إذًا خابت الجنة الكهربائية في زحلة. والخوف من أن تتحول وهمًا، بعد نجاحها في السنوات الماضية. فالشركة كانت حتى أشهر قليلة تستفيد من كمية "طاقة مدعومة" تصلها عبر مؤسسة كهرباء لبنان. ونعمت أيضًا بكلفة متدنية لسعر صفيحة المازوت، سمح لها بالحديث عن وفر في الفاتورة التي يدفعها المواطن مقارنة بمشتركي مولدات الأحياء في المناطق اللبنانية الأخرى.
أما اليوم، مع الارتفاع الجنوني لسعر صفيحة المازوت وانعدام التغذية عبر مؤسسة كهرباء لبنان، فبات الترقب يسود إمكان الاستمرار بهذا الوفر. ويتوقع أن يفقد التقنين حماسة الزحليين لحصر تغذية المولدات بشركة واحدة، لتستعاد مولدات الأحياء التي كان يمكنها أن تسد عجز ساعات التقنين المستجد، لولا ترحيلها من المدينة وقرى قضائها.
وكانت زحلة قد دخلت عصر الجنة الكهربائية في سنة 2018، عندما "حارب" مدير عام شركة كهرباء زحلة بكل قوته "ليحتكر" توليد الكهرباء في ساعات التقنين، بعد أن كان امتياز الشركة سابقًا يقضي بتوزيعها الطاقة المتوفرة لها عبر مؤسسة كهرباء لبنان. وكانت الشركة الزحلية قد اكتسبت سمعة طيبة، وثقة كبيرة من الزحليين، نتيجة خدمتها الممتازة وتوفيرها إصلاح أعطال الشبكة وتركيب الساعات بسرعة قياسية، واعتماد النظم العالمية في تأمين جودة التغذية. وكان نكد قد نجح في جمع مولدات الأحياء في مكان واحد وتحت إمرة مشغل واحد.
التساوي السيئ
وفي بداية عام 2020 مدد العقد مع الجهة المشغلة لشركة كهرباء زحلة، وكان يفترض خلال هذه المهلة أن يتم تدارك الخطأ الذي وقعت فيه السلطة السياسية في مرحلة العقد الأولى، وتضع دفتر شروط واضح لتلزيم الشركة مجددًا بعد انتهاء عقد مشغليها الحاليين في سنة 2022.
لكن التداعيات التي بدأت تخلّفها أزمة المازوت معطوفة على الانهيار شبه التام لمؤسسات الدولة ومن بينها مؤسسة كهرباء لبنان، صرفت النظر عن التفكير بالمرحلة المقبلة. وهذا ترك علامات استفهام عما إذا كان العقد مع شركة كهرباء زحلة سيبقى مغريًا للمستثمرين، وحتى للجهة المشغلة نفسها.
ويشكل بيان الشركة عن انعدام التوازن المالي فيها نتيجة عدم استقرار سعر صرف الليرة التي تجبى الفواتير بموجبها، مؤشرًا خطرًا. فقد تتدهور حال الكهرباء في المنطقة، وسط غياب البديل الذي يمكن أن يسد عجز كهرباء زحلة. إذ لا مولدات أحياء في نطاق تغذية الشركة، وحتى لو تأمنت مجددًا لا شيء يضمن توفر مادة المازوت لها. وهذا يترك تداعيات على مجمل القطاعات الاقتصادية في المنطقة، وحتى على المؤسسسات الصغيرة التي بدأ بعضها يتحدث عن تعليق العمل في ساعات التقنين المحددة.
فهل سيشكل التقنين في زحلة غيمة صيف وتمر، أم يعتبر بداية أزمة أكثر حدة تتجه اليها المدينة؟ المؤشرات حتى الآن لا تدعو إلى التفاؤل.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها