الجمعة 2022/05/06

آخر تحديث: 11:28 (بيروت)

12 سنة مونديال: لا يُقام.. يُقام

الجمعة 2022/05/06
12 سنة مونديال: لا يُقام.. يُقام
نظافة ملف المونديال ترافقت مع قوة التأثير السياسي لدولة قطر وديناميتها الديبلوماسية (Getty)
increase حجم الخط decrease
التضامن والتنسيق بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بمواجهة روسيا في حربها على أوكرانيا، أعاداني بالذاكرة إلى موقف هاتين الدولتين "الموحّد" في الحرب على قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في العام 2010 بإسناد مونديال 2018 إلى روسيا ومونديال 2022 إلى قطر.

ومع أن الولايات المتحدة كانت الخاسرة أمام قطر، فان انكلترا تركت روسيا قاهرتها، وصبت جام غضبها وأشعلت النيران لحرق أوراق الملف القطري، لدرجة أن هذا "العمل المشين" للفيفا طُرح على بساط البحث في جلسة للبرلمان البريطاني الذي احتدمت خلالها النقاشات الجدية حتى خُيّل للعالم أنّ الانكليز، الذين يتباهون بأنهم موئل الديمقراطية، لم يهنأ لهم العيش قبل أن يجردوا القطريين من حق استضافة المونديال الذي ظفروا به من خلال تصويت ديمقراطي!

زوبعة البرلمان البريطاني
ومع أن الاتحاد الدولي لكرة القدم، وعبر رئيسه السويسري جوزيف سيب بلاتر، تولى التصدي لحملات التشويش اليائسة على نظافة ملفي روسيا وقطر الفائزين، فإن رجفة عابرة مرت كسحابة صيف في سماء الدوحة لمستُ تأثيراتها في كلام قاله لي الشيخ محمد بن حمد، رئيس لجنة ملف قطر، حين قابلته في مقر اللجنة الأولمبية بالدوحة على عجالة، للبحث في تعاون بخصوص المونديال: "سنبحث في كل الأمور حين تنتهي زوبعة البرلمان البريطاني"..

وبالطبع كانت تلك الزوبعة في فنجان، اذ لم تُثبت كل الشائعات أي حقيقة مخالفة، رغم الضجة المفتعلة حول نزاهة التصويت في المكتب التنفيذي "للفيفا"، مما يجبر الأخير على الاعتراف بأنه لا يملك القاعدة القانونية لسحب أي مونديال. لذا، لم تصدر أي إدانة من "الفيفا" ليؤكد ما قاله الفرنسي جيروم فالكه، أمين عام "الفيفا" حينها، أن موندياليّ 2018 و2022 سيقامان في روسيا وقطر. وهكذا كان في روسيا، وهكذا سيكون في قطر في 21 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

نجحت قطر في انتهاجها السير قدماً في ورشة المونديال، نائية بنفسها عن خوض السجالات العقيمة التي لا تنتهي، والتي مضى عليها 12 عاماً. وثبت "الفيفا" في مواقفه الصلبة، وتولى رئيسه بلاتر شخصياً مهمة الدفاع. فربط حملة الولايات المتحدة القضائية على ملف قطر بالإخفاق في ملف المونديال.

نيران الأميركان ومطافىء قطر
خمدت النيران التي أشعلها الأميركان والإنكليز من دون تدخل المطافىء القطرية، وغالباً ما صبت على النيران الإنكليزية ماء إنكليزية. ففي حين كان رئيس اتحاد كرة القدم الإنكليزي يعلن جهوزية بلاده لتنظيم مونديال 2022 في حال سحب من قطر، أعلن وزير الخارجية أن بلاده ساندت ملف قطر. وجرياً على عادة البريطانيين في التشويش على كل ملف تفوز به قطر على صعيد البطولات الرياضية العالمية، أعلن رئيس اتحاد ألعاب القوى الإنكليزي أنه أحال ملف اختيار قطر لبطولة العالم 2019 إلى لجنة الأخلاق. فجاء الردّ هذه المرة أيضاً إنكليزياً، حين أعلن سيباستيان كو (بريطاني) رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى أن مبادرة تصحيح أم الألعاب العالمية تنطلق من قطر!

تضحية بن همام
وهنا تبرز قوة التأثير السياسي لدولة قطر ودينامية الديبلوماسية حيال الأحداث العالمية، علاوة على بروز شخصيات رياضية مؤثرة في الرياضة العالمية، من خلال المراكز القيادية في الاتحادات الرياضية. ولعل محمد بن همام هو الأبرز في هذا المجال، حيث تبوأ مركز رئاسة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم لثلاث ولايات متتالية بالتزكية، تمكن خلالها من تحويل الاتحاد القاري من مزرعة إلى مؤسسة، وفرت الإمكانات الموازية لقوة القارة الصفراء اقتصادياً، كما وفرت التطور للعبة ووسعت في انتشارها ونموها. وما ساعده في ذلك، ترؤسه مشروع الهدف في "الفيفا" الذي ينمّي كرة القدم في دول العالم الثالث.

ونجاح بن همام المدويّ طرق باب رئاسة "الفيفا"، وشكّل خطراً حقيقياً لأول مرة على "الديكتاتور" بلاتر، الذي لم يجد إلاّ وسيلة تلفيق التهم لرئيس الاتحاد الآسيوي وإصدار قرار من "الفيفا" بوقفه مدى الحياة.

ومع أن ابن همام رد اعتباره عن طريق قرار محكمة التحكيم الرياضي (كاس)، التي برأته من كل التهم، لكنه لم يكمل معركة رئاسة "الفيفا"، مفضلاً إبعاد ملف بلاده عن سهام الانتقام من قبل "الثعلب العجوز" بلاتر. فهو كان مدركاً التحديات التي كانت تنتظر بلاده خلال فترة الإعداد للمونديال لإثني عشر عاماً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها