الخميس 2022/10/20

آخر تحديث: 13:09 (بيروت)

"اللبنانية" تتقدم محلياً وعربياً بالسمعة المهنية وتتراجع بالبحث العلمي

الخميس 2022/10/20
"اللبنانية" تتقدم محلياً وعربياً بالسمعة المهنية وتتراجع بالبحث العلمي
الأزمة الاقتصادية الراهنة تؤدي إلى تراجع تصنيف الجامعة في المؤسسات الدولية (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
فيما تراجعت الجامعات في لبنان بتصنيف "التايمز" عربياً، تقدمت الجامعة اللبنانية بتصيف QS درجات عدة، مقابل تراجع الجامعة الأميركية من المرتبة الرابعة إلى المرتبة الخامسة. 

في تصنيف "التايمز" تم تصنيف 21 جامعة سعودية و16 مصرية، ورغم تراجعها بالتصنيف احتلت الجامعة الأميركية في بيروت المركز التاسع عربياً والجامعة اللبنانية الأميركية في المركز 20 عربياً. أما في تصنيف QS فتقدمت الجامعة اللبنانية من المرتبة 18 إلى المرتبة 13، واحتلت الجامعة الأميركية في بيروت AUB المرتبة الأولى، وتقدمت الجامعة اللبنانية إلى المرتبة الثانية لبنانياً.

قد يبدو مثيراً للاستغراب، في ظل الانهيار الحاصل في لبنان، قراءة عنوان لمقال حول حصول الجامعة اللبنانية على مرتبة متقدمة بين الجامعات العربية في سُلّم التصنيف العربي للجامعات الذي تُصدره مؤسسة QS العالمية. ولعلّ هذا ما قد يدفع البعض، وللأسف، سواء طلاب أو أساتذة أو غيرهم، إلى الاكتفاء بقراءة العنوان والانكفاء عن قراءة المضمون ظناً منهم، وعلى الطريقة اللبنانية، أنّ المقال هدفه حرف الأنظار عن حقيقة وواقع أنّ الجامعة اللبنانية اليوم أضحت على فراش الموت، لكن الثابت أنّ سمعة الجامعة اللبنانية، سواء الأكاديمية أو المهنية، ما زالت ممتازة ومتقدمة لدى الأكاديميين ولدى أصحاب وأرباب العمل في الدول العربية والعالم.

مؤشرات تصنيف الجامعات العربية
يعتمد تصنيف QS على عِدّة مؤشرات: مؤشر السمعة الأكاديمية (30 بالمئة)، السمعة المهنية (20 بالمئة) والبحث العلمي (20 بالمئة). وتليها مؤشرات نسبة الطلاب للأساتذة (15 بالمئة)، نسبة أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على درجة الدكتوراه (5 بالمئة)، حضور الجامعة عبر الانترنت (5 بالمئة)، ونسبة الأساتذة الأجانب (2.5 بالمئة) ونسبة الطلاب الأجانب (2.5 بالمئة).

تقدّم اللبنانية عربياً وتراجع الجامعات الخاصة
في الترتيب العام محلياً، حلّت الجامعة الأميركية في بيروت AUB في المرتبة الأولى، وتقدمت الجامعة اللبنانية إلى المرتبة الثانية، في حين تراجعت اللبنانية الأميركية LAU إلى المرتبة الثالثة تليها جامعة القديس يوسف USJ في المرتبة الرابعة.
أما في الترتيب العام عربياً، فتراجعت الجامعة الأميركية من المرتبة الرابعة إلى المرتبة الخامسة، وتقدمت الجامعة اللبنانية من المرتبة 18 إلى المرتبة 13، وتراجعت اللبنانية الأميركية من المرتبة 17 إلى المرتبة 22، وتراجعت اليسوعية من المرتبة 22 إلى المرتبة 25.

أما حسب مؤشر السمعة المهنية الذي يستند إلى مكانة خريجي الجامعة لدى أصحاب العمل، ويحتسب باستطلاع آراء أرباب العمل، فقد حافظت الجامعة الأميركية على مرتبتها الثانية عربياً، كما حافظت الجامعة اللبنانية على المرتبة الثالثة وتراجعت اللبنانية الأميركية من المرتبة 9 إلى المرتبة 14، وتراجعت اليسوعية من المرتبة 5 إلى المرتبة 12.

أما السمعة الأكاديمية فهي تعطى الوزن الأعلى بين المؤشرات (30%). وتقاس استنادًا إلى الاستبيان الأكاديمي الذي يجمع آراء الخبراء في مجال التعليم العالي، فيما يتعلق بجودة التدريس في الجامعات. وقد تراجعت الجامعة الأميركية من المرتبة الخامسة إلى المرتبة السابعة عربياً، وتقدمت الجامعة اللبنانية من المرتبة 15 إلى المرتبة 11، وتراجعت اللبنانية الأميركية من المرتبة 27 إلى المرتبة 35، وتراجعت اليسوعية من المرتبة 26 إلى المرتبة 40.

مؤشر البحث العلمي "سلبي جداً"
في قراءة لمؤشرات الجامعات اللبنانية، يبدو لافتاً جداً التفاوت الكبير بين مؤشرات الجامعة اللبنانية، فقد بلغ فارق النقاط بين مؤشر السمعة المهنية ومؤشر إنتاجية الأبحاث 104 نقاط! وحلّت الجامعة اللبنانية في المرتبة السابعة محلياً، وفي المرتبة 107 عربياً بمؤشر انتاجية الأبحاث لأعضاء هيئة التدريس، متراجعة 14 درجة عن العام الفائت. وتستند مؤشرات البحث العلمي إلى معطيات قاعدة بيانات Scopus من Elsevier، وهي أكبر قاعدة بيانات في العالم للمجلات المحكّمة.

دق ناقوس الخطر
يحدّد قانون تنظيم الجامعة اللبنانية (رقم 75/67 بتاريخ26/12/1967) في الفصل الأول (مهمة الجامعة وأقسامها)، في مادته الأولى، مهام الجامعة اللبنانية على النحو التالي:

"الجامعة اللبنانية مؤسسة عامة تقوم بمهام التعليم العالي الرسمي في مختلف فروعه ودرجاته، ويكون فيها مراكز للأبحاث العلمية والأدبية العالية، متوخية من كل ذلك، تأصيل القيم الإنسانية في نفوس المواطنين". بذلك يكون المشترع قد ربط بين أهمية البحث العلمي، والتعليم، ووضعه في صلب مهام الجامعة. مما يعني أن دور الجامعة لا يكتمل من دون السعي إلى القيام بهذه المهمة. وممّا لا شك فيه أنّ انهيار سعر صرف الليرة والتحديات الاقتصادية والمعيشية، بدا جلياً وواضحاً من ناحية تراجع مؤشرات البحث العلمي، لا سيّما انتاجية الأبحاث حيث حلّت الجامعة في مرتبة متدنية جداً لم تصل إليها سابقاً! وهذا الواقع يفرض دق ناقوس الخطر، لا سيّما أن انعكاسات الأزمة الاقتصادية الراهنة سوف تظهر بوضوح في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة، والتي ستؤدي حتماً إلى تراجع تصنيف الجامعة في المؤسسات الدولية. ما سينعكس سلباً على طلابها وخريجيها وأساتذتها.

بدا واضحاً أن تدني رواتب أساتذة الجامعة ينعكس سلباً على السمعة الأكاديمية، بعد هجرة عدد لا بأس به من أساتذتها بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية. وممّا لا شك فيه أن حصر التدريس بثلاثة أيام في الجامعة العام المقبل ستظهر انعكاساته خلال السنوات المقبلة على السمعة المهنية للجامعة، لا سيّما أن هذا المؤشر هو انعكاس لمستوى خريجي الجامعة لدى أصحاب العمل.
الجامعة اللبنانية ليست بخير. فهي مُهملة وتعاني تهميشاً كبيراً يرقى إلى مستوى التهديد الوجودي. ما يتطلب من أصحاب السلطة إيلاء الجامعة الاهتمام والدعم اللازم، حرصاً على استمرارية هذا الصرح الوطني، وحرصاً على مستقبل شباب لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها