الجمعة 2022/12/16

آخر تحديث: 08:53 (بيروت)

نهائي مثالي يتوج نجاحات مونديال قطر

الجمعة 2022/12/16
نهائي مثالي يتوج نجاحات مونديال قطر
ألفاريز، المساند المثالي، كان بطل التأهل للنهائي (رويترز)
increase حجم الخط decrease
لم تشغل الأزمة العالمية السياسية والإقتصادية نصف سكان الكون عن متابعة مونديال قطر الذي لم تتوقف الإثارة عن ملازمة أحداثه منذ العشرين من تشرين الثاني نوفمبر. فحتى أهل السياسة في العالم انغمسوا في حيثيات مونديال العرب، لدرجة أنّ بايدن رئيس الولايات المتحدة، أخذ في الحسبان أنّ المجتمعين معه في البيت الأبيض من قادة أفارقة، سيتابعون لقاء المغرب، ممثل القارة السمراء وفرنسا بطلة العالم. وكان إلى جانبه رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش والرئيس الليبيري جورج وياه اللاعب الدولي السابق والذي لعب نجله في المونديال مع منتخب الولايات المتحدة، ولم ينس الرئيس الأميركي أن يشيد بالأداء الرائع للفريق العربي الأفريقي الذي بات ثالث منتخب يصل للمربع الذهبي من خارج قارتَي أوروبا وأميركا الجنوبية.

الرئيس الفرنسي ماكرون كان أكثر حماسة، وربما جعلته زيارته إلى لبنان واختلاطه ميدانياً بالشعب، "الرئيس الشعبي" وذهب به شغفه إلى الدوحة ولم يتوانَ أن يغادر المقصورة إلى غرفة الملابس معرباً عن فخره الكبير باللاعبين والمدرب ديشامب، بل ومتحدثاً عن اللاعبين، محيياً غريزمان لكرمه الرائع، نظراً لصناعته هدفَي الفوز. ولم ينس مبابي وجيرو وهيرنانديز وموالي، ووصف منتخب بلاده بأنه مزيج من أجيال عدة.
وماكرون الذي كان تابع مباراة فرنسا وإنكلترا في ربع النهائي "منتبهاً لكل ثانية" على حد تعبير كاستيرا وزيرة الرياضة، إتصل بملك المغرب محمد السادس قبل مباراة نصف النهائي مشدداً على ضرورة الإحترام والصداقة بين البلدين، ومخابطاً اللاعبين المغاربة : أنتم تصنعون التاريخ!!

خطأ ثانٍ يجرح أسود الأطلس
الإحترام والصداقة بين فرنسا والمغرب تمثلا على الأرض في لقطة مواساة مبابي لزميله في نادي باريس سان جيرمان أشرف حكيمي، بعد الخسارة بهدفين نظيفين، علماً أنّ المباراة الصعبة لم تترك أثراً سلبياً على العلاقة بينهما، على الرغم من أنّ حكيمي كان مكلفاً بإيقاف مبابي، وأنّ كراً وفراً حصل بينهما. وبالطبع لم يحدّ ذلك من التأثير على المهاجم الفرنسي الذي وإن لم يسجل، فإنه كان كالعادة أحد المساهمين الرئيسيين في الفوز.
ولعلّ الهدف الفرنسي المباغت في الدقيقة الرابعة عن طريق ثيو هيرنانديز، كان صادماً للمغاربة خاصة أنه الهدف الثاني في شباك الحارس العملاق بونو. وللمصادفة أنه جاء من خطأ من المدافع ذاته نايف أكرد الذي كان المتسبب في الهدف الوحيد حتى دور ربع النهائي أمام كندا. ومع أنّ هذا الهدف كان نذير شؤم، ذلك أنّ فرنسا لم يسبق لها أن خسرت مباراة بعد تسجيل هدف التقدم. ولكن المغاربة لم يقعوا فريسة الإحباط، فبعد خمس دقائق صدّ الحارس الفرنسي تسديدة أوناحي القوية. وقبل نهاية الشوط الأول، ومن أول ركلة ركنية أصاب القائم الفرنسي تسديدة مقصية للياميق. وفي الدقائق الأخيرة أفلتت الأسود وهاجمت بضراوة ولكن الحارس لوريس تصدّ لمحاولات زياش المتعددة.
ولم تنفع الفورة الهجومية لأسود الأطلس التي استمرت في الشوط الثاني، وفي المقابل لم تتوقف المحاولات الفرنسية حتى تسجيل هدف الأمان الذي جاء قبل عشر دقائق من النهاية وعن طريق اللاعب البديل موالي الذي دخل التاريخ بتسجيله أسرع هدف فرنسي في الأدوار الإقصائية (الثانية 43).

ميسي اكتشف المساعد المثالي
وهكذا انتقل منتخب الديوك إلى المباراة النهائية الثانية على التوالي، ليواجه منتخب "التانغو" الفائز على نظيره الكرواتي بنجمه المخضرم ميسي ونجمه الجديد لاعب مانشستر سيتي ألفاريز، الذي صنع هدف ميسي من ركلة جزاء وسجل هدفين، منهياً مشوار المنتخب الكرواتي و نجمه مودريتش الذي بات واحداً من أربعة لاعبين يخوض 6 مباريات أساسية وفي عمر  37 عاماً وأكثر.
نهائي أرجنتيني فرنسي يتوّج نجاحات مونديال قطر التي فاقت كل توقع. فكل من الطرفين الكبيرين فاز بالمونديال مرتين، ويمكن القول أنّ أداء الأرجنتين القوي جداً أمام كرواتيا والفوز بثلاثية نظيفة، جاء أكثر إبهاراً من فوز فرنسا على المغرب بثنائية نظيفة، وهذا ربما يرجح كفته في مباراة القمة.

ويمكن القول أنّ القوة الهجومية الضاربة لفرنسا بالثلاثي مبابي وجيرو وغريزمان، ربما لا تتفوق على ميسي وحده، فكيف بظهور مساند مثالي، ألفاريز، الذي كان بطل التأهل للنهائي، فتمكن في نصف الساعة الأول من اختراق السيطرة الكرواتية بهجمة مرتدة مواجهاً "الحارس الذهبي" ليفاكوفيتش الذي لم يجد حلاً سوى العرقلة لإيقافه، ليتقدم ميسي متابعاً طريقه إلى المجد وجارحاً كبرياء الحارس الذي صار سداً لركلات الترجيح ومفتتحاً التسجيل، ضارباً عصافير عدة بحجر واحد، فمن تجاوز رقم الهداف التاريخي للأرجنتين بكأس العالم باتيستوتا وعلى مرأى منه (11 هدفاً مقابل 10) إلى معادلة هداف المونديال الفرنسي مبابي (5 أهداف) وصولاً إلى معادلة رقم الألماني ماتيوس بالمباراة المونديالية الرقم 25.
ومما لا شك فيه أنه عندما يذوب ثلج المونديال الثاني والعشرين ويظهر مرج الإنجازات، فإنّ أرقام ميسي القادم من كوكب آخر، ستتجاوز بكثير الأرقام الـ 13 التي حقّقها حتى ما قبل النهائي، وبها تفوق على أبطال الكرة التاريخيين من بيليه إلى مارادونا ورونالدو البرازيل ورونالدو البرتغال.

أعظم تمريرة حاسمة وهدف مارادوني
ولم تكن الصحف الأرجنتينية تبالغ حين وصفت تمريرة ميسي إلى ألفاريز الذي سجّل منها الهدف الثاني بأنها أعظم تمريرة حاسمة في تاريخ كأس العالم، فقبل عشر دقائق على نهاية المباراة انطلق ميسي بالكرة وحاور اللاعبين حتى وصل إلى أمتار قليلة بمحاذاة المرمى ويرسلها "مقشرة" إلى ألفاريز.
ألفاريز هذا الذي يبقيه المدرب العظيم غوارديولا احتياطياً في مانشستر سيتي، سجّل هدفاً مارادونياً بمجهود فردي منطلقاً مع الكرة من منتصف الملعب متجاوزاً اللاعبين وآخرهم مودريتش و"مغالطاً" الحارس، ومسجلاً هدفه الثالث في قطر (سجّل هدفه الأول في أستراليا بدور ثُمن النهائي) وهكذا أصبح ألفاريز أصغر لاعب، بعد بيليه، يسجل ثنائية في نصف نهائي مونديالي.
بعد غد الأحد النهائي بين فرنسا والأرجنتين، وبين مبابي وميسي الصراع على الحذاء الذهبي (5-5) مع إمكانية دخول لاعبين آخرين من الطرفين بحوزة كل منهم أربعة أهداف. وقد يكون لقب أفضل لاعب مضموناً لميسي.
وغداً يشكل المغرب الشبح الأسود للفرق الأوروبية مرة سادسة، بملاقاة كرواتيا، وحتى يصبح القول (المغرب فاكهة المونديال) مطابقاً للواقع يتحتم على زياش وحكيمي ورفاقهما الظفر بالمركز الثالث.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها