طبيب لبناني يفحص عقل ترامب

محمد السعدي
الجمعة   2018/01/19
في العام 1989 بدأ نصر الدين دراسة الطب في جامعة شيربروك (Getty)

أكثرت وسائل الإعلام العالمية أخيراً الحديث عن خوض الرئيس الأميركي دونالد ترامب فحصاً نفسياً لتقويم المقدرات المعرفية والإدراكية، وتحديد شدة خطر الإصابة بالخرف، وربما داء الزهايمر.

لكن ما يجهله البعض هو أن الفحص المذكور، المسمى "تقويم مونتريال للقدرات المعرفية" (المختصر برمز MoCA، عن Montreal Cognitive Assessment)، يمثل وسيلة استقصائية فريدة اخترعها الدكتور زياد نصرالدين، الكندي لبناني الأصل. يستغرق الفحص 10 دقائق إلى 12 دقيقة، وينصبّ على إنجاز عدد معين من المهمات، كرسم مكعب أو ساعة، أو حفظ عدد من الكلمات أو المصطلحات، وما إلى ذلك.

والفحص، الذي استنبطه نصرالدين قبل 20 عاماً، بات معتمداً في 200 دولة في العالم، وبـ60 لغة. وعن النتيجة المبهرة التي حققها ترامب، يوضح نصرالدين بالقول إن فحصه "يمثل وسيلة كشف واستقصاء لها حدودها. إذ لا يتطرق إلى تقويم الشخصية أو تحديد الذكاء أو المقدرات المنطقية ومَلكة الحكم على الأمور وقابلية اتخاذ القرارات... إنه يهدف فقط إلى الكشف المبكر لحالات الخرف المحتملة، فضلاً عن بوادر الإصابة بداء الزهايمر". يضيف: "إلى ذلك، يمكن للشخص الخاضع للفحص، إذا كان واسع الاطلاع، أن يتحايل على الفحص ويحرف نتائجه".

كما يشدد نصرالدين على أن "فحص موكا قائم على الإنجاز التنفيذي والذاكرة. ما يعني أن له فائدة في تحديد القدرات التنظيمية، غير أنه لا يأخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة بالشخصية".

وعبّر راديو كندا الدولي عن افتخار البلاد أن اختار البيت الأبيض فحص مواطن كندي من بين فحوصات مماثلة عدة متوفرة. وأشار إلى أن نصرالدين "معروف منذ سنوات في الأوساط العلمية والإعلامية الكندية، لكنه لم يرقَ إلى مصاف العالمية سوى إثر اختيار الإدارة الأميركية فحصه، دون غيره".

فمن هو الدكتور زياد نصر الدين (49 عاماً)؟

في العام 1983، في سن 15، زار المراهق زياد كندا بمحض إرادته، لكنه مكث فيها بمحض الصدفة. إذ ذهب إلى هناك برفقة والدته وأختيه. وقبيل عودتهم، مع اشتداد وطيس الحرب الأهلية اللبنانية، أغلق مطار بيروت الدولي. ما أرغم الأسرة على البقاء في مونتريال، ثم الحصول على إقامة دائمة في كندا، ولاحقاً جنسية البلاد.

وفي العام 1989، بدأ الشاب زياد دراسة الطب في جامعة شيربروك، فأبدى ولعاً ملحوظاً في دراسة آليات الدماغ العجيبة الشائكة المعقدة. فعقد العزم على التخصص في هذا الفرع من الطب، لاسيما أمراض التدهور المعرفي والإدراكي وتلف الخلايا العصبية، وتردي الذاكرة والخرف وداء الزهايمر. وفي العامين 1995 و1996، استكمل دراسة ما بعد الدكتوراه في علم السلوك العصبي في جامعة كاليفورنيا. ثم بدأ الممارسة كطبيب في مستشفى شارل لوموان، قرب مونتريال. كما بادر إلى إطلاق قناة على الإنترنت باسم alzhzimer.tv، تعنى بإعلام المصابين وذويهم، وأيضاً تيسير التنسيق والتعاون الدولي بين العلماء والباحثين والأطباء والمنظمات والجمعيات المتخصصة من أنحاء العالم في حقل الدراسات والاكتشافات والاختراعات المتعلقة بداء الزهايمر.