الأحد 2014/07/13

آخر تحديث: 10:38 (بيروت)

عاليه.. "بكرا بيرجعوا السيّاح"

الأحد 2014/07/13
عاليه.. "بكرا بيرجعوا السيّاح"
لم يختلف وضع عاليه اليوم كثيراً عن العام الماضي (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

عند مدخل سوق عاليه يجلس صاحب أحد محال الخضار على كرسي خشبي أمام محله، في يمناه مسبحة، وفي يسراه سيجارة. كلّ ربع ساعة يرّش الحاج المياه على بسطته لتبقى الخضار نضرة.  

 

تتقدم قليلاً فتر صاحب السوبرماركت، ومعه مجموعة من الشباب، جالسين يتحدثون في السياسية والرياضة، وأمور أخرى. وعند مجيء زبون، يهرع صاحب السوبرماركت إلى الداخل قائلاً: "تفضلي أهلا وسهلاً". وعلى بعد أمتار قليلة، في الشارع المقابل، نلاحظ زحمة ناس ينتظرون "منقوشة صعتر" أو رغيف شاورما، في وقت يبدو أصحاب المحال مبتسمين فرحين.

أما السيدات فتراهن في المحلات يسألن عن الأسعار. يشترين أو يقلن، مؤجلات رغبتهن، "بكرا بيصيروا بنص حقن". في آخر السوق تبدو الحركة مع المغيب أنشط في المطاعم والمقاهي، وما يلفت النظر تلك اللوحات التي علقت بداية الصيف، للترويج لعروضات مغرية تجذب المارة والزوار. ولكن بالرغم من كل الجهود المبذولة، عاليه هذا العام لا تشبه عاليه السنوات الماضية. فهي شبه فارغة.. من السياح والزوار.



تردد



اعتاد السياح، ولاسيما الآتين من الخليج العربي، الاصطياف في عاليه لمناخها الرائع وهودئها، وأجواء السهر فيها. لكن عوامل عدة، تزامنت، غيبت حضورهم. فإضافة إلى التبدلات المناخية هذا العام، وارتفاع الأسعار الذي ألهب صيف اللبنانيين، جاءت الأوضاع الأمنية لتجعل أهل البلد والسياح يترددون في زيارة المنطقة، مع أنها آمنة نسبياً.


وقد شاءت الصدف أن يتزامن رمضان هذا العام مع مجريات كأس العالم في البرازيل، وهذا التزامن كان ليبشر بصيف حافل سياحياً، لو أنّ الأوضاع الأمنية مستقرة.


ما يزال أبناء عاليه يتذكرون السنوات الذهبية التي عرفها لبنان في سنوات ما قبل الحرب وحتى بعدها. لسان حالهم: "الله يرحم تلك الأيام". "الوضع زفت"، يقول بسام صاحب أحد المحال التجارية، في سوق عاليه، مؤكداً أن الحركة "ليست حركة صيف على الإطلاق، بل إنها حركة عادية جداً، والإقبال هو على شراء السلع الأساسية، والحاجات الأولية".
يضيف ساخراً: "الطلب على الخمور وحده المتزايد لينسى اللبناني مآسيه".


لقد اعتاد زوار عاليه أن يروا، في السنوات الماضية، مطاعمها وفنادقها تعج بالسياح. لكنها اليوم شبه فارغة. وكانت الحركة قد بدأت جيدة في الأسبوع الأول من حزيران الفائت، وحضر عدد من السياح الخليجيين، وهم في الأصل يملكون منازل في عاليه، ويأتون إليها كل صيف. وقد استمرت هذه الحركة، في الأسواق والأحياء، إلى أن وقع انفجار ضهر البيدر الذي أربك المنطقة وأثر سلباً على حركة السياح الذين غادروا في غالبيتهم لبنان.

لكن، وبالرغم من الأوضاع غير المستقرة، إلا أن أهالي عاليه ما زالوا يأملون بتحسن المناخ الأمني، وبعودة السياح إلى الربوع اللبنانية، لعلهم يعوضون خسائرهم من جراء ركود السياحة والتجارة مطلع هذا الصيف.


وتتفاوت معدلات التراجع بين مطعم وآخر، وبين المحال التجارية، وما كان ينتظره أصحاب المصالح من موسم "المونديال" من حركة تجارية واقتصادية، لم يأت وفق التوقعات. ولم يتناسب مردود "المونديال"مع أمال أصحاب المصالح. "كانت الحركة السياحية في المنطقة قد توقفت منذ العام 2009 ولم تستطع أن تستعيد عافيتها حتى الآن"، يقول أحد أصحاب المصالح، معيداً ذلك "إلى الأوضاع الأمنية والسياسية محلية كانت أم اقليمية. فنحن في قلب الدوامة".



"بيرجعوا.."



من الملفت التناقض الإيجابي الذي يلمسه كل من يزور المنطقة ويحتك بناسها. ذلك أنهم، وبالرغم كل الأزمات الأمنية، والشغور الرئاسي، والشح الأقتصادي، يبقى أملهم كبير. وهذا ما أكده صاحب أحد المحال قائلاً: "حتى لو طلع انفجار هون، بتوقف الحركة ساعتين وبيرجعوا".


ويؤكد مسؤول في بلدية عاليه أن "لا وجود لموسم سياحي بمفهومه الدقيق، فعاليه والمنطقة تعتمد اليوم على قلة من سياح الخليج العربي الذين تملكوا في الجبل، وأيضا على المغترب اللبناني الذي يزور عاليه، عند مجيئه إلى لبنان، لشعوره بأنها المكان الأكثر أمناً له ولأهله". يضيف: "تشكل السياحة اليوم 10% فقط من النسبة الإجمالية لدخل المؤسسات، ومرد ذلك غلى الوضع الأمني المقلق". ويتساءل: "إلى أين سنصل؟ كانت عاليه مصدر رزق لنحو 4000 الى 5000 موظف، معظمهم من طلاب المدارس والجامعات، وقد أصبحوا اليوم وبسبب الأوضاع والعمالة السورية في عداد العاطلين عن العمل".

إلا أنه وبالرغم من الوضع الصعب، فأهالي عاليه يجزمون بأن السياحة ستنطلق بعد شهر رمضان، ولاسيما أن السياح يمضون عادة عطلة العيد في لبنان، وليس فترة الصيام.

increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب