الدوران، جزء من أدوار لعبتها الفنانات تضعهن في صورة مغايرة عن السابق. المرأة في هذا الموسم، لا تقتصر على الأم والأخت والضحية والحبيبة.. هي قائدة، سواء في أدوار الشر أو في مراكز القيادة، وتتمدد الفكرة من المسلسلات اللبنانية والسورية والمشتركة، الى المسلسلات المصرية.
في مسلسل "النار بالنار" مثلاً، تنتفض زينة مكي (سارة) على ماضيها وتكسر كلّ التقاليد المجتمعية البالية، ومثلها نيللي كريم التي ترفض العادات الظالمة في "عملة نادرة"، أما ريهام حجاج "في مسلسل "جميلة"، فتجسّد دور وكيل نيابة، فيما تترشح "صفية" أو روبي في مسلسل "حضرة العمدة" لمنصب عمدة، وتلعب حنان مطاوع في "سره الباتع" دور "صافية" المقاومة للحملة الفرنسية على مصر. كذلك، قدمت سوزان نجم الدين في "مربى العز" وإلهام الفضالة في "النون وما يعملون"، شخصيتي المرأة المسيطرة والتي تتمتع بالنفوذ والقادرة على اتخاذ القرارات.
لا يمكن تجاهل الدور المركب والصعب الذي تلعبه ورد الخال بسلاسة وهدوء، فرئيسة العصابة "كرمى" أتت كعنصر تغيير في الموسم الثالث للمسلسل باعتبار أنه في الموسمين الأولين كانت سحر وريم (ماغي بو غصن ودانييلا رحمة) تواجهان عصابات أشرار يرأسها رجال، لكنهما تواجهان اليوم "كرمى" الشريرة الراقية، التي يبدو أن اختيار الكاتبة نادين جابر وقع عليها، إيقاناً منها بأنها ستكون عنصر تغيير أساسي للإبقاء على النجاح الذي كسبه المسلسل في الموسمين الماضيين.
لا يمكن لمراقب أداء ورد الخال إلا أن يشعر بحضورها اللافت، فهي أثبتت أنها البارعة في الأدوار الصعبة. هي الأرستقراطية المجرمة، والراقية الهادئة، وعازفة البيانو التي تُخفي أمراضها النفسية.. هي مجموعة نساء في دور واحد. قادرة على الحب والخيانة والانتقام والسيطرة.
قد يكون أكثر ما يميز ورد الخال بدورها هذا، انها استطاعت أن تجعل لغة الجسد مدروسة، تظهر في عينيها الغضب والحقد، وتتحكم بنبرة صوتها وتلاعب أصابعها على البيانو، لتثبت أنها "رئيسة عصابة" يُحسب لها حساب.
في مسلسل "وأخيراً"، تجسد برناديت حديب شخصية "قوّادة" وتاجرة مخدرات. أبرزت خبرتها الطويلة في التمثيل رغم غيابها عن العمل التلفزيوني منذ مدّة، وفي ظلّ دورها الشرير الذي تلعبه لأوّل مرّة والذي تطّلب منها الإشراف على تعنيف وتعذيب فتيات القبو ومن بينهم نادين نسيب نجيم، إلا أنّها استحوذت على استعطاف المشاهدين لا سيما بعد الصفعة القوية التي تلقّتها من رئيس العصابة "أبو الدهب" الذي يُجسّد دوره كميل سلامة.
يُؤخذ على المسلسل أنّه لم يعطِ المساحة الكافية لكل الشخصيات، ومن بينها حديب نفسها التي لم يُعرف ماضيها والظروف التي أوصلتها لتكون زعيمة عصابة ولينتهي بها الأمر الى الانتحار في نهاية المسلسل.
صحيح أنّ المرأة قادرة على لعب كافة الأدوار في المجتمع، لكنّ الأكيد أنّ تلك الصورة لا يمكن أن تصل الى المشاهدين بوضوح إلا بوجود ممثلات يستطعن إيصال المشهدية كما هي، فهل نجحت النجمات أقلّه من لعبن أدوار شريرات في تجسيد تلك الصورة؟
ترى الكاتبة والناقدة السينمائية جوزفين حبشي أنّ الدراما التلفزيونية التي نراها اليوم "ما هي الا مرآة المجتمع"، فالمرأة القوية موجودة مثلها مثل المرأة الضعيفة أو المظلومة، وتضيف: "إذا أخذنا على سبيل المثال لا الحصر ورد الخال في مسلسل "للموت 3" نجدها شخصية مركبة ومستفزة، هي لا تحتاج لأن تصرخ كي لتوصل فكرة غضبها. يكفي أن تنظر بعينيها لترى فيهما الشر، يكفي أن تعزف على البيانو لتعكس شخصيتها المريضة المتأثرة بتربيتها وعلاقتها السيئة مع أهلها الذين علّموها ألا تثق في أحد، فشخصية "كرمى" تشبه البحر الهادئ الذي يُخشى منه".
أما برناديت حديب في "وأخيراً" "فقد ظُلمت في الشخصية التي أعطيت لها، إذ لم تُمنح المساحة اللازمة لمعرفة ماضيها وكيف تطورت لتصل الى ما وصلت إليه".
يركز مسلسل "وأخيراً" المأخوذ عن قصة المسلسل الأجنبي "ملكة الجنوب" على الشخصيات الرئيسية فقط، أي "خيال" و"ياقوت" وأحياناً على بنات الحي اللواتي اختطفن مع خيال من دون أن يكون في قصصهن، أي قصة فرعية. في العمل، لا تركيز على حكايات بنات القبو مثلاً أو الضابط المتورط، وتُركت بعض التوضيحات للحلقة الأخيرة وربما يكون السبب مردّه الى اختصار المسلسل من 30 حلقة الى 15 فقط، بعكس "للموت 3" الذي فيه تفصيل لكلّ شخصية على حدة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها