الأربعاء 2020/04/22

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

الحلاقون بين الحجر والعمل السِّري يصرخون: "نريد أن نعيش"

الأربعاء 2020/04/22
الحلاقون بين الحجر والعمل السِّري يصرخون: "نريد أن نعيش"
ليس الأمر بالسهولة نفسها عند النساء (Getty)
increase حجم الخط decrease
بعد مرور أكثر من شهر ونيف على إقفال صالونات الحلاقة والتزيين، نفذ الحلاقون اعتصامهم الاحتجاجي يوم الاثنين 20 نيسان الحالي، عند دوار أبو علي في طرابلس، مطالبين برفع الظلم عنهم، بعدما أقفل باب رزقهم الوحيد، وباتوا يرزحون تحت وطأة الفاقة والديون.

وقبل نحو الأسبوع انتشرت منافسة بين شبان من رواد موقع فايسبوك على حلاقة شعر الرأس بالكامل (قرعة). وانطلقت المنافسة بعد مرور أكثر من شهر على إعلان الحكومة اللبنانية خطة التعبئة العامة، التي فرضت إقفال صالونات الحلاقة للرجال التزيين للنساء. فوجد الشبان أن لا مهرب من الحلاقة المنزلية، ريثما تُحل الازمة.

حلاقة على القرعة
كان عباس نحلة من أوائل المبادرين إلى الحلاقة "على القرعة" واطلاق المنافسة بين أصدقائه، وهو قال عن تجربته: "طال شعري على نحو لا يطاق، وخفت الذهاب إلى صالون الحلاقة وطلب الحلاق إلى المنزل. فأنا لا أستقبل أحداً في منزلي في فترة الحجر". وروى عباس معاناته في الحلاقة التي لم تكن سهلة، فهي المرة الأولى التي يقدم على هذه المهمة. و"أخذت وقتاً لأتقبل شكلي الجديد، ولكن ما من خيار آخر أمامي طالما الأزمة مستمرة".

وشارك رامي عجيب في المنافسة وقال: "شعري خفيف وبدأت أواجه مشكلة الصلع. وكان قد مضى أكثر من شهر على عدم حلاقة شعري وتشذيب لحيتي. تجرأت على المحاولة. وإذا لم تنجح فأنا محجور ولن يراني أحد. وفي المستقبل قد أستغني عن صالون الحلاقة".

علاج نفسي
ليس الأمر بالسهولة نفسها عند النساء. فصالونات تزينهن ليست لقص الشعر وتصفيفه وحسب، بل أيضاً للعناية بالبشرة والأظافر ومختلف الأمور التجميلية. والصالونات محطة يومية لبعض النساء، وأسبوعية لأخريات. والتكرار أنشأ صلات بين الزبونات و صاحب المحل، وباتت الغاية من الزيارة ترفيهية وتجميلية.

وعن هذا تقول رضوى صالح: "أزور الكوافير مرة في الأسبوع. أعتبرها بمثابة تدليل للنفس pampering myself. وفيها متعة حقيقية: اللقاء بالنساء وتبادل الحديث، وصولاً إلى الصداقة. وبتنا نعرف بعضنا ونشعر إن كانت إحدانا مكتئبة، ونتساعد. واللقاءات أشبه بجلسات علاج نفسي نفتقده في فترة الحجر". 

تزور سهى لاذقي محل الكوافير كل أسبوعين لصبغ شعرها، تصف إقفال صالونات التزيين "بالتعتير" وتقول: "خلال الحجر أصبغ بنفسي. إحدى أفراد العائلة ساعدتي. وأخبرتني صاحبة الصالون تفتح وفقاً لمواعيد، للاعتناء بالبشرة وتقليم الأظافر".

أما صفاء سعادة فصار "الكوافير" يستدعيها مرة كل أسبوع، ويخضعها لتعقيم قبل أن تتخطى العتبة. وباتريسيا الحلو تهتم بشعرها بنفسها. أما قصه فيتولاه زوج صديقتها المزين، في المنزل. والعناية بالجسم وتقليم الأظافر تتولاهما بنفسها وجعلتهما وسيلة لتمضية الوقت ضد الملل في الحجر.

زيارات سرية
ويعيش الحلاقون معاناة حقيقية، بعد مرور أكثر من شهر على إغلاق باب رزقهم. وعلى الرغم من أن وزير الشؤون الاجتماعية أطلق "برنامج التكافل الإجتماعي" للمساعدة، وضم الأسر الاشد فقراً وسائقي سيارات الأجرة وصيادي الأسماك، لم يأت البرنامج على ذكر أصحاب محلات الحلاقة.

وفي مطلع نيسان الجاري نفذ أصحاب صالونات الحلاقة في لبنان الشمالي اعتصاماً أمام سرايا طرابلس، فطالبوا بالسماح لهم بفتح محلاتهم من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الثالثة عصراً، لكن بلا جدوى. واستمر تسطير مخالفات باهظة في حق المخالفين.

وهذا ما دفع بعض الحلاقين إلى العمل في الخفاء، وأحياناً زيارة الزبائن في منازلهم.

يرى سليم النمل، وهو حلاق للرجال والنساء، أن "مهنة الحلاقة من أخطر المهن في ظل انتشار كورونا، بسبب قرب المسافة بين الحلاق والزبون. طلب مني أشخاص قص شعرهم في المنزل، فرفضت. لا أود المجازفة. معظم الحلاقين لا يعملون، ووضعهم المعيشي صعب جداً. فالحلاق يعيش يوماً بيوم. وعليه قروض وإيجار محل وأجرة العامل الذي يعاونه. وهذه كلها تتكدس في الحجر".

وأجبرت القوى الأمنية غسان أحمد، وهو حلاق للرجال، على إغلاق صالونه بعدما سجلت حالة كورونا في بلدته عكار العتيقة. وأحمد هو والد ثلاثة أطفال وعليه إيجار محله وقروض للبنك. منذ أقفل محله يستدين من أقاربه ليؤمن قوته اليومي وقال: "بات وضعنا في الويل. وإذا استمر الحال هكذا لن أصمد". وأشار إلى أن الميسورين في المنطقة تبرعوا للبلدية لمساعدة المحتاجين، فقامت بتوزيع بون شرائي بقيمة 50 ألف ليرة لكل شخص بلا راتب شهري. ولكن ماذا يفعل البون في ظل الغلاء الفاحش؟".

والحلاق الرجالي أحمد الأسمر قال إن الحلاقين ملتزمون بنسبة 80 في المئة في الإقفال. و"لكننا نعمل عبر واتس آب على نطاق محدود يضم الأهل والأقارب والأصدقاء الموثوقين".

نقابة الحلاقين
اتصلت "المدن" بنقيب الحلاقين في الشمال فتحي الهندي، فتحدث عن محاولة التنسيق مع نقابة بيروت، لكنها لم تتجاوب. فتوجه برسالة إلى رئيس الحكومة حسان دياب عبر مستشاره خضر طالب، وإلى وزير الداخلية محمد فهمي عبر مكتب النائب فيصل كرامي. وجاء الرد من المعنيين أن التدابير للوقاية من انتشار كورونا.

وقال الهندي: "نقابتنا تضم نحو 700 حلاقاً، وفي منطقة الشمال نحو 1800 صالون تزيين. واليوم بات وضع الحلاقين صعباً جداً. فالحلاق الذي لا يعمل لا يأكل. وهم يهددون بتسطير محاضر ضبط في حال المخالفة. وهناك قلة تعمل عبر التواصل بالواتس آب، ويدخلون الزبائن خلسة إلى محالهم. ومَنْ باب محله من زجاج يزور الناس في بيوتهم.. والسماح للحلاقين بفتح محالهم بطريقة نظامية، مع اعتماد الوقاية المطلوبة، أفضل من العشوائية الحاصلة التي تعرّض الحلاق والزبائن إلى الخطر".

وعن محاولة النقابة الاستفادة من برنامج وزارة الشؤون الاجتماعية لتأمين المساعدة للحلاقين، أجاب: "طلب مني مستشار وزير العمل أن أرسل إليه لائحة بأسماء الحلاقين المحتاجين للدعم. وقال أنه سيرسلها إلى خلية الأزمة في القصر الحكومي. وقد يحصل هؤلاء على مساعدة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها