نمر يرعب باريس

ما كان سيكون شعورك لو كنت تتنزه في باريس بُعيد الغروب، فيظهر أمامك فجأة، في ناصية الشارع، ما تظنه للوهلة الأولى "هرّاً" عملاقاً من 200 كيلوغرام، ثم تدرك أنه نمر؟

ذلك ما حصل في العاصمة الفرنسية، تحديداً في الدائرة 15 منها، الواقعة في الجنوب. ففي بداية مساء الجمعة في 24 تشرين ثاني، هرب نمر شرس من سيرك، وهام على خطمه في أرجاء الحي، إلى أن وجده صاحبه فأطلق عليه 3 رصاصات أردته نافقاً قريباً من "جسر غاريغليانو". وتمّ حبس الرجل على ذمة التحقيق، بثلاث تهم: إغفال إحكام إغلاق قفص حيوان مفترس، واستخدام سلاح ناري في العاصمة، وأخيراً قتل حيوان "وديع" مسكين، لا حيلة له. وذلك ما أثار حفيظة جمعيات الرفق بالحيوان، وعلى رأسها "جمعية بريجيت باردو".

وحال البلاغ عن هروب النمر، البالغ من العمر سنتين، سارعت سلطات الإطفاء والشرطة إلى تطويق الحي وإيقاف حركة السير، بينما أوقف العمل بخط الترامواي رقم 3، المار من منطقة الخطر. ودبّ الهلع بين سكان منطقتي "باب فيرساي" و"باب بالار"، لاسيما عقب انطلاق شائعات عن قيام النمر الهارب بافتراس أشخاص. ما أرغم مديرية شرطة باريس على المسارعة إلى إصدار بيان لتكذيب ذلك، وإعلان العثور على النمر وقتله بعد نحو نصف ساعة من هربه وزوال الخطر، بينما أكد شهود عيان أنها "معجزة أنه لم يُصب أحد بمكروه".

وأوضح النقيب ڨاليريان فويه، الناطق بلسان مديرية إطفاء باريس، أن رجالها وصلوا إلى مكان قتل النمر في درب مهجور فوراً إثر نفوقه، وأنهم وجدوا صاحبه في حالة صدمة نفسية لاضطراره إلى قتل "ربيبه". أضاف أن الرجل ومعه أحد زملائه لم يكونا قادرين على الإمساك بالنمر حياً لوحدهما، ولم يبق حلّ غير إطلاق الرصاص من البندقية.

وكان سيرك بورمان مورينو قد بدأ استعدادات نصب الخيمة الكبيرة والملحقات الأخرى منذ بضعة أيام تمهيداً لفتح السيرك للجمهور بدءاً من 3 كانون الأول 2017. لكن، قد تقلب الحادثة الحسابات، وربما تلغي العرض. وفي هذا الشأن، أعرب فيليݒ غوجون، عمدة الدائرة 15 من باريس، عن اعتقاده بأن الحادثة "أظهرت وجود خلل كبير في تدابير السيرك الأمنية. ما يرغمنا على إعادة النظر في ترخيص فتح السيرك للجمهور".

كما اغتنمت منظمات الرفق بالحيوان الفرصة لإنعاش حملاتها المتكررة ضد استخدام الحيوانات في السيرك. هكذا، مثلاً، أصدرت جمعية بريجيت باردو بياناً نددت فيه بشدة بقتل النمر، ووجهت رسالة مفتوحة إلى نيكولا هيولو، وزير الانتقال البيئي والتضامني، طالبته فيها بمنع "استعباد الحيوانات وتسخيرها في عروض السيرك في أنحاء البلاد، ووضع حد نهائي لتلك الممارسات".