الثلاثاء 2021/09/21

آخر تحديث: 18:30 (بيروت)

مازوت حزب الله في الفرزل المسيحية: تهمة "الذمّية"

الثلاثاء 2021/09/21
مازوت حزب الله في الفرزل المسيحية: تهمة "الذمّية"
قال بعضهم احضروا المازوت من السعودية ومن أميركا ومن ثم ارفضوا المازوت الإيراني (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

أشعل المازوت الإيراني، الذي حط يوم الأحد في خزانات المولّدات المشغِّلة لبئر مياه "الفرزل"، جدلاً واسعاً في البلدة المسيحية "الخالصة" الواقعة بقضاء زحلة. فأيقظ مجدداً "فتنة" كانت البلدة قد تداركتها في عدة استحقاقات، بين أبنائها المنتمين بمعظمهم لحزبيّ القوات اللبنانية والسوري القومي الاجتماعي، ليعطي أيضاً إشارة الانطلاق في معركتها الانتخابية البلدية قبل أشهر من مواعيدها المستحقة، والتي لا بد أن يدخل المازوت الإيراني كناخب أساسي فيها.

رئيس البلدية يشكر
وفقاً للمعلومات، فإن الفرزل ليست البلدة الأولى التي استلمت كميات من المازوت لتشغيل بعض مرافقها الأساسية، إنما مرّ هذا المازوت بصمت في عدد من بلدات البقاع، ومن دون ضجة إعلامية.. إلى أن وصلت "خيرات إيران" إلى الفرزل، فوقع رئيس بلديتها ملحم الغصان بـ"سقطة" قبول تصويره من قبل الفريق الذي أمّن حاجة بئر مياه تديره لجنة مكلفة من قبل بلدية الفرزل، وكانت هذه الشرارة "لتقوم القيامة ولا تقعد".

ظهر الغصان في الفيديو، غير مكتفٍ بشكر حزب الله على "لفتته"، وإنما واصفاً أمينه العام حسن نصرالله بالرجل الصادق، ومعلناً أن الفرزل تقف إلى جانب الرجال.

وقال الغصان في الفيديو "بلدتنا بصراحة مسيحية مئة بالمئة ولا وجود للشيعة فيها، وهذه لفتة كريمة لقرية مسيحية، وتعني أن لا تمييز، وأن المازوت الذي أدخل هو لكل لبنان".

القوات تستنكر
هذا التصريح المصوّر للغصان سرعان ما ووجه بموجة من الاستنكارات، التي قابلتها في المقابل موجة من الدعم والتأييد، قسمت البلدة وأهلها، بين من نوه بـ"لفتة" حزب الله تجاه البلدة في الأوقات الصعبة، ومن رأى فيها محاولة لإذلال "الفرازلة".

وفي هذا الإطار صدر بيان عن منسقية زحلة في حزب القوات اللبنانية "استنكرت فيه ما صدر عن رئيس البلدية" واعتبرته "تبجيلاً مبالغاً فيه بالحزب وأمينه العام"، وأن كلامه لا يعبر "عن تاريخ وتوجهات أغلبية أهالي البلدة المعروفين بنضالهم وحرصهم على كرامتهم، التي لم يلوثها أي إغراء ولم تنل منها أي حاجة أو ظرف". وأكد البيان "أن أهالي الفرزل مؤمنين ببناء دولة المؤسسات ولن يكونوا إلى جانب فريق يعمل على تقويض المؤسسات وتدمير أركان الدولة".

وطالب البيان رئيس البلدية بسحب كلامه "الذمي والاعتذار من أهالي بلدته المشبعين بالعنفوان، والذين تأبى كرامتهم قبول أي مساعدة من أحد، لا سيما أنهم لم يمدوا يدهم يوماً إلى أي إنسان أو جهة". وذكرت المنسقية أخيراً "بواجبات البلدية في تأمين ما يحتاجه أبناء البلدة من محروقات وسلع، لا سيما أن البلدية تجبي ما يكفي من المال وليست بحاجة للتسول"، خاتمة "أهالي الفرزل لا ينتظرون منّة من أحد".

الغصان يتدارك ويرد
التعليقات التي رافقت فيديو "الريس" اتهمته ببيع البلدة لحزب الله، وألصقت به تهمة الإنتماء إلى الحزب القومي، وبالتالي بررت كلامه بخلفيات سياسية. إلا أن رئيس البلدية أصر في اتصال مع "المدن" على أن لا خلفيات سياسية لما صدر عنه من كلام.  مشيراً إلى أن أبناء البلدة يعرفون جيداً ميوله إلى "القوات اللبنانية" وليس القومية كما اتهمه البعض، قائلا "أنا قواتي حتى قبل أن يولد سمير جعجع"، علماً أن الغصان فاز بالانتخابات على رأس لائحة توافقية ضمت الخليط السياسي في البلدة ورعاها حينها النائب ميشال ضاهر إبن البلدة.  

واستغرب الغصان أن تثار مثل هذه الضجة على كلام عبر عنه بعفوية. مشيراً إلى أنه صحيح ذكره أن بلدة الفرزل مسيحية، إلا أنه لا يعتقد بأن الهبة وصلت إلى البلدة لأنها مسيحية، أو لشراء المسيحيين فيها، إنما جاءت من ضمن مخطط موضوع لمساعدة كل البلدات والبلديات بمرافقها العامة التي تحتاج إلى المازوت لتوليد الكهرباء. وبلدية الفرزل هي واحدة من هذه البلدات التي جرى التواصل معها عبر قنوات حزب الله للاطلاع على حاجاتها. وقد أطلعهم رئيس البلدية كما شرح على المشكلة المستجدة في البلدة نتيجة لتقنين الكهرباء الحاد، الذي فرض من قبل شركة كهرباء زحلة. وبات هناك حاجة ملحة لتشغيل المولدات من أجل ضخ المياه من بئر للمياه يغذي معظم وحدات البلدة.

حتى بعد الاتصال الذي تلقاه للوقوف على حاجات البلدة، يؤكد الغصان أنه لم يتوقع أن يصل المازوت الإيراني إليها. والمفارقة التي يكشفها أنه لدى وصول الصهريج لملء خزان المازوت المخصص لبئر المياه، والذي يتسع لنحو 1800 ليتر تكفي لتشغيل المولدات لمدة سبعة أيام، فإن الخزان كان شبه ممتلئ، وبالتالي لم يفرغ فيه سوى كميات قليلة من المازوت الإيراني، مع وعد بالحصول على كميات إضافية كل أسبوع. علماً ان البلدية وفقاً لغصان، كانت قد أمنت كميات من مخزون المازوت الذي تحتاجه لتشغيل مولدات البئر من مصادرات الجيش اللبناني للمازوت المحتكر، وسددت ثمنه بالتسعيرة الرسمية المحددة، فيما هي ستحصل على المازوت الإيراني مجاناً، وهذا وفقاً لغصان يشكل دعماً للبلديات الغارقة حالياً بعجز تتسبب به ميزانياتها المتهالكة جراء إنهيار قيمة الليرة اللبنانية.

أي دولة؟
لكن لماذا قبل رئيس البلدية التي تضم هذا التنوع السياسي بين أهلها بتصوير الفيديو الذي استفز قسماً من الأهالي بعبارات التبجيل التي حملها؟ يقول الغصان أنه لم يقصد التبجيل بل الشكر، ولو أتت المساعدة من أي جهة ثانية كان سيتشكرها أيضاً. مشيراً إلى أن الكثيرين ممن ينتقدونه على قبول المساعدة، تواصلوا معه لمعرفة طريقة الحصول على المازوت للمنازل، "فنحن مقبلون على موسم شتاء صعب والناس موجوعة فيما الدولة غائبة"، كما يقول.

ويشرح  أنه بعد الضجة التي أثيرت حول قبول كميات المازوت المخصصة للبئر، تواصل معي قيمون على دار للأيتام في البلدة، وهم أيضاً يعانون من صعوبة في تأمين المازوت، وطلبوا مساعدتهم للتواصل مع الحزب لتأمين هذه الكميات، خصوصاً أنهم علموا بكميات أخرى حصلت عليها دور العجزة والأيتام في أكثر من بلدةـ، وهي غير تابعة لحزب الله. 

سألناه ألا يعتبر قبول هذه الهبة إمعانا في الإستسلام لغياب الدولة؟ يسأل الغصان "عن أي دولة نتحدث عندما نجد أن جلسة الثقة لمجلس الوزراء لا تنعقد إلا متى توفر لها المازوت الإيراني لإنارة قصر الاونيسكو". ويشدد على أنه شخصياً لم يطلب أي شيء من حزب الله ولا تواصل معهم، وكل الاتصالات جرت من قبلهم للتأكد من إتمام العملية، التي انتهت بتسليم البلدية وصلاً يحدد كمية المازوت التي حصلت عليها.

ويتساءل "بأي منطق يعتبر البعض اننا بمجرد قبولنا بكميات مازوت لسد حاجة في البلدة سنتحول إلى موالين لحزب الله. وبالأساس، الحزب عالم بتركيبة البلدة السياسية التي لا يمكن أن تبدلها أي مساعدة او إعانة".

إذا لا يتراجع الغصان عن تصريحه المصور لمصلحة الجهة المانحة، كما طالبته القوات اللبنانية، متسائلاً عن المدى الذي يمكن أن تتخذه هذه الحملة، في ظل ظرف استثنائي يفرض التأقلم مع الظروف لسد حاجات الناس. ويتهم أخصامه في البلدية بتحريك الحملة ضده.

سجال السوشيال ميديا
في الأثناء، استمر تفاعل أهالي البلدة مع فيديو "الريس" وبيان القوات اللبنانية، ليخلط التموضعات السياسية بين قوميين سوريين وجدوا أنفسهم بموقع الدفاع عن الغصان "القواتي". ورأى هؤلاء "أن من حق الريس أن يشكر الحزب، من باب عرفان الجميل، لأن من انتظر من القوات اللبنانية أن تساعده، وجد أن القوات تحتكر المادة" في إشارة إلى ما تم مصادرته من كميات مازوت لدى إبراهيم الصقر الموالي للقوات اللبنانية. واستحضر البعض كلام تبجيلي لنائب القوات اللبنانية جورج حبشي بالرئيس نبيه برّي، متسائلاً إذا كان التبجيل لبرّي مسموح ولحزب الله مرفوض، وقال بعضهم احضروا المازوت من السعودية ومن أميركا ومن ثم ارفضوا المازوت الإيراني.

فيما ذكرت تعليقات المناصرين للقوات اللبنانية بأن حزب الله هو من كان يهرب المازوت إلى سوريا، ويريد أن يظهر اليوم في دور المنقذ. متسائلين كيف يمكن أن يشكر من "نصب" حقوق اللبنانيين، ويحاول اليوم "تمنينهم" "ووضعهم تحت رحمته".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها