الخميس 2018/11/22

آخر تحديث: 00:16 (بيروت)

أين تذهب أبحاث أساتذة الجامعة اللبنانية؟

الخميس 2018/11/22
أين تذهب أبحاث أساتذة الجامعة اللبنانية؟
يوم الفنون والعمارة في الجامعة اللبنانية (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

لا تنتهي مشاكل الجامعة اللبنانية، ولا تتوقف معاناة الطلاب فيها من ضيق المباني وعدم وجود مساحات للتلاقي، وسيطرة أحزاب سياسية على عدد كبير من الكليات، إضافة إلى المناهج التعليمية القديمة، والاعتماد على النظريات أكثر من التطبيق.


لكن ثمة بعض الإيجابيات تتعلق بأساتذتها الذين يعملون على مدار السنة، لتطوير معلوماتهم وتحديثها من خلال أبحاث يقدمونها ضمن مجموعات، أو كأفراد. واللافت أن الجامعة تدعم وتموّل القسم الأكبر من الأبحاث، على عكس جامعات خاصة تقدّم قسماً بسيطاً من تكلفة البحث، على أن يبحث الأستاذ أو المجموعة البحثية عن تمويل للدراسة.


واللافت أيضاً أن الصيغة المتبعة في الجامعة اللبنانية، لا تختلف عن الطرق المتبعة في الجامعات الخاصة في تأهيل الأساتذة وتطويرهم، وسنأخذ الجامعة الأميركية مثالاً على ذلك.


وحسب الإحصاء الصادر عام 2016 عن الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية، يظهر مدى تطوّر البحث العلمي، إذ من أصل 2400 أستاذ متفرغ، قدّم 1183 منهم بحوثاً ودراسات ضمن مجوعات بحثية، إضافة إلى عدد كبير من الأبحاث الفردية.

 

الجامعة الأميركية مثالاً

يوضح أكاديمي في الجامعة الأميركية، أن تقييم الأستاذ يكون كل سبع سنوات، وهي مدة العقد بينه وبين الجامعة، ليترفّع من درجة إلى أخرى، من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك، إلى أستاذ. (مرحلة تمتد إلى 15 سنة).


ويعتمد ذلك على ما يقدمه الأكاديمي من بحوث ودراسات خلال هذه المدة، وقد تصل إلى خمس دراسات منشورة في دوريات عربية مهمة، شرط أن يكون فيها الكاتب الأساسي، إضافة إلى بعض المقالات - الأبحاث التي يكون فيها كاتباً مشاركاً. على أن يقدم سنوياً تقريراً للإدارة بما ينجزه وما يعمل عليه.


ويشير الأكاديمي أن الجامعة تموّل الدراسات بجزء بسيط، والباقي يكون على عاتق الأكاديمي في إيجاد مموّل أو مهتم بما يقدّمه.ويعتمد الترفيع أيضاً على تقييم التلاميذ للمادة التي يقدمها الدكتور، وفلسفته وطريقته في التعليم، إضافة إلى الخدمات التي يقدمها هذا الباحث في مجتمعه الأكاديمي والإنساني. وأقر قانون التفرغ هذه السنة في الجامعة الأميركية، ويتم التقييم من خلاله كل خمس سنوات.

 

التطوير والصقل

لا تختلف الطرق المتبعة في الجامعة اللبنانية عن تلك المتبعة في الأميركية من حيث تطوير الأستاذ وصقل معلوماته، وقد تتفوق عليها أحياناً من حيث عدد البحوث المقدّمة والتمويل التي تشارك به الجامعة بشكل أساسي.


ويقول علي رمال، المدير السابق لكلية الإعلام والتوثيق والدكتور المحاضر فيها، إن الأستاذ في الجامعة الوطنية مدعو لتقديم أبحاث ودراسات بشكل أوتوماتيكي وفردي. فالاستاذ إذا لم يقدّم أبحاثاً ودراسات لا يترقى من معيد إلى أستاذ مساعد إلى أستاذ، وحين يصبح أستاذاً اذا لم يكن نشطاً وله دور فاعل، لا يتطوّر ولا ينتقل للإشراف مثلاً على درجة الماستر.


ويشير رمال إلى أن الجامعة اللبنانية تخصص سنويا موازنات للأبحاث لأكثر من فرد (مجموعات)، لافتاً أن نصف الهيئة التعليمية بالجامعة اللبنانية بادرت إلى العمل ضمن مجموعات بحثية ممولة من الجامعة وفق توجيهات بحثية. في حين يعمل الباقون بشكل فردي.


وبما أن التعليم الجامعي لا يعتمد فقط على الابحاث والدراسات، وثمة قسم منه للتطبيق، يأخذ رمال كلية الاعلام والتوثيق مثالاً، اذ استقدمت برنامج sas”"   "Statistical Analysis System الخاص بعلم البيانات، ويتم تدريب المدرسين والطلاب على كيفية استعمال هذه البرامج والتقنيات.

السنة البحثية

ويحق للأستاذ في الجامعة اللبنانية كل ست سنوات عمل، أخذ السنة السابعة كإجازة من التعليم، وهي، حسب الدكتور رمال، سنة بحثية. وليحصل عليها الأستاذ يجب تقديم فكرة أو مشروع بحثي وإنجازها في نهاية السنة، وعرض نتائجها على لجنة متخصصة.


ويوضح رمّال أن نحو 15 في المئة من أساتذة الجامعة اللبنانية لا يطوّرون أنفسهم، لكن الكل مجبر على العمل والتطور، لأسباب تتعلق بزيادة الراتب، والدرجة العلمية والاستمرارية في الخدمة، إضافة إلى أمور عدة، منها تواجده في القسم العلمي والإشراف على الأبحاث، وإذا لم يفعل الأستاذ ذلك يُهمّش من تلقاء نفسه.

ويرفض رمال المقارنة مع الجامعة الأميركية من حيث الأبحاث، مع الاختلاف في طريقة العمل، ويعتبر أن الجامعة اللبنانية تضم اكثر من 5000 أستاذ، وثمة عقود أبحاث مع نصف الهيئة التعملية، إضافة إلى أبحاث تنجز بشكل فردي، في حين أن عدد أساتذة الأميركية لا يتعدى الـ500.


ويشير رمال إلى كلية الإعلام مثالاً، التي تضم  نحو 70 أستاذاً، ومن أصل هذا العدد ثمة اثنين فقط لم يقدما أبحاثاً، وهي نسبة متدنية جداً. ويعتبر أن هناك بعض الأساتذة هامشيون، يرضون بالراتب الذي يتقاضونه من دون البحث عن التقدم أو التطور. فهذه المهنة كالعسكر، كلما تطورت فيها زادت رتبتك العلمية.


ويقول رمال أن بعض الأساتذة الجدد، من خلال أبحاثهم ونشاطهم، يتفوقون على أساتذة درّسوهم سابقا، ويصبحون رؤساء عليهم، لأن الدكتور لم يعمل على تطوير نفسه. ويشير إلى أنه لا يوجد نص قانوني يسمح بطرد الأساتذة الذين لا يعملون أو يشاركون بالدراسات، على رغم وجود كل المحفزات والضرورات للتطور.


ويوضح رمال نظام الترقي في الجامعة اللبنانية. لتصبح أستاذاً مساعداً عليك تقديم ثلاثة أبحاث وسنتيّ تعليم. ولتكون أستاذاً يجب تقديم خمسة ابحاث مع سنتيّ تعليم. أما نظام الترقي الجديد فيختلف بعض الشيئ، إذ يتبع الأستاذ نقاطاً عدة، منها النشر في دوريات مهمة والبحث والمشاركة بندوات ومؤتمرات. علماً أن من ضمن شروط تعاقد الجامعة مع أستاذة جدد، قيامهم بمهمات تدريسية وبحثية وإدارية.


وشارك 1183 أستاذاً من كل الكليات في تقديم أبحاث مشتركة بين عامي 2011 و2015، وزعت على الشكل التالي: كلية العلوم 588، طب الأسنان 32، السياحة وإدارة الفنادق 4، المعهد الجامعي للتكنولوجيا 41، الصيدلة 3، العلوم الطبية 5، الصحة العامة 31، الهندسة 50، الزراعة 43،العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال 125، الإعلام 38، الفنون الجميلة 7، الآداب والعلوم الانسانية 104.
لكن، مع هكذا صورة وردية، لا بد من السؤال: أين تذهب تلك الأبحاث، وعلى أي وجه تُستثمر؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها