السبت 2022/06/11

آخر تحديث: 11:58 (بيروت)

لافتات الانتخابات والمرشحين تتحول حقائب مدرسيّة.. بلا صورهم وشعاراتهم

السبت 2022/06/11
لافتات الانتخابات والمرشحين تتحول حقائب مدرسيّة.. بلا صورهم وشعاراتهم
لتأمين أكبر عدد ممكن من الحقائب لأكبر عدد من التلامذة (المدن)
increase حجم الخط decrease
بعيدًا من ما أنتجته مرحلة الانتخابات النيابية الأخيرة في دائرة بعلبك الهرمل من صدامات، أبعدت العملية عن ميزتها الديموقراطية، ظهرت مبادرات ينفذها شباب تطوعوا لإبراز وجه منطقتهم الأجمل: إعادة تكوين صورة حضارية لبعلبك الهرمل، تناسب طموحات أجيالها بإقدام الفئات الشابة على مبادرات مدنية تطوعية ناجحة ومفيدة.

الجمعية والمشروع
قبل أيام نشر محافظ بعلبك الهرمل، بشير خضر، على صفحته للتواصل الاجتماعي ما يلي: "بمبادرة من الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب LOST، وبتشجيع محافظ بعلبك الهرمل ودعمه سوف يتم تدوير اللافتات الانتخابية في محافظة بعلبك الهرمل وتحويلها إلى حقائب مدرسية توزع على أبناء المحافظة. وفي هذا الإطار أوعز المحافظ إلى البلديات بتقديم اليافطات إلى الجمعية المعنية لتأمين أكبر عدد ممكن من الحقائب لأكبر عدد من التلامذة".

إيعاز المحافظ خضر، جاء ترجمة لحماسته للفكرة التي طرحتها الجمعية اللبنانية للدراسات، من ضمن مشروع YSAE -YOUTH SOLIDARITY AGAINST EXTRIMISM أي "تضامن الشباب للحد من التطرف". والمشروع المرتكز إلى هذا العنوان تموله السفارة الهولندية منذ سنة 2018، وقد جُدد عند انتهاء مدته، بعد نجاحه في استقطاب عدد كبير من الشبان/ات في بعلبك، أولئك الذين تطوعوا مجاناً لتنفيذ مبادرات على مدار السنوات الماضية.

وفقاً لمنسقة المشروع في الجمعية آيه سليمان، يستقطب مشروع YSAE حاليًا 1600 شابة وشاب من بلدات بقاعية: الهرمل، عرسال، بدنايل، دير الأحمر، بوداي، بريتال، النبي شيت، بعلبك المدينة وسواها. هؤلاء الشبان/ات يعملون في المشروع متطوعين بلا أي مقابل، ومعهم مدربون في المنطقة يستقطبون الشباب والشابات ويوجهون نشاطهم. وانضم المتطوعون إلى حلقات تدريب وورش عمل جعلتهم أكثر تخصصًا في مجالات المناصرة والتدخل لتحسين أوضاع مجتمعاتهم، سواء على صعيد البيئة والموسيقى والرياضة وغيرها.

بدأت الفكرة في اليوم العالمي للبيئة المصادف في 5 حزيران الجاري، بينما لافتات الانتخابات وصورها لا تزال منتشرة في المناطق، وسط إهمال البلديات إزالتها، ولو على نفقة واضعيها. وطرح الشباب المتطوعون ومدربوهم، عدة أفكار ومبادرات يمكن تنفيذها من أجل بيئة أفضل في مناطقهم. تنوعت الأفكار بين حملات تشجير، تنظيف ساحات عامة، وتشجيع الناس على استخدام الدراجات الهوائية، وغيرها من الأفكار الممكن تنفيذها، حسب احتياجات المناطق. وذلك من ضمن أهداف الجمعية لإرساء السلام، وترسيخ المبادرات المدنية الملائمة لليوم العالمية للبيئة في منطقة بعلبك الهرمل.

عدوى من كسروان والشوف
وجاءت الفكرة التي تنفذ على مستوى المحافظة باقتراح من سليمان التي تقول أنها تأثرت بمبادرة مشابهة قامت بها السيدة جوزفين زغيب في منطقتي كسروان والشوف، وتقضي بجمع لافتات الانتخابات التي يمكن تدويرها، وتحويلها حقائب مدرسية. وقد اقترح ناشطو المشروع تصنيع أكياس مستدامة، يمكن استخدامها في حمل الحاجيات من السوق، بدلًا من استخدام أكياس النايلون التي تصعب معالجتها والمضرة للبيئة. 

مقومات نجاح مثل هذه المبادرة تبدو أكبر في بعلبك، حسب سليمان، "خصوصًا أننا نتحدث عن محافظة كبيرة، يبلغ عدد مقاعدها النيابية عشرة، وتميزت بوفرة في اللوائح والمرشحين خلال الانتخابات. هذا في مقابل ما يمكن ملاحظته من سوء إدارة البلديات مخلفات الانتخابات، وغياب الرؤيا الواضحة حول كيفية معالجتها، ما يهدد بإبقائها مهملة لفترة طويلة قبل أن تفعل العوامل المناخية فعلها بها، فنكون إما أمام تلوث بصري أو تلوث بيئي ناتج عن سوء إدارة هذه المخلفات في المطامر".

بعد الحماسة التي أبداها المدربون والمتطوعون في مختلف مدن بعلبك الهرمل وبلداتها للسير بالخطة العملية، كان المحافظ خضر من المتحمسين الأساسيين للمشروع. وقد أصدر فورًا تعميمًا أول للبلديات بضرورة المبادرة لإزالة اللافتات الانتخابية، وأعقبه بكتاب مباشر يطلب إليهم التعاون مع المتطوعين في مشروع YSAE الذين يتولون جمع هذه اللافتات ونقلها لمرحلة التدوير.

فوائد المشروع
فائدة المشروع بعد انطلاقه تشمل مستويات ثلاثة: بيئيًا، يسهم في تدوير هذه المواد بدلًا من طمرها، فيخفف من كمية التلوث التي يمكن أن تنجم عن عملية الطمر والمعالجة العشوائية. وللمشروع وجه إنساني وآخر إقتصادي. يتجلى الشق الإنساني في توزيع الحقائب المدرسية حسب سليمان على أطفال العائلات الأكثر ضعفًا بمنطقة بعلبك الهرمل، والتي تفتقد إلى القدرة على تأمين حقائب مدرسية لأولادها في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة.

أما الشق الاقتصادي فيكمن في كون تصميم الحقائب وتنفيذها سيكون من خلال مشغل للخياطة أنشأته الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب LOST في منطقة دورس لتأمين فرص عمل لعدد من الأهالي. وقد أبدى هؤلاء كل الحماسة للانطلاق بالورشة. ولم يطلبوا سوى نوعيات محددة من الإبر التي تسهل العمل في المواد المعاد تدويرها.

لن تتوسع عملية جمع هذه اللافتات في مرحلة أولى إلى خارج دائرة بعلبك الهرمل. وإذا كانت كميات اللافتات الانتخابية لا تكفي لتأمين حاجة المحتاجين إلى حقائب من تلامذة المدارس، فإن المشروع يسعى لتأمين ديمومته عن طريق الاستعانة بكل اللافتات التي تستخدم في مرحلة لاحقة، بعد انتهاء صلاحية فائدتها. خصوصا أن كتاب محافظ بعلبك الهرمل يسمح بذلك.

بلا مرشحين وشعارات
ولكن من الطبيعي لدى الحديث عن استخدام اللافتات الانتخابية أن يسأل البعض: هل هذا يعني أن التلاميذ سيحملون حقائب عليها صور مرشحين أو شعارات انتخابية؟ لا بالطبع، تؤكد سليمان، فمرحلة الخياطة ستكون دقيقة لجهة عدم تضمين الحقيبة أي وجه أو شعار انتخابي. فاللافتات والصور سيزيل عنها تدويرها واستعمالها مجددًا في المشروع كل الشعارات وصور المرشحين، مع الاحتفاظ بالمواد الخام وألوانها.

التجربة ستكون نوعية وفريدة في بعلبك. فهي ستؤمن مشاركة عدد كبير من الشبان المتطوعين. وهؤلاء سيباشرون التواصل مع البلديات للحصول على مخلفات اللوحات الإعلانية، على أمل أن تبرز البلديات تضامنها اللازم مع المشروع وأهدافه البيئية والإنسانية. علمًا أن الحملة تشمل أمكنة تطوع الناشطين وجوارها، لضمان الحصول على أكبر عدد ممكن من اللوحات ومعالجتها بالشكل اللازم.

بعد أنتهاء مرحلة الإجراءات الإدارية ينطلق المتطوعون حاليًا بتحديد كميات اللوحات واللافتات التي يمكن تدويرها. وإن لم تكن كبيرة فهي مفتوحة على كميات إضافية من اللوحات غير الانتخابية التي يمكن استخدامها لاحقاً، وتطوير المشروع ليصبح مستدامًا.

يبقى أن الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب التي تنفذ المشروع بدعم من السفارة الهولندية تعرِّف عن نفسها بكونها جمعية تنموية لا تتوخى الربح، وتأسست في بعلبك منذ سنة 1998 وتعمل على محاربة الجهل والتخفيف من حدّة الفقر وانعكاساته الاجتماعية عبر تنفيذ برامج إنسانية متنوعة، تستهدف الفئات المهمشة من الشباب والنساء والأطفال.

ومركز دراسات الجمعية متخصص في إعداد الدراسات الإنمائية التي تتناول واقع القطاعات الانتاجية في المناطق المحرومة، كما تعمل على نشر الأفكار التي تساهم في تمكين المواطن وتوسيع خياراته بما يعزز دوره في المساءلة والمطالبة العلمية لرفع الحرمان عن المنطقة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها