"جهنم" أسعار الكتب المدرسية: كيف سيتعلم تلاميذنا؟

وليد حسين
الأربعاء   2020/09/30
تلاعب كبير في أسعار الكتب (Getty)
إلى أسعار الدولار الكثيرة في لبنان، أدخلت الكتب والمدرسية سعرين إضافيين. سعر للكتب الأجنبية على أساس سعر صرف مدعوم بـ3900 ليرة، وسعر التزم به الناشرون اللبنانيون لوزارة الاقتصاد، لطباعة الكتاب الوطني على أساس سعر صرف 3000 ليرة كحد أقصى. هذا فضلاً عن سعر ثالث يعتمده بعض مستوردي الكتب ب5000 ليرة، وسعر دولار السوق أيضاً، لأن بعض المستوردين فضلوا عدم التعامل مع الدولار المدعوم. ورغم هذه الأسعار الجديدة والمتفاوتة للدولار، تضخمت أسعار الكتب المدرسية بطريقة غير مفهومة، حتى وفق سعر صرف الدولار في السوق. وذلك مع بدء العام الدراسي، الذي يتزامن مع أزمة اقتصادية ومعيشية ورواتب موظفين باتت معدومة القيمة.  

أسعار مضخمة
فوفق الدكتورة في كلية الإعلام كاميليا جريج، ثمة تلاعب كبير في أسعار الكتب. فقد ذهبت لشراء كتب اللغة الإنكليزية، من منشورات كمبريدج، لأولادها. وتفاجأت أن سعر كتاب الأول ابتدائي والثالث ابتدائي 142500 ليرة لكل منهما. وظنت أن هناك ربما خطأ ما في التسعير. ولأنها متخصصة بعلوم التواصل والمكتبات والتوثيق، بحثت عن السعر من خلال رقم الـisbn، الذي يوثق سعر الكتاب عالمياً، لتجد أن سعر الكتاب للصف الثالث هو 9.7 جنيه استرليني وكتاب الصف الأول 8.74 جنيه استرليني. سألت الموظفة في مكتبة أنطوان عن هذا السعر المضخم، فأجابتها الموظفة: اسألي الوكيل.
وأكدت جريج في حديثها لـ"المدن" أن تخصصها وعملها جعلها تكتشف هذا التلاعب. فالكتاب منتج ثقافي ومعفى من الضرائب، ولا يدفع عليه رسوم جمركية، متسائلة: لماذا سيكون سعره مرتفعاً بهذا الشكل؟ فحتى على سعر صرف السوق للدولار يفترض ألا يتجاوز سعر المئة ألف ليرة، كما قالت. 

دولار مدعوم
من ناحيته أكد رئيس مجلس إدارة "هاشيت أنطوان"، إميل تيّان، أن مكتبته تسعر الكتب المدرسية المستوردة وفق سعر الدولار المدعوم، الذي أقرته وزارة الاقتصاد على أساس سعر صرف 3900 ليرة. وأكد أيضاً أن "أنطوان" طبقت سعر صرف الدولار المدعوم على جميع الكتب المدرسية التي يستوردها مباشرة من الخارج. وطبقت ذلك حتى على الكتب التي اشترتها قبل الدعم. أما الكتاب الوطني، فقد قبلت وزارة الاقتصاد مع الناشرين على رفع سعر الدولار إلى حد أقصى 3000 ليرة. 

وأضاف أن بعض المستوردين لا يرغبون بالعمل وفق تسعيرة الكتاب المدعوم. وبعض المدارس لم تتراجع عن نوعية كتب معينة، وهي خاضعة لتسعير المورد. وبالتالي "أنطوان" ملزمة ببيعها على هذا الأساس. 

وبخصوص الشكاوى حول سعر كتب اللغة الإنكليزية الصادرة عن كامبردج، لفت إلى أنهم يشترونها من خلال شركة GES Global وهي الموزع في لبنان، يلتزمون بالسعر المحدد من قبلها، علماً أن الشركة تلتزم بالسعر المدعوم، كما قال، مضيفاً أنه ربما أخطأ الزبون الذي اشتكى من سعر الكتب في أمر ما. 

الشركة تتمنع
تواصلنا مع الشركة، فردت الموظفة مؤكدة أن لا علم لها بالأسعار. وأنها حولت طلبنا للمسؤول ووعدت بأن تعطينا إجابة. 

وبعد تواصلنا مع مكتبات تتعامل مع هذه الشركة، تبين من خلال إحدى المكتبات العاملة في الجنوب أن الشركة تسلم كتبها الأجنبية على سعر صرف 5000 ليرة. وكتب اللغة الإنكليزية الذي تسلمه بـ32 دولار، يباع للأهل بـ160 ألف ليرة. 

عاودنا الاتصال بالشركة أكثر من عشر مرات. لكن الموظفة لم تجب على طلبنا. ما يعد بمثابة تمنع عن الإجابة لمعرفة أسعار الكتب المضخمة التي تسلم للمكتبات، ولماذا دولارها سعره 5000 ليرة. 
في جميع الأحوال، هذا مثال واحد على ما أصاب سعر الكتب الأجنبية والمحلية. وهذا يجعلنا نتخيل أسرة تحاول شراء كتب العام الدراسي لأبنائها، عدا الحقيبة والقرطاسية، ناهيكم عن الأقساط وباقي المستلزمات. ففي هذه الحال، تحتاج إلى معجزة مالية.. في زمن لا معجزات فيه ولا مال.
وعليه، يمكننا أن تخيل أيضاً مصير جيل لبناني بلا علم ولا معرفة ولا كتب.. وأي مستقبل لهذه البلاد.