حرب موازية بين إيران وإسرائيل: القبة السيبرانية آتية!

المدن - ميديا
الجمعة   2024/05/03
سماء القدس تحت الهجوم الإيراني الأخير (غيتي)
تدور حرب "صامتة" بين إسرائيل وإيران في الفضاء السيبراني، حيث يسعى الاحتلال إلى إحباط الهجمات الإيرانية.
بين الدولتين العدوّتين، "حرب صامتة بعيدة عن الأنظار"، على حدّ قول أفيرام أتزابا، المسؤول عن التعاون الدولي في المديرية الوطنية الإسرائيلية للأمن السيبراني. 

وتُعنى هذه الهيئة، الواقعة في حيّ راقٍ في شمال تل أبيب والخاضعة لسلطة رئيس الوزراء، بالدفاع عن أنظمة المعلوماتية في القطاع المدني الإسرائيلي، بحسب أتزابا.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة، لوحظ ارتفاع شديد في الهجمات المتأتية من إيران ومن "وكلائها" في المنطقة بحسب أفيرام أتزابا في تصريحات لوكالة "فرانس برس"، خصوصاً "حزب الله" و"حماس". وأكد: "يحاولون قرصنة كلّ ما في وسعهم قرصنته، من دون أن يتمكنوا من إلحاق أضرار فعلاً". وكشف المسؤول عن إحباط 800 هجوم واسع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

واستهدفت تلك الهجمات، في جملة أهدافها، منظمات حكومية والجيش الإسرائيلي ومنشآت مدنية. وتعرّضت الأنظمة المعلوماتية في مستشفيين إسرائيليين في حيفا وصفد في الشمال للقرصنة وعُممّت بيانات شخصية لمرضى.

وأتت استثمارات إيران في المجال "السيبراني" متأخّرة نسبياً ومدفوعة بحدثين رئيسيين، حسبما أوضح البروفسور تشاك فرايليش، الباحث في المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، في دراسته الصادرة في شباط/فبراير تحت عنوان "التهديد السيبراني الإيران". 

فخلال الاحتجاجات على نتائج الانتخابات الرئاسية سنة 2009 في إيران، تحوّلت شبكة الإنترنت إلى وسيلة لحشد الصفوف وتعظيم الأثر. وقمعت السلطات هذه الحركة الاحتجاجية بالرصاص الحيّ في الشارع وقطعت أيضاً النفاذ إلى شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع التي ساهمت في اتّساع رقعة التظاهرات.

وفي أيلول/سبتمبر 2010، تعرّض البرنامج النووي الإيراني لهجوم سيبراني متطوّر جدّاً بواسطة فيروس "Stuxnet" نسبته طهران إلى إسرائيل والولايات المتحدة، ما تسبب بسلسلة من الأعطال في أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم.

ومذاك، طوّرت إيران استراتيجية سيبرانية فعلية وصقلت مهاراتها في هذا المجال، "فباتت من أكثر الدول نشاطاً في هذا الميدان"، كما قال البروفسور فرايليش لوكالة "فرانس برس".
واعتبر أن "هجماتها تهدف إلى تقويض منشآت وتدميرها، فضلاً عن جمع بيانات للاستخبارات وتداول معلومات خاطئة لأغراض دعائية"، مؤكّداً أن الجمهورية الإسلامية فعالة جداً في التضليل الإعلامي.

وفي المقابل، تعدّ إسرائيل "قوّة سيبرانية" كبيرة نسبت إليها هجمات قويّة عديدة على أهداف إيرانية، مثل العطل المعلوماتي الذي شلّ فجأة العمل في مرفأ بندر عباس سنة 2020. غير أن إسرائيل تواجه "عدوّاً مرهوب الجانب" سيواصل تعزيز قدراته، خصوصاً بفضل الدعم الروسي والصيني، بحسب فرايليش.

ولفت الباحث إلى أن سكّان إيران هم أكثر عدداً بتسع مرّات من سكّان إسرائيل، وتسعى طهران إلى أن يتخصّص المزيد من الطلاب في التكنولوجيا السيبرانية وأن يتدرّب عدد أكبر من العسكريين الشباب على استراتيجيات الحرب السيبرانية، الأمر الذي يشكّل "مصدر قلق للمستقبل".

غير أن أفيرام أتزابا رأى من جانبه أن النوعية أهمّ من الكمّية بالنسبة إلى قراصنة المعلوماتية، فضلاً عن سبل استخدام التكنولوجيا. وقال: "نطوّر منذ سنتين قبّة سيبرانية للتصدّي للهجمات المعلوماتية تعمل مثل القبّة الحديد في وجه الصواريخ"، مستعرضاً نظاماً دفاعياً "استباقياً" قادراً على جمع معلومات مشتّتة لإعطاء لمحة عامة عن التهديد ومواجهته بطريقة منسّقة وشاملة.

وكشف أتزابا أن "أجهزة مسح ضوئي تحلّل على مدار الساعة المجال السيبراني الإسرائيلي لرصد مكامن الهشاشة وإبلاغ الجهات الفاعلة في الدفاع السيبراني بسبل الحدّ منها باستمرار". وأشار إلى أن "بعض وظائف القبّة السيبرانية هي قيد التشغيل".

ورأى أفيرام أتزابا أن قوّة إسرائيل تكمن في التعاون القائم بين الجهات المختلفة، من مؤسسات حكومية وأمنية وشركات خاصة ومجموعات تكنولوجيا وأمن تكنولوجي، وجامعات ومعاهد بحثية، فضلا عن بعض قراصنة المعلوماتية الإسرائيليين.

وأكد: "نعمل يداً بيد"، مضيفاً: "نتعاون أيضاً عن كثب مع بلدان عديدة"، في مقدّمتها الولايات المتحدة وفرنسا "إذ إنّ كلّ الدول تواجه خطر الإرهاب السيبراني". وقال أتزابا: "لا بدّ من إقامة شبكة لمواجهة شبكة أخرى".