عند تطور منصات المشاهدة عبر الإنترنت، على مثال "نتفليكس" وHBO و"سينموز"، لاحت فرص جديدة للحل. قامت مثلا شركة "إم ميديا" Mmedia بإتاحة أفلام عدد كبير من المخرجين اللبنانيين (وثائقي وفيكشن) عبر منصتها الخاصة، إلا أن التجربة لم تلبث ان توقفت بعد وقت قصير، لأسباب غير واضحة (ما زالت هناك إمكانية للإشتراك في المنصة لكن لائحة الأعمال لم تعد تزداد). يمكن الحديث أيضاً عما فعلته "أشكال ألوان" ضمن مشروعها الكبير لإتاحة ارشيف ثلاثين عاماً من الإنتاج الفني الذي ضمنته منصة تحت عنوان "عشرة" تتيح عبرها، كل ثلاثة أشهر، عشرة أفلام مجانا. ربما هي التجربة الأهم حتى الآن، التي حاولت الإستفادة من الإمكانات التي تقدمها الشبكة من أجل خلق نمط جديد من العرض يتيح الأعمال لفئات تقع خارج الأوساط الضيقة.
يعاد الإعتبار اليوم لهذه الحلول، بعد إصابة اقتصاد العرض السينمائي بالشلل التام بسبب أزمة فيروس كورونا. فلا سبيل إلى تنظيم المهرجانات وعرض الأفلام لوقت لا نعرف كم سيطول، وشاشة الكومبيوتر أو التلفزيون، تبقي الوسيط الوحيد لإجراء تواصل مع الجمهور.
لذلك قام بمبادة فردية، مخرجون ومخرجات، بإتاحة أفلامهم مجاناً أمام الجمهور، ضمن موجة أكبر، شارك فيها عاملون في الوسط الثقافي، لإتاحة أرشيف كتابي وبصري للجالسين في منازلهم. بعض هذه الأفلام أتيح بشكل مؤقت، كما الحال مع أفلام شركة قبوط للإنتاج، والتي انضمت إلى المخرجين وبدأت بإتاحة فيلم من إنتاجها كل ثلاثة أيام، وبعض الأفلام أتيح لوقت غير محدد. طبعاً، نتكلم هنا عن جهات تمتلك حقوق النشر/البث، ما ينطبق على المخرجين الذين انتجوا الأعمال أو الشركات التي ساهمت في ذلك.
من الأفلام التي اتيحت "ميل يا غزيل" لإلهان الراهب، "إنت عمري" لهادي زكاك، "هدنة" لميريام الحاج، بالإضافة إلى أربعة أفلام من إنتاج "قبوط" كانت قد عرضت العام 2017 خلال افتتاح أسبوع المخرجين في مهرجان "كان" السينمائي. قام أيضاً مهرجان "إدفا" للأفلام الوثائقية IDFA بإتاحة جميع الأفلام التي شارك في إنتاجها خلال السنوات الماضية ومن بينها أفلام لمخرجين لبنانيين وسوريين.
بسبب هذه المبادرات، بدأ الجمهور بالتعرف اكثر على الموجة السينمائية التي بدأت في لبنان منذ عقد ونيّف (مع توسع الإحتمالات الإنتاجية مع دخول مؤسسات مثل "آفاق" و"المورد الثقافي"). ما يعني تعزيزاً للمناقشة والحوار، وتوسعاً في حدود الفن السينمائي إلى أبعد من القاعات والمهرجانات الضيقة.
يبقى مستغرباً أننا انتظرنا حصول الكارثة حتى نحوّل البديهي إلى واقع، وربما في حال استمرار الكارثة لوقت أطول ستنبثق وسائط أكثر تنظيماً للتواصل بين الجمهور والمنتجين السينمائيين في لبنان، تعيد الإعتبار لحقوق المنتج والمخرج، وتؤمن تجربة أفضل للعرض من ناحية الجودة الصوتية والبصرية.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها