الخميس 2018/11/15

آخر تحديث: 00:34 (بيروت)

كيف نُخفي أسرارنا الصغيرة؟

الخميس 2018/11/15
كيف نُخفي أسرارنا الصغيرة؟
الإبتكار في صنع مخابئ لأسرارنا وكنوز ذاكرتنا
increase حجم الخط decrease

 

قبل زواجه، لم يشأ نور مسح جزءٍ كبير من ذكرياته الصبيانية، أو التخلص منها. قرّر الإحتفاظ بها، مع أنها تُسبّب مشاكل في حياته الزوجية في حال كُشفت. أراد المغامرة وإبقاء هذا الجزء من ذاكرته في مكان آمن. جمع ما يملك من صور لعشيقات سابقات، ومقاطع فيديو غرامية سجّلها سابقاً، ووضعها على "فلاشة".

 

المرحلة الأولى من الخطة تمت بنجاح، لكن يبقى إيجاد مكان آمن لهذا السر الصغير – الكبير. في البداية، لم يعرف ابن الـ 29 سنة، أين يُخبّئ هذه القطعة المعدنية، إلى أن وجد ضالته في منزل العائلة حيث يقضي عطلة نهاية الأسبوع، هو الذي يسكن بيروت منذ تخرجه من كلية الهندسة.

وضع "الفلاشة" داخل حصّالة نقود خشب طلبها من نجار صديقه، وأحكم إغلاقها بالمسامير، إذ من غير الممكن فتحها، إلا بنشرها لإخراج "الفلاشة" – الكنز.

 

ولتكتمل الخطة، طلب نور من النجار حجماً متوسطاً للحصالة، وأفرغ فيها نحو 100 قطعة نقدية معدنية للتمويه، مع إضافة مبلغ كل فترة داخلها. يقول المهندس المعماري، أن الخطة تسير بنجاح منذ سنوات ثلاث، ولم يكتشف أحد بعد سره الصغير، لكنه بدأ التفكير في خطة بديلة لأن الحصالة قد تمتلئ قريباً.

 

لا يعتبر نور ما فعله جُرماً أو خيانة. أراد فقط الاحتفاظ بذاكرةِ ماضٍ ليس ببعيد، خصوصاً أن زوجته لن تسمح له بذلك، وقد "تجنّ" من فعلته. يتشابه ما فعله المهندس من حيث الفكرة، مع ما أقدمت عليه زينب، مع إختلاف في التطبيق. جمعت الفتاة الجميلة، كل ما كُتِب لها من أشعار وخواطر في ملف ورمته داخل حاسوبها الشخصي وبإسم تقني في مكان لا يصل إليه إلا خبير برمجة.

 

قصة رقم 2

 

تعيش رنا في شقة بيروتية. هي لا تحب العيش وحيدة، لكن عملها في إحدى شركات التأمين بالعاصمة، وبُعد منزل العائلة عن مقر العمل، وصعوبة التنقل وكلفته، فرض عليها العيش في المدينة. تتبع الفتاة العشرينية الاستراتيجية التالية: كل ما يبقى من معاشها آخر الشهر، تشتري به ذهباً. ولأنها تخاف من السرقة، جرّبت مراراً البحث عن مكان آمن، إلى أن رست على الثلاجة، إذ لن يخطر في بال السارق البحث عن مجوهرات أو أموال داخلها.

 

تضع رنا "سرها الصغير" داخل كيس أسود و"تقذف" به بين الخضار المثلجة واللحمة المفرومة وعلب حفظ الطعام. تتكلم بثقة عن مخبئها، خصوصاً أن لا أحد يزورها في شقتها المتواضعة، وهي تحرص دوماً على أن يختفي الكيس الأسود، خلف ما تحتضنه الثلاجة من خيرات. ولكن ماذا لو اكتشف سارقٌ الكنز؟ تُجيب مبتسمة: "بيكون ذكي صحتين على قلبه".

 

قصة رقم 3

حين كان في الخامسة عشرة من عمره، تورّط علي مع مجموعة تعمل لصالح إسرائيل، وطُلب منه آنذاك تصوير بعض المواقع في قريته الجنوبية، وجمْع معلومات عن بعض القادة فيها. تأثر الشاب بالأموال التي أغدقت عليه، لكن سرعان ما فُضح أمره وحوكم. وبعد خروجه من السجن غادر القرية وسكن بعيداً من أهله وأحبابه. أسس حياة جديدة محاولاً يومياً إخفاء سره عن زوجته الأجنبية، قاطعاً كل صلة بأقاربه باستثناء أمه وأبيه اللذين يزوراه أحياناً.

 

يرفض علي الإنجاب حالياً، خوفاً على أولاده في المستقبل من كلمة "أولاد العميل"، على الرغم من أن القرية نسيت قصته، خصوصاً أن لا أحد يراه، لكن خوفه من المجهول والفضيحة ما زال  يسيطر عليه. تعلّم علي مع الوقت كيفية إخفاء سرّه، لكن الحياة الغريبة التي يعيشها قد تُهدم في أي لحظة.

 

وإذا كان علي يخاف من المجتمع ومواجهته، ثمة من يخاف لسان زوجته. تعوّد ربيع على تدخين حشيشة الكيف بشكل متقطع منذ سنتين، لكن شرْط لميس للزواج منه، كان التوقف عن هذه العادة التي تعتبرها سيئة وتُضعف القدرة على الإنجاب على حد قولها.

 

وعد ربيع حبيبته أنه سيفعل ما تريده، لكن هل فعل ذلك حقاً؟ ينتظر خروجها من المنزل إلى العمل، ليلف سيجارة سريعاً ويرتاح لبرهة من هموم الحياة ومشاكلها. الغريب أن لميس كانت تشاركه السيجارة أيام الخطبة، "لكن لا أدري لمَ أصبحت متزمّتة وتكره الكيف بعد الزواج".

 

أما حين يقصد الضيعة وحيداً، تتغيّر حياته ويعود أكثر إستقلالية، وضحكاً ومرحاً وسعادة. ربيع ليس بمدمن، وقد تمر أسابيع عليه من دون تدخين "سيجارة ملغومة". ويبقى السؤال أين يُخبّئ سرّه الصغير؟

خلال شهر عسله في تايلاند، اشترى تمثالاً خشبياً ووضعه في غرفة المعيشة. أعجبت الزوجة بالتمثال، لكنها لم تعرف أنه يحتوي مخبأً سرياً في قاعدته. هناك يُخفي ربيع قطعاً صغيرة لها مفعول سحري.

 

لكل منا أسرار مادية ومعنوية، نتشاركها مع أشخاص لا يؤثرون علينا، ولا يفضحون أفعالنا. فما سرُّكَ أيها القارئ؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها