والعودة إلى التعليم والقبول بالتقديمات التي حصلت عليها (مساعدة نصف راتب من الدولة وتسعين دولاراً من الجهات المانحة، ووعود برفع بدل النقل إلى ستين ألف ليرة). لكن الأساتذة صوتوا بأكثر من سبعين بالمئة ضد قرار العودة.

لم ترض الهيئة الإدارية بهذه النتيجة معتبرة أن بعض الأساتذة تعاملوا بعدم مسؤولية مع الاستبيان، واتهمتهم أنهم تعاملوا بشكل اعتباطي وأقدموا على التلاعب بالتصويت "كما تبين للجنة التدقيق بالاستبيان".

ورداً على ذلك، كان الأساتذة تعمدوا نشر لوائح إسمية بهم وبالثانويات التي يدرسون بها وتناقلوها على كل وسائل التواصل، استباقاً لأي تلاعب من الرابطة بالاستبيان. لذا، اعتبرت الرابطة أن إقدام الأساتذة على نشر نتائج التصويت في الثانويات من خارج الاستبيان، مخالفة لأصول العمل النقابي بقصد إحراج الرابطة. 

نتيجة صادمة
ورغم اعتراض بعض أعضاء الرابطة على البيان، فهي نشرت نتائج التصويت على الاستبيان بعد مطابقة الأسماء والأرقام المالية الحقيقية للأساتذة مع تلك الواردة في الاستبيان، وإلغاء الأسماء المتكررة، ليتبين أن هناك 2506 أستاذاً رفضوا تعليق المقاطعة (بنسبة 70 بالمئة) مقابل 1036 أستاذاً أيّدوا تعليق المقاطعة (نسبة 30 بالمئة) من أصل 3542 أستاذاً.
ووفق معلومات "المدن"، أدى هذا البيان إلى خلافات كبيرة بين أعضاء الرابطة، فالبعض أراد التسليم بنتيجة التصويت لإعادة التفاوض مع الحكومة، لكن البعض الآخر فرضه بالقوة. ورغم تحذير الأعضاء المعترضين على البيان من مغبة الصدام المباشر بين الأساتذة ونقابتهم، وأن البيان مهين للأساتذة ومصادرة لقرارهم، صدر البيان وفق مبدأ الأغلبية.

بدت نتائج الاستبيان صادمة لبعض أعضاء الرابطة، الذين يريدون ربط النزاع مع الحكومة والعودة إلى التعليم. ولم يرضوا بهذه النتيجة. لذا، دعوا في البيان "الأساتذة إلى إعادة النّظر بقرارهم، والحضور إلى الثانويات وتبادل الآراء، ثمّ عقد جمعيّات عموميّة حضوريًّا، يومي الأربعاء والخميس 27 و28 تشرين الأول 2021، ومناقشة تداعيات عدم العودة وخطورتها". علماً أن النتيجة التي ستصدر عن الجمعيات العمومية ستكون صادمة أكثر، وستكتشف الهيئة الإدارية أن نسبة امتناع الأساتذة عن الحضور أكثر من سبعين بالمئة، كما قالت مصادر "المدن" في الرابطة.

بيان مهين
وتناقل الأساتذة مساء الأمس رسائل رفض بيان الرابطة معتبرين أنه "مهين ومرعب" وفيه مصادرة لرأي الأساتذة، الذين دعتهم الرابطة إلى الاستبيان. ولفت النقابي في لقاء النقابيين الثانويين حسن مظلوم في حديث لـ"المدن" إلى أن الأساتذة منذ البداية دعوا الرابطة لعقد جمعيات عمومية في الثانويات وكتابة محاضر. لكن الرابطة قررت المضي بالاستبيان، ورغم ذلك أتت النتيجة كاسحة لصالح عدم العودة. وعوضاً عن التسليم بهذه النتيجة قررت اللجوء إلى جمعيات عمومية في محاولة لإخضاع الأساتذة، عبر الضغط المباشر. لكنها ستفشل مثلما فشلت في الاستبيان. والسبب أن الأساتذة غير قادرين على العودة إلى الصفوف في ظل الظروف الحالية. وأي محاولة لإرغامهم سنقلب أكثر على الرابطة، التي باتت بنظر الأساتذة أداة إخضاع وليست نقابة لتحصيل الحقوق.  

الوضع الاجتماعي للأساتذة بات ضاغطاً وهم ينتفضون لكرامتهم وحسب. وحتى الأساتذة المحازبين، غير المرتبطين بمصالح حزبية كبيرة بأحزابهم، سيستمرون بالمقاطعة، ليس لأنهم باتوا ضد أحزابهم، بل لأنهم عاجزون مالياً ومعيشياً، كما يقول مظلوم. 

تعديل رأيهم بالقوة
من ناحيته استغرب النقابي في "لجنة الأقضية" أكرم باقر، بيان الرابطة الذي يشكك بنتائج استبيان قامت به بنفسها رغم اعتراض الأساتذة عليه. واعتبر أن البيان مدان ومرفوض ومهين وتمادى بالتهجم على الأساتذة، لأن الرابطة تعتبر الأساتذة قصّار وغير راشدين لأنهم عبروا عن رأيهم. ليس هذا فحسب، بل هو بيان شبيه بالانقلابات العسكرية ومخالف لكل الأصول النقابية وانقلاب عليها. فعندما تبين للرابطة أن الأساتذة غير راضين على شروط العودة، قررت إجراء جمعيات عمومية كي يراجعوا رأيهم، فيما كان عليها أن تأخذ نتيجة الاستبيان وتذهب إلى وزارة التربية والضغط على السلطة، لتحسين شروط عيش الأساتذة. 

وشكك باقر بتصرفات الرابطة التي تضع الأساتذة بمواجهة مع مدراء الثانويات وأهلي الطلاب، فيما معركة الجميع يجب أن تكون مع السلطة التي أفقرت البلد. وعندما فشلت لجأت إلى جمعيات عمومية لتعديل النتيجة بالضغط المباشر. ففي ظل الإضراب العام المعلن يوم غد وفي ظل أزمة المحروقات، قد لا يتمكن أساتذة كثر من الوصول إلى مدارسهم. 

وبمعزل عن أن النتيجة ستكون مخيبة مرة ثانية، حولت الرابطة الجمعيات العمومية من وسيلة نقابية للتشاور بين الأساتذة إلى طريقة مباشرة لمحاولة إخضاعهم. 

بيان الرابطة