اللبنانيون منقسمون: بيع أملاك الدولة وشطب أموال المودعين
قاسم مرواني
الأربعاء 2022/05/25
مرّ عامان ونيف على بدء الانهيار الاقتصادي في لبنان. توالت الخطط والمقترحات للخروج من الأزمة، إلا أن النقاش ما زال هو نفسه، وينقسم اللبنانيون إلى قسمين، واحد يؤيد إنشاء صندوق سيادي تُستثمر فيه أملاك الدولة اللبنانية، من المرفأ والمطار وغيرها، وتستخدم عائداتها لسداد أموال المودعين.. والقسم الآخر يدعم تحميل المسؤولية للمصارف، وبطبيعة الحال للمودعين، عبر شطب جزء من ودائعهم وشطب ديون الدولة.
منذ أن أقرت حكومة نجيب ميقاتي، قبل أن بدئها مرحلة تصريف الأعمال بيوم واحد، خطتها الأخيرة، امتلأت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بآراء الخبراء الاقتصاديين، بين مؤيد للرأي الأول ومؤيد للثاني، وكان بارزاً ما أدلى به النائب ابراهيم منيمنة في برنامج "عشرين 30" على قناة "أل بي سي"، ووقوفه ضد الصندوق السيادي وبيع أملاك الدولة وتحميلها المسؤولية، في مواجهة نائبي "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" اللذين أيدا فكرة إنشاء الصندوق.
النائب #ابراهيم_منيمنة للـLBCI : نحن ضد بيع أصول الدولة خصوصاً في هذه المرحلة كما لدينا شكوك حول طرح الصندوق السيادي سيما مع هذه الطبقة السياسية والمؤسسات الرقابية المهترئة ووجب الذهاب في المقابل نحو إجراء اصلاحات اساسية بالمرافق العامة لتكون منتجة
— Ibrahim Mneimneh | ابراهيم منيمنة (@Ibrahim_mneimne) May 23, 2022
— Mohamad Faour محمد فاعور (@Mohdfaour89) May 23, 2022
المعركة الرئيسية اليوم هيي مواجهة مخطط النظام (والقوات يعني نظام) بالاستيلاء على أملاك الدولة. هيدا النظام من بعد ما نهب الدولة بده يبيعها، بده يبيع أملاكنا. ما يسمّى الصندوق السيادي هو أخطر شي جايي علينا بالمرحلة القادمة 🎈
المعارضون للصندوق السيادي يرون أن أملاك الدولة هي ملك لجميع اللبنانيين، الذين نصفهم لا يملك ودائع في البنوك، وليس من المنطقي أن نبيع أملاك هؤلاء كي نسدد ديون المصارف التي حققت الأرباح على مدى السنوات السابقة، ولا كي نسدد ودائع جزء من الشعب اللبناني، كما أن هذه الأملاك هي ملك للأجيال المقبلة التي لا يجب أن نحملها وزر قراراتنا. كما يزعم معارضو الصندوق بأن بيع أو استثمار أملاك الدولة، وبالتالي تحميلها المسؤولية، سينعكس زيادة في الضرائب على المواطنين جميعاً، وخصوصاً الفقراء.
الحل لدى هؤلاء هو بتحميل المصارف المسؤولية، إذ أدت مغامراتها المالية وإقراضها الدولة، إلى إفلاسها، ولا ينتبه العديد من المعارضين إلى أن تحميل المصارف المسؤولية سيؤدي بشكل أو بآخر إلى شطب جزء كبير من أموال المودعين، على اعتبار أن رساميل المصارف وممتلكاتها لا تكفي لسداد ودائعهم. جزء كبير من هؤلاء المودعين عبارة عن مؤسسات تعليمية أو صناعية يرتكز عليها الاقتصاد اللبناني ولا يمكن القضاء عليها عبر شطب ودائعها. حتى المودعين الأفراد، ما ذنبهم أن يطير جنى أعمارهم في أزمة لم يكن لهم يد في صنعها أو تفاقمها؟
اليوم اشتغلت على تقرير عن بيع اصول الدولة واملاكها عبر ما يسمى الصندوق السيادي (بينزل التقرير بهاليومين).. الموضوع جدا خطير. قراءة وبحث بسيط بيدل على كارثية هالطرح. باختصار، رح يتم بيع كل اراضي واملاك وقطاعات الدولة (او تأجيرها لعشرات السنين) مقابل تهرب المصارف من تحمل الخسائر.
أما المؤيدون لفكرة إنشاء الصندوق السيادي، فيحاججون بأن الدولة تتحمل كامل المسؤولية، إذ أنها اقترضت المال من المصارف من دون أن تكون قادرة على الرد، بل وذهبت نسبة كبيرة من هذه الأموال في مزاريب الهدر والفساد والمحسوبيات. بل إنها، في بعض الأحيان، أجبرت المصارف على إقراضها، ومن المنطقي أن تبيع أصولها كي ترد لأصحاب الحق حقه. ويرى هؤلاء أن شطب أموال المودعين سيؤدي بالكثير منهم إلى الفقر، ما سيخلق أزمة إجتماعية في البلد. ويعتبر بعضهم أن اللبنانيين جميعاً، حتى من لا يملكون حسابات في المصارف، استفادوا من أموال المودعين التي اقترضتها الدولة. فقد استفاد هؤلاء من دعم الكهرباء، وتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وعليهم بالتالي تحمل مسؤولياتهم. ويتساءل المؤيدون عن الفائدة من بقاء أملاك الدولة في يدها، في حين أن هذه المرافق لا تعمل بشكل جيد، وهي غير منتجة وينخرها الفساد، في حين أن وضعها في يد القطاع الخاص قد يعود بالفائدة على الجميع.
نصف اللبنانيين الذين تتحدث عنهم باتوا بلا عمل ولا طبابة ولا كهرباء ولا خبز لكنهم يملكون (بحسب تغريدتك) نصف املاك الدولة. ما الفائدة من امتلاك هذه الأملاك اذا لم تستخدم في تأمين الحد الأدنى من متطلباتهم الأساسية عبر استثمارها ضمن صندوق سيادي بإدارة شفافة وأهداف واضحة ومقوننة.
— Edgard Bou Malhab (@EdgardBouMalhab) May 25, 2022
كل اللبنانيين استفادوا من ما يسمى "دعم" لليرة والكهرباء وغيرها (خاصة الذين لا يملكون حسابات مصرفية !!). الدولة استدانت ومسؤوليتها التصرف مثل الأب الصالح والدفع.. #ديون_مش_خسائر
— Ghassan Abou Adal (@GhassanAbouAdal) May 25, 2022
بين الانقسامات في الشارع اللبناني، اختارت الدولة اللبنانية اللاقرار. وقفت مكتوفة اليدين تتفرج على الانهيار، من دون أن تأخذ بأي من الحلول المطروحة، ذلك أن الانقسام الشعبي حول توزيع الخسائر موجود أيضاً لدى الأحزاب السياسية التي يتمترس كل منها خلف رأيه. وتذر الدولة الرماد في العيون، عبر مفاوضات "بيزنطية" مع صندوق النقد الدولي، من دون أي تقدم ملحوظ، وعبر خطط لا تجد طريقها إلى النور. فيما يبدو للبعض وكأنه مؤامرة من الدولة على مواطنيها، حيث تحاول التقليل من الخسائر عبر تعميمات مصرف لبنان، ودفع الودائع إلى الليرة اللبنانية، وبالتالي استنزافها، بأسعار صرف منخفضة وغير حقيقية.