الأحد 2021/10/17

آخر تحديث: 11:37 (بيروت)

الجامعة اللبنانية تتقدم مهنياً لكنها تتراجع بالبحث العلمي

الأحد 2021/10/17
الجامعة اللبنانية تتقدم مهنياً لكنها تتراجع بالبحث العلمي
يتزامن تراجع مؤشر البحث العلمي مع تراجع موازنة الجامعة خلال السنوات الماضية (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
أعلنت رئاسة الجامعة اللبنانية في بيان، صدر السبت في 16 تشرين الأول، أنه رغم "الزلزال" الذي أحدثه تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار في الجامعة اللبنانية، ورفع الدعم عن المحروقات والتحديات الاقتصادية والمعيشية، فقد أحتلت الجامعة المرتبة الثالثة على مستوى العالم العربي بمؤشر السّمعة المهنية في سُلّم التصنيف العربي للجامعات الذي تُصدره مؤسسة  QS العالمية.

مؤشرات تصنيف الجامعات العربية
يعتمد تصنيف QS على عِدّة مؤشرات أهمها: مؤشر السمعة الأكاديمية (30 بالمئة)، السمعة المهنية (20 بالمئة) والبحث العلمي (20 بالمئة). وتليها مؤشرات نسبة الطلاب للأساتذة (15 بالمئة)، نسبة أعضاء هيئة التدريس الحاصلين على درجة الدكتوراه (5 بالمئة)، حضور الجامعة عبر الانترنت (5 بالمئة)، ونسبة الأساتذة الأجانب (2.5 بالمئة) ونسبة الطلاب الأجانب (2.5 بالمئة).  

ترتيب عام للجامعات اللبنانية محليا وعربيا
في الترتيب العام محليا، حلّت الجامعة الأميركية في بيروت AUB في المرتبة الأولى، تليها اللبنانية الأميركية LAU في المرتبة الثانية، وتقدمت اللبنانية إلى المرتبة الثالثة في حين تراجعت جامعة القديس يوسف USJ إلى المرتبة الرابعة.

أما في الترتيب العام عربياً، فتراجعت الجامعة الأميركية من المرتبة الثانية إلى المرتبة الرابعة، وتراجعت اللبنانية الأميركية من المرتبة 14 إلى المرتبة 17، وحافظت "اليسوعية" على تصنيفها في المرتبة 19، وتقدمت الجامعة اللبنانية من المرتبة 21 إلى المرتبة 18. 

تفاوت كبير في مؤشرات "اللبنانية"
في قراءة لمؤشرات الجامعات اللبنانية، يبدو لافتاً التفاوت الكبير بين مؤشرات الجامعة اللبنانية، فقد بلغ فارق النقاط بين مؤشر السمعة المهنية ومؤشر إنتاجية الأبحاث 90 نقطة! 

يستند مؤشر السمعة المهنية إلى مكانة خريجي الجامعة لدى أصحاب العمل، ويحتسب باستطلاع آراء أرباب العمل. وقد حلّت الجامعة اللبنانية في المرتبة الثالثة عربياً والمرتبة الثانية محلياً. أما بالنسبة إلى مؤشرات البحث العلمي فقد حلّت الجامعة اللبنانية في المرتبة السابعة محلياً، وفي المرتبة 93 عربياً، متراجعة 6 درجات عن العام الفائت.
وتستند مؤشرات البحث العلمي إلى معطيات قاعدة بيانات Scopus، وهي على التوالي:

-مؤشر انتاجية الأبحاث لأعضاء هيئة التدريس، وقد حلّت الجامعة اللبنانية في المرتبة 93 عربياً، في حين تقدمت مرتبة اليسوعية والأميركية.

-مؤشر الاستشهادات والاقتباس، وقد حلّت الجامعة اللبنانية في المرتبة 83 عربياً.

-مؤشر التعاون البحثي بين الجامعة والجامعات في دول العالم، وقد حلّت الجامعة اللبنانية في المرتبة 63 عربياً، متراجعة 5 درجات عن العام السابق في حين تقدمت اليسوعية واللبنانية الأميركية.

أهمية البحث العلمي وتأثير التحديات الاقتصادية
يعتبر البحث العلمي من أهم الوظائف الأساسية في الجامعات. وهو يساهم  في إنماء المعرفة وإثرائها ونشرها والسعي لتوظيفها لحل المشكلات المختلفة التي يواجهها المجتمع. ومع تراجع البحث العلمي تصبح الجامعة مجرد مدرسة تعليمية لعلوم ومعارف ينتجها الآخرون! ومن هذا المنطلق أولت الجامعات في الدول المتقدمة برامج البحث والتطوير اهتماماً خاصاً ورصدت لهذا الغرض الأموال اللازمة لتوفير الأجهزة المختبرية والمعدات العلمية التي يحتاجها الباحثون بتخصصاتهم المختلفة. ولا تنهض الأمم من دون تلبية حاجاتها الاقتصادية والتنموية، وهذا لا يتحقق إلا من خلال بلورة سياسة بحث علمي طويلة الأمد وتأمين الدعم الواسع لها.

وفي حين أشار بيان رئاسة الجامعة اللبنانية أن الجامعة أحرزت المرتبة الثالثة بالسمعة المهنية رغم زلزال سعر صرف الدولار والتحديات الاقتصادية والمعيشية، الاّ أن تأثير الظروف الاقتصادية الراهنة بدا واضحا من ناحية تراجع مؤشرات البحث العلمي، لا سيّما انتاجية الأبحاث التي هي أصلا في مرتبة متدنية محليا، عربياً ودولياً!. فالبحث العلمي يتطلب الصبر، والتأنّي، وتصفية الذهن، إضافة إلى رصد الأموال اللازمة. وهذا غير متوفر للباحث في الجامعة اللبنانية لأسباب عديدة أهمها تراجع موازنتها خلال السنوات الماضية، لا سيّما مع ارتفاع سعر صرف الدولار، وتراجع قيمة رواتب الأساتذة بنسبة فاقت 90 بالمئة. وهذا إضافة إلى تكاليف نشر الأبحاث في مجلات عالمية، والتي تتطلب توفر عملة صعبة بالدولار. ناهيك عن عدم إمكانية السفر للمشاركة في المؤتمرات، نظراً لتكاليفها الباهظة بعد انهيار قيمة الليرة أمام الدولار، وعدم قدرة الأساتذة على تحمل هذه التكاليف. ويضاف إلى ذلك غياب كامل للدعم من الدولة اللبنانية. 

مؤشرات الجامعة اللبنانية في هذا الصدد تفرض دق ناقوس الخطر، لا سيّما أن انعكاسات الأزمة الاقتصادية الراهنة سوف تظهر بوضوح في الأشهر والسنوات القليلة المقبلة، والتي ستؤدي حتما إلى تراجع مستوى التعليم في الجامعة الوطنية وتراجح تصنيفها في المؤسسات الدولية. ما سينعكس سلبا على طلابها وخريجيها وأساتذتها، خصوصاً أن البحث العلمي يفتح آفاقاً معرفيةً جديدةً أمام الباحث ممّا يُساهم في تحسين مهاراته الفكرية والثقافية والاجتماعية، كما يُتيح له فرصة الحصول على الدرجات العلمية.

وغني عن البيان أن البحث العلمي يساهم في رفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع، ممّا يُساهم في تطويره ونمو اجتماعيا واقتصادياً، ويُحقّق رفاهية أفراده عبر حلّ المشكلات على المستويات الاقتصادية والسياسية والصحية وغيرها. لذا فأن الاستثمار في البحث العلمي لا يقل أهمية عن أي مجال آخر، ولا مجال لتطوير المجتمع من دون ايلاء الأهمية لدعم أساتذة الجامعة عبر تصحيح أوضاعهم المعيشية والاقتصادية ورفع موازنة الجامعة وموازنة البحث العلمي في المجالات كافة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها