الأحد 2023/12/17

آخر تحديث: 11:35 (بيروت)

أين العيد في زحلة: تنافس سياسي يفسد بهجة "الميلاد"

الأحد 2023/12/17
أين العيد في زحلة: تنافس سياسي يفسد بهجة "الميلاد"
الزينة لم تحضر هذه السنة إلا بحدها الأدنى (المدن)
increase حجم الخط decrease

تضج مدينة زحلة هذه الأيام بعدد كبير من الريسيتالات، المسرحيات، المعارض والقرى الميلادية، وغير الميلادية، افتتاح المغارات.. على نحو أربك الكثيرين بكثرة الدعوات التي وجهت إليهم للمشاركة فيها، فسقط عدد منها سهواً عن جدول مواعيدهم، بعدما تبين لهم أن تلبية الحضور إلى كل المناسبات قد يحتاج إلى تفرغ تام.

ومع ذلك، ثمة حملة إلكترونية يشنها البعض في المدينة، ليتحدث عن "تقصير" ببث جو العيد في زحلة. والسبب، أن الزينة لم تحضر هذه السنة إلا بحدها الأدنى.

يتناقل البعض في ثالث أكبر المدن اللبنانية، مشاهد الزينة وإطلاقها في البترون، جبيل الأشرفية وغيرها، ليسأل "وين العيد" في زحلة. والسؤال على ما يبدو يحمل خلفيات أبعد من العتب على شح أضواء العيد، ليبدأ بالتمهيد لحملة الإنتخابات البلدية المرتقبة في العام المقبل، وخصوصاً عندما تأتي محاولة ملء الفراغ من قبل من تطرح أسماؤهم كطامحين للانخراط بالعمل البلدي، أو حتى نواب وفعاليات لم تسجل لهم مبادرات في السنوات الماضية. مع تجيير الشق التجاري من النشاطات والمعارض ذات الأهداف الربحية، لحسابات طامحين لمواقع المسؤولية في المدينة.

ماذا في تفاصيل حالة العيد في زحلة؟
مساء الجمعة الماضي، افتتحت بلدية زحلة القرية الميلادية وزينة العيد بحديقتها العامة "الممشية"، في استعادة للمشهدية التي أرستها بتنظيم هذه القرية بالحديقة، التي تحتضن تماثيل شعراء المدينة ومفكريها الأوائل، وباتت تعرف بحديقة الشعراء. بالتزامن، كان نادي روتاري زحلة كابيتول يفتتح المعرض الميلادي المنظم من قبله بالتعاون مع نادي روتاراكت زحلة كابيتول وحركة شباب الشرق، في وقت كانت جمعية تجار زحلة بالتعاون مع تلفزيون زحلة تتحضر لافتتاح قرية الانتشار الزحلي الميلادية مساء الأحد، ويكمل راديو باكس بالتعاون مع جمعية التجار التحضيرات لإفتتاح WE IMPORT CHRISTMAS VILLAGE يوم الثلاثاء على أن يتبعه يوم الأربعاء إفتتاح Christmas Wonderland Village برعاية النائب الياس إسطفان. ويتوسط هذه الاحتفالات بالقرى الميلادية وتنوعها معارض ونشاطات ميلادية نظمتها جمعية منتدى المقعدين، جامعة الروح الكسليك، ثانوية مار يوسف الانطونية – كساره، وربما يكون هناك غيرها مما لم يحص في محاولة التغطية الشاملة لعدد هذه النشاطات.

تضارب المواعيد
ولكن إذا كنتم تعتقدون أن كل هذه القرى الميلادية في مدينة واحدة زحمة، فانتظروا حتى تطلعوا على برنامج الريسيتالات. فالأخيرة يصعب إحصاؤها، وهي مستمرة إلى ما بعد ليلة الميلاد. فإلى جانب برنامج "زحلة ترنم" الذي شمل ثمانية أمسيات ترنيمية لثمانية جوقات ارتقت أو تحاول أن ترتقي إلى مستوى الإحترافية، فإن كل من هذه الجوقات يحيي أمسيات ترنيمية أخرى على حسابه، فتضاربت مواعيدها إلى حد تعذر حضور أي منها من قبل البعض.

في كلمة ألقاها رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب بافتتاح القرية الميلادية، التي تشكل الواحة المضاءة الأكبر بوسط مدينة زحلة، تحدث عن أكثر من 25 أمسية ترنيمية سيتم إحياؤها في المدينة خلال أيام. وقد تطرق إلى كثرة هذه النشاطات من وجهة نظر إيجابية، مصوراً ذلك كنتيجة للتفاعل الذي تأمّن بفعل المبادرات التي أطلقتها البلدية سواء من خلال إحياء أمسيات الترنيم منذ مرحلة انتشار وباء كورونا، أو من خلال إطلاق فكرة القرية الميلادية. إلا أن كلام بعض الناس لا يتفق مع وجهة نظر رئيس البلدية كثيراً. وينظر جزء من المجتمع الزحلي إلى الأمر كفوضى، وبرأيهم أن كثرة النشاطات وتضاربها تهرّب المنفعة الكبرى التي كان يمكن أن تتحقق لو اجتمعت الجهود كلها في مكان واحد، بحدث ضخم يمكن أن يشكل حديث القنوات التلفزيونية والناس على المستوى اللبناني، بدلاً من أن تسعى كل جهة لتسويق نشاطها كحدث أول وأكبر، وتبقى جميعها مغمورة في وسط الوادي الذي ترتاح فيه مدينة زحلة.

فأيا كانت وسائل التسويق التي يملكها جزء كبير من منظمي النشاطات الميلادية في المدينة، فإن حدها الأقصى وصل إلى حد تسويق هذه النشاطات بين مغتربي زحلة، الذين اشتركوا بنفقات بعض هذه النشاطات، كما هي حال المغتربين الذين يشاركون أهلهم في يومياتهم ومصاعبهم المعيشية. وبعضها أو معظمها، شكل أو سيشكل أيضاً قبلة لأهالي جوار المدينة الذين يجدون في زحلة متنفسهم الوحيد. وهؤلاء هم العنصر الأساسي الذي يحفز على الاستمرار بتنظيم هذه النشاطات، ولا سيما "التجارية" منها. وهي تظهر كبقع ضوء وسط العتمة التي لم يجرؤ أحد من المبادرين إلى مقاربتها، ربما لكون الإنارة "مكلفة" كما أشار زغيب خلال الاحتفال بإضاءة الممشية. فيما الكلفة التي توضع بزينة الميلاد، وإن لعبت دوراً في بث أجواء العيد في المدينة وجذب الجوار إليه، لا تؤمن مداخيل مباشرة مثلما هو الحال بتنظيم المعارض الميلادية.

الزينة وأهلها
وهذا ما يعيدنا إلى قضية "الزينة". فتساؤلات البعض عن غيابها محملة أيضاً بخلفيات الانقسام السياسي في المدينة. وقد حاول جزء من هؤلاء تحميل البلدية المسؤولية عنه. فكان رد غير مباشر من زغيب خلال الاحتفال بإفتتاح زينة الممشية، مشيراً إلى أن البلدية لم تكن يوماً المبادرة إلى التزيين، إنما هي كانت تدعم الراغبين بالزينة، وتشارك بجزء من نفقاتهم إذا تطلب الأمر. مشيراً إلى أن الكل يذكر من كان يزين سابقاً في المدينة.

والذكرى تتطلب بالنسبة للبعض العودة بالزمن لنحو 12عاما تقريباً، عندما أطلقت مؤسسة جوزف طعمه سكاف ورئيستها ميريم سكاف زينة مميزة على مدخل المدينة، لم تتمكن حتى هي نفسها أن تضاهيها جمالاً في توليها عملية التزيين في السنوات اللاحقة. وعليه فإن مناصري الكتلة الشعبية التي ترأسها سكاف لا يزالون يصرفون من هذا الرصيد في توجيه الانتقادات لغياب الزينة بالمدينة، فيما معارضوها يسألون عن سبب تواريها عن مشهد العيد، وكل ذلك وسط خجل وتحفظ يبديه جزء من الزحليين، يؤسفهم أن تتحول زينة العيد إلى سبب لتراشق الاتهامات بالتقصير في المدينة بينما هناك أطفال ليسوا بعيدين عن لبنان في "غزة" يقتلون في كل يوم، وينامون جياعاً ومن دون ماء وكهرباء.

أياً يكن الأمر، ربما يكون من المفيد العودة بهذا الزمن إلى ما قاله مطران زحلة لطائفة الروم الكاثوليك إبراهيم إبراهيم خلال افتتاح زينة الممشية أيضاً، حين ذكر بأن "الاستثمار بزمن الميلاد ليس فقط تزيين وإضاءة، ولكن هو إسهام في رفع منسوب الأمل بقلوب الناس وإبعاد روح اليأس التي تتسلل لهذه القلوب، إنها فرصة للأطفال والعائلات للتجمع والاحتفال بروح الميلاد والمحبة"، مع التأكيد بأن كل من يبادر في هذه الأيام هو من الأقوياء الذين يستحقون التقدير لإرادتهم في التغلب على اليأس.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها