نظام الأسد يستقطب المؤثرين العالميين... سياحة على ضفاف الحرب

المدن - ميديا
السبت   2022/10/29
الرحالة البولندية إيفا زو بيك في حلب
"كلفة زهيدة ترحاب ومودة وجاهزة للسياح"، هذه هي الرسالة وراء حملة جديدة للترويج لسوريا كوجهة لقضاء العطلات والإجازات، رغم تقارير حقوق الإنسان المتكررة التي تفيد بأن نظام الأسد كان مسؤولاً عن جرائم ضد الإنسانية، فيما تبقى البلاد غير مستقرة.

وفي محاولة لإحياء صناعة السياحة المزدهرة في البلاد قبل الانتفاضة التي حولها نظام الأسد وحلفاؤه إلى حرب قتلت الآلاف ودمرت المدن وأجبرت 13 مليون شخص على ترك منازلهم، بدأ النظام السوري حملة منسقة لإقناع المستثمرين والمصطافين بأن سوريا لديها الكثير لتقدمه للزوار الأجانب. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أطلقت وزارة السياحة 25 مشروعاً سياحياً في مؤتمر استثماري بالعاصمة دمشق، بما في ذلك احتمال إنشاء شواطئ خاصة بعد الإعلان عن صفقة مدعومة من روسيا بقيمة 60 مليون دولار (52 مليون جنيه إسترليني) لبناء مجمع فندقي في مدينة اللاذقية الساحلية.

ورصدت صحيفة "غارديان" أجواء الحملة الدعائية الأسدية التي يشارك فيها مؤثرون عالميون، ضمن ترند بدأته وزارة السياحة السورية قبل سنوات. والسؤال اليوم يتمحور حول رغبة السياح أنفسهم في قضاء عطلة في بلد قُتل فيه الآلاف من المدنيين طوال العقد الماضي، على طريقة مؤثري السفر العالميين الذي يروجون لتجاربهم "الساحرة" في سوريا والتي تستقطب ملايين المشاهدات عبر الإنترنت، ما يعطي صورة زائفة أن البلاد وجهة سفر مثالية لمن يرغب في تجربة سفر مختلفة.

وبعد تخفيف القيود المفروضة على تفشي وباء كورونا في آذار/مارس الماضي، بدأ عدد من مدوني السفر في نشر مقاطع فيديو لرحلتهم إلى سوريا ويقوم البعض الآن بتنظيم جولات. ومن بينهم خافيير رايتشل بلانشارد الذي يقدم جولات إرشادية لسوريا من خلال شركة سفر تحمل اسم قناته ذائعة الصيت في "يوتيوب": "Travelling the Unknown" بعد زيارته الأولى لسوريا العام 2018. وتبدأ الجولات بسعر 1300 دولار أميركي. وقال أنها ستظهر "جانباً مختلفاً" من سوريا وأنها مواجهة لعزلة البلاد بالنسبة للمدنيين الذين يعيشون هناك.

من جهته، قال مدون السفر الإسباني جوان توريس الذي ينظم أيضاً رحلات استكشافية إلى سوريا مقابل 1590 يورو، أنه كان قادراً على السفر بمفرده في المرة الأولى التي زارها العام 2018، على الرغم من أن الحكومة طلبت في وقت لاحق أن يسافر مع مجموعة أخرى من السياح بصحبة مرشد. أثار توريس غضب السوريين في الخارج برحلته الأولى، عندما وصف مدينة حلب بأنها "تحررت" من قبل قوات الأسد. وقال توريس أنه قد لا يستخدم اللغة نفسها اليوم لكنه يعترف بأنه لا يتحدث بصراحة عن سوريا عندما يتعلق الأمر بالحرب. ورغم ذلك، يقول أنه يتحكم بالمثل في تعليقاته عندما يذهب إلى دول أخرى.

وأضاف توريس: "لن أقول شيئاً سيئاً عن الحكومة، بالطبع، لأنني أخاطر بالاعتقال. في أي بلد تذهب إليه كثيراً، حيث لا توجد حرية تعبير، هل ستبدأ في قول أشياء سيئة عن الحكومة؟".

وتوريس ليس وحده في هذا النهج. واكتسب صنّاع محتوى رائدون، مثل درو بينسكي وإيفا زو بيك وتوماس براغ، ملايين المشاهدات لتوثيق زياراتهم إلى سوريا. وقالت الباحثة في المعلومات المضللة صوفي فولترون: "سيذهب مدونو الفيديو إلى سوريا لأنك تحتاج إلى القيام بشيء مختلف لتبرز. هناك نمط من مؤثري السفر سيحظون بمزيد من الاهتمام. كان هناك شخص انتقل من حوالي 700 متابع إلى 50000 بعدما ذهب إلى سوريا".

والحال أن وسائل الإعلام الموالية لنظام الأسد تستخدم وصول السياح للترويج لكذبة عودة الحياة الطبيعية إلى سوريا. وتمتلك وكالة الأنباء الرسمية "سانا" أرشيفاً متزايداً من التقارير عن مجموعات سياحية صغيرة تزور المواقع التاريخية. ويقول ناشطون سوريون أن المؤثرين قدموا صورة غير دقيقة عن البلاد، سواء علموا بذلك أم كان بغير علمهم، لملايين المشتركين الذين يتابعونهم.

وعلق فريد المحلول، الصحافي والباحث المقيم في إدلب والذي نزح من منزله خلال سنوات الحرب، أنه غاضب من التفاوت بين ما يظهر في المحتوى المؤثر وواقعه، مضيفاً أن سوريا لن تكون آمنة ما دامت عائلة الأسد تسيطر على السلطة، فيما يتواجد آلاف المعتقلين في سجون النظام مع تزايد في معدلات الفقر وانتشار للبطالة. وأضاف أنه بعد عقد من الحرب، يحاول النظام تطبيع صورته من خلال تشجيع المؤثرين والفنانين على الزيارة، مشيراً إلى تصريح للمغني المصري هاني شاكر قال فيه إنه تلقى دعوة من وزارة السياحة.

ورغم ذلك الاهتمام الرسمي، لا يمكن للسائحين زيارة البلاد إلا في مجموعات ويجب عليهم التقدم للحصول على تصريح أمني مقدماً بأسابيع ويجب أن يرافقهم دليل رسمي.