الخميس 2014/07/03

آخر تحديث: 15:39 (بيروت)

رمضان في صيدا القديمة: كل شيء تغير

الخميس 2014/07/03
رمضان في صيدا القديمة: كل شيء تغير
نصحت البلدية بعدم التحضير لتجمعات كبيرة في الوقت الراهن (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease
تغيرت أحوال صيدا القديمة منذ سنوات. فقدت المدنية الكثير مما كان يميزها في جوارها، فلا مجال هذه الأيام للإحتفاء بشيء.. حتى برمضان.
يتذكر أبو محمد، الذي يملك أحد المخابز في المدنية القديمة، طقوس رمضان في الماضي. "كانت أيام"، يقول، محملاً مسؤولية تراجع الحركة في المكان، نهاراً وليلاً، إلى "الزعماء والمسؤولين".
يضيف: "صيدا كانت "تشتهر بأجوائها الرمضانية الجميلة والمتميزة.. أما الآن فالوضع زفت الحمدالله".

تكفي جولة في المدينة القديمة للشعور بـ"فراغ" المكان، كأنه متروك للأشباح تتنقل بين الأزقة وفي ظلمات الزوايا. هنا المقاعد تنتظر الزوار، وقد قلت أعدادهم.
"لم يكن الوضع مختلفاً قبل بدء شهر رمضان لكننا توقعنا أن تنشط الحركة قليلاً مع بدايته، مثل أيام زمان"، يقول جار أبو محمد، محملاً جزءاَ من المسؤولية في تراجع الحياة في المدينة إلى المجلس البلدي". ويضيف إنه "كالكثيرين من أهالي المدينة ينتظرون سنوياً حلول الصيف وشهر رمضان للإفادة من النشاطات التي كانت تعدّها وترعاها البلدية في السنوات الماضية".


"توسع" العتمة

في تلك الأزقة تعود الذاكرة إلى زمن ليس ببعيد، لكنّه يتبدى بعيداً جداً عند المقارنة بين الماضي القريب والحاضر. فهنا لم يكن للعتمة مطرحٌ، إذ كانت الإنارة تزين تضيء عيون الساهرين حتى ساعات الفجر موعد السحور الرمضاني، على وقع أصوات العود والقدود الحلبية والضحكات التي تصل ساحة باب السراي وخان الافرنج بالأزقة الممتلئة بالساهرين. تغير كل شيء اليوم، والساحات تبدو خالية، إلا من بعض الإنارة والزينة الرمضانية المتواضعة.. والعتمة.

"كانت صيدا القديمة لا تنام إلا عند ساعات الصباح الأولى، وكنت أزورها مع أهلي كلّ رمضان، ومنذ سنتين تقريباً توقفت النشاطات وفقدنا أفضل ما في المدينة من تقاليد"، تقول الطالبة الجامعية هانم جمعة.


هاجس الأمن

لا تنكر البلدية عدم تنظيمها نشاطات رمضانية وتجمعات كبيرة في شوارع المدينة، في السنتين الماضيتين. ويعود ذلك، وفق، مديرة قسم النشاطات في المجلس البلدي عرب الكلش إلى الأوضاع الأمنية المتوترة، و"قد نُصحنا بعدم التحضير لتجمعات كبيرة في الوقت الراهن". ذلك بالرغم من أن صيدا تنظم العديد من النشاطات منها تلك التي تم تنسيقها بين البلدية ونادي "ريال مدريد" مؤخراً، كما يتم التحضير لمعرض رسم سيتم افتتاحه في 4 الجاري في خان الإفرنج.

ويستفيض ابراهيم البساط، نائب رئيس البلدية، في الحديث عن أسباب غياب النشاطات الحيوية عن صيدا القديمة التي لطالما كانت تستقطب أهالي صيدا وضواحيها وأهالي الجنوب وبيروت. يقول البساط: "أثرت الأوضاع الاقتصادية كثيراً على المدينة وخصوصاً بعد ارتفاع الأسعار، فبات المواطن يبتعد عن الترفيه المكلف، لتأمين أولويات الحياة التي باتت صعبة المنال". كما يُرجع البساط تبدل الأجواء الرمضانية إلى "انتشار آفة المخدرات في المدينة، وانتشار السلاح الفردي بين بعض الناس".

وكانت صيدا تعرّضت قبل رمضان بأيام قليلة، لإشكالات عدة، إضافة إلى الإشكالات المتتالية، سابقاً، والتي فاقمها "تضخّم" "سرايا المقاومة".

ويشير البساط إلى أن "هذه العوامل ساهمت في تجميد الحركة داخل المدينة، ودفعت الساهرين إلى اللجوء لأماكن أكثر أماناً، كالمولات والمقاهي الموجودة في جوار الأوتوسترادات".

ويرى أن "ارتفاع درجات الحرارة أدى دوراً لا يمكن إغفاله، اذ أن الساهرين عادةً ما يبحثون عن راحتهم خلال ساعات الليل لكن ارتفاع معدل الرطوبة، لا يسمح لهم بالاسترخاء في الأماكن المفتوحة، لذا يفضلون اللجوء الى الأماكن التي تتوفر فيها أجهزة التبريد".
سكان المدينة، من جهتهم، يؤكدون أن "الإشكالات التي تحدث بين حين وآخر هي أمر طبيعي، الا أن الإعلام يعمل دائما على التهويل".

"نعول على القوى الأمنية وعلى وعي أهل المدينة"، يقول البساط، فالقوى الأمن خصصت نحو 25 عنصراً للتمركز في صيدا القديمة، إلا أن هذا الأمر ليس كافياً بالنسبة للأهالي الذين يطالبون القوى الأمنية بالضرب بيد من حديد لقمع المخلين بالأمن، والمخالفين للقوانين المرعية، "لأنّ القوى الأمنية وحدها تملك القدرة على حمايتنا"، وفق أحد سكان صيدا القديمة.

 

increase حجم الخط decrease