أرشيف فاروجان ستيان إلى اليسوعية: ألبوم لبنان

المدن - مجتمع
الأربعاء   2016/09/28
يقول ستيان إنه يحب فيروز (تمبلر: brokenmirror31)
كان فاروجان ستيان يحب تحميض الصور وتظهيرها. يُصور كأنه يحضّر ولادة، هو المولود في العام 1927، كأنها ولادته. ففي الأربعينيات بدأ عمله مصوراً، في معهد صرفيان، في حين لم يتجاوز عمره 15 سنة. لكن ستيان، الذي صار في العام 1957 مديراً لقسم التصوير في شركة الشرق للتصوير الفوتوغرافي، لم يكن يعمل وحده، كما لو أن التصوير ثقافة أرمنية بعض الشيء. فإلى جانبه، في التحميض والروتوش، كانت تعمل اخته زاروهي. وهي عملية دقيقة وحساسة، أصر ستيان، على الإلتزام بها حتى وفاته في العام 2003.

لا تبدو سيرة ستيان بعيدة من سير تأسيسية أخرى. فبروزه مصوراً، في إفتتاحه مختبره الخاص في باب إدريس في العام 1959، يتقاطع مع تطور صور لبنان، في سياقاته السياسية والاجتماعية والإقتصادية. لكن، قبل ذلك، كان ستيان بدأ ينال نصيبه من الشهرة في مهنة لم تكن رائجة في حينها.

يقول ستيان إنه يحب فيروز وإنه كان يفكر كيف يمكنه أن يلتقي بها، ويصورها. لم يكن حلماً بعيداً، وإن كان تصويره فيروز، وهو معروف بمصورها الخاص، بعد شراكته مع الأخوين رحباني إبتداءً من العام 1962، مشكوكاً فيه. ذلك أن ستيان، الذي كان آخر ظهور عام له تسجيله لشهادة في فيلم وثائقي عن فيروز في العام 2003، لم يكن يرى فيروز نفسها، بل إلهاً يصنع المعجزات. وروايته لما حصل في حفل في بعلبك دليل كاف.


في أواخر السبعينات إنتهى الحلم الفيروزي، في تجربة ستيان، وحتى في تجربة فيروز نفسها. وذلك بعد سنوات قليلة على بداية الحرب الأهلية اللبنانية، التي قضت في سنتها الأولى، 1975، على مختبر ستيان في باب إدريس. ما دفعه في وقت لاحق إلى الإنتقال إلى الزلقا.

وهذه نهاية تحمل مفارقاتها. إذ إن ستيان، الذي فاز في العام 1967 بجائزة الاتحاد الدولي للمؤسسات السياحية الحكومية في توكيو اليابانية، كان متخصصاً في الصور السياحية ورموزها، التي طغت عليها في وقت لاحق صور الخراب. وما يشيع من صور لشجر الأرز وصخرة الروشة وقلعة بعلبك وساحة الشهداء، وغيرها من الشواهد التاريخية، ليست غير صور ستيان. في حين لا يمكن العثور، في ما هو متاح من صور له، على أي صور للحرب، التي امتدت 15 عاماً، كان في نصفها الأول منشغلاً في تصوير 99 نوعاً من الزهور التي تنبت في لبنان.

لكن مصور الطبيعة، على ما يعرف، كان أحد أبرز مصوري البورتريه في لبنان، لسياسيين وفنانين لبنانيين وعرب. صور للرؤساء كميل شمعون وشارل حلو وبشير الجميل وأمين الجميل، بالإضافة إلى بيار الجميل وكمال جنبلاط وكامل الأسعد ومجيد أرسلان وغسان تويني والسيد موسى الصدر، ودعي مرتين إلى سوريا لتصوير الرئيسين حافظ الأسد، في العام 1995، وبشار الأسد في العام 2000. فيما تبدو صورة مخائيل نعيمة، التي التقطها نحو العام 1969، في منزل الأخير في بسكنتا، رمزاً تصويرياً لا ينسى. عدا عن صور فيروز، التي تصدرت معظم ألبوماتها، وصور صباح وسعيد عقل ونادية تويني ونجيب حنكش.


في كل الأحوال، لا تبدو صورة صخرة الروشة أو قلعة بعلبك بعيدة من صورة شمعون أو نعيمة. صخور جامدة. لكن هذه الصور، في 26 أيلول، حررت من الأرشيف، بعدما اشترت جامعة القديس يوسف في بيروت مكتبة صوره، لـ"أهمية إرثه الذي أرخ بالأسود والأبيض لمرحلة غنية قبل أن ينتقل إلى الألوان، حيث رصدت عدسته شخصيات تاريخ لبنان الحديث من السياسة إلى الفن والثقافة وصولاً إلى المهرجانات والمعالم التي ميزت بلد الأرز".