الأحد 2023/11/05

آخر تحديث: 11:32 (بيروت)

قمة بليتشلي: إبادة الجنس البشري بالذكاء الاصطناعي احتمال مستبعد

الأحد 2023/11/05
قمة بليتشلي: إبادة الجنس البشري بالذكاء الاصطناعي احتمال مستبعد
الذكاء الاصطناعي يهدد الديمقراطية، خصوصاً في فترات الانتخابات (Getty)
increase حجم الخط decrease

استضافت المملكة المتحدة مطلع هذا الشهر، قمة لتنظيم الذكاء الاصطناعي في ظل تزايد المخاوف حول المخاطر المحتملة لهذه التكنولوجيا.

إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك، شهدت القمة حضور نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالإضافة إلى علماء كمبيوتر مرموقين وخبراء تكنولوجيا في مجالات عديدة ومدراء تنفيذيين في جميع شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة، من بينهم الملياردير إيلون ماسك.

لماذا بليتشلي بارك؟
تم اختيار موقع Bletchley Park لاستضافة القمة لما له من رمزية خاصة، حيث كان هذا المكان مسرحاً لأحد أهم الإنجازات في تاريخ الحرب العالمية الثانية، وهو كسر شفرة Enigma الألمانية.

يعتقد المؤرخ كريس سميث أن العمل في بليتشلي بارك خلال الحرب العالمية الثانية كان له تأثير كبير على تطوير الحوسبة، فقد طور علماء بليتشلي بارك أول كمبيوتر رقمي قابل للبرمجة وهو كولوسوس. ويضيف سميث أن الصورة النمطية السائدة عن بليتشلي بارك على أنها ملعب للعلماء غريبي الأطوار لا تعكس الواقع الحقيقي، حيث انها كانت مؤسسة ضخمة عمل فيها الآلاف من الأشخاص معظمهم من النساء، وكان عملهم في فك الشفرات عاملاً حاسماً في انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

التجاذبات بين هاريس وسوناك
جاءت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى قمة بليتشلي لسلامة الذكاء الاصطناعي ومعها خطط جديدة لتنظيم هذا المجال. إذ تهدف الولايات المتحدة إلى قيادة الجهود العالمية لتنظيم الذكاء الاصطناعي. فقبل أيام أصدر الرئيس جو بايدن قراراً تنفيذياً يلزم شركات التكنولوجيا بتقديم نتائج اختبارات أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى الحكومة الأميركية قبل إصدارها للجمهور.

وفي خطابها في اليوم الأول من القمة، أعلنت كامالا هاريس عن إنشاء مركز لسلامة الذكاء الاصطناعي يتبع لوكالة الأمن القومي الأميركي. أثار هذا الإعلان بعض الانزعاج لدى رئيس الوزراء البريطاني ريتشي سوناك الذي يمتلك رؤية مختلفة. فهو أكد على أن التنظيم يجب ألا يعيق الابتكار في قطاع التكنولوجيا، لكنه نجح في نهاية الأمر في الإعلان عن لجنة دولية لتنظيم الذكاء الاصطناعي على غرار اللجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة.

وتعليقاً على خطاب هاريس، قالت وزيرة التكنولوجيا البريطانية ميشيل دونيلان، أن جهود بلادها في القمة لم تتأثر سلباً بالمبادرات الأميركية. وأضافت دونيلان أن هذه المبادرات طبيعية، نظراً لأن غالبية شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة تقع مقراتها في الولايات المتحدة.

سوناك يستعين بنجومية إيلون ماسك
استضاف رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الملياردير الأميركي إيلون ماسك في مقابلة تلفزيونية امتدت لخمسين دقيقة، وذلك على هامش نقاشات القمة التي حصلت بمعظمها خلف أبواب مغلقة.

وتعرض سوناك على إثر ذلك لهجوم لاذع من أحد نواب حزب العمال، الذي اتهمه بأنه هرع من بليتشلي بارك إلى لندن خصيصاً لتملق ماسك. وقال النائب العمالي: "من واضح أنه لا يهتم بتنظيم الذكاء الاصطناعي، بل يهتم فقط بتأمين مستقبله".

أما ماسك فقد بدأ حديثه عن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي وأهمية التنظيم من اللاعبين الكبار في هذا المجال، لا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين. وهنا سارع سوناك ليحصل على تأييد ماسك لخطوة دعوة الصين إلى القمة، فشكره ماسك على دعوة الصين وشكر الصين على الحضور، قائلاً إن سلامة الذكاء الاصطناعي من دون الصين لا معنى له.

كعادته تبنى إيلون ماسك وجهة النظر المثيرة للجدل التي تحذر من وصول الذكاء الإصطناعي إلى نقطة يسبق فيها الذكاء البشري. توقع ماسك مستقبلاً لا يحتاج فيه أحد إلى العمل، حيث سيقوم الذكاء الاصطناعي بكل شيء نيابةً عنا. وقال لسوناك: "سيأتي وقت لا حاجة فيه إلى أي وظيفة". وأضاف أن الذكاء الاصطناعي سيسمح لنا "بالعمل إذا أردنا ذلك، لكن الذكاء الاصطناعي سيقوم بكل شيء". لذلك بدلاً من الاستيقاظ في الصباح الباكر، يمكنك قضاء اليوم كله في السرير تتصفح "إكس" (تويتر سابقاً).
بشكل عام كانت المقابلة جيدة وتضمنت معلومات قيمة، رغم المديح المتبادل وغير الضروري بين الشخصين.

مخاطر وجودية؟
في حين اقتصرت النظرة التشاؤمية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي على بعض الشخصيات، أجمع من شارك في القمة من سياسيين وعلماء كمبيوتر واختصاصيين من الشركات الرائدة، بأن احتمال أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى إبادة الجنس البشري أمر مستبعد.

فلا مخاطر وجودية بعيدة الأجل تهدد البشرية، لكن المخاطر الحالية موجودة، وهي تهدد الديمقراطية خصوصاً في فترات الانتخابات، حيث تنتشر المعلومات المضللة. فهناك مخاوف من أن الانتخابات في الولايات المتحدة والهند والمملكة المتحدة العام المقبل قد تتأثر بالاستخدام الخبيث للذكاء الاصطناعي التوليدي.

وقال نيك كليج، السياسي البريطاني السابق ورئيس الشؤون العالمية في شركة Meta، إن المخاوف الوجودية مبالغ فيها، لكنه يشعر بالقلق من التهديد المباشر للانتخابات الديمقراطية. وأضاف: "لدينا بعض الأمور التي نحتاج إلى التعامل معها الآن".

أما ستيوارت راسل، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة بيركلي كاليفورنيا، فدعا إلى إعادة التفكير في كيفية جعل الذكاء الاصطناعي آمناً من البداية. واعتبر أنه من الخطأ الاستمرار بالطريقة الحالية، وهي بناء الذكاء الاصطناعي أولاً ومن ثم تعيين فريق سلامة رقمية لمنع حدوث المشاكل، "إنها طريقة غير فعالة ولن تنجح أبداً".

نتائج القمة
لم تتوصل قمة بليتشلي لسلامة الذكاء الاصطناعي إلى اتفاق دولي بشأن كيفية تنظيم هذه التكنولوجيا، لكنها اتخذت بعض الخطوات المهمة في هذا الاتجاه. فقد وافقت شركات الذكاء الاصطناعي على منح الحكومات الاطلاع المبكر على نماذجها لإجراء تقييمات السلامة. كما وافق عالم الكمبيوتر الكندي يوشوا بينجيو على رئاسة لجنة ستعمل على تحديد الإجماع العلمي حول مخاطر وقدرات أنظمة الذكاء الاصطناعي المتطورة.

وجاءت نتائج القمة كحل وسط بين رغبة الشركات في عدم تقييد إبداعاتها ورغبة الاتحاد الأوروبي الذي اقترح سابقاً هذا العام تشريعات بشأن الذكاء الاصطناعي اعتبرت في حينها بأنها تحد من الإبتكار والمنافسة.

وقعت 28 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي، على إعلان Bletchley، الذي يؤكد على مخاطر الذكاء الاصطناعي قصيرة الأجل وطويلة الأجل، ومسؤولية الشركات في التطوير الآمن للذكاء الاصطناعي. والتزم الإعلان بالتعاون الدولي لتحديد المخاطر والعمل على تخفيفها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها