الإثنين 2014/09/01

آخر تحديث: 17:58 (بيروت)

ثلاثية جديدة: حزب الله والجيشان اللبناني والسوري

الإثنين 2014/09/01
ثلاثية جديدة: حزب الله والجيشان اللبناني والسوري
يصّر حزب الله والتيار الوطني الحر على الحسم العسكري
increase حجم الخط decrease
بين خطابات "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" الأخيرة، تحديداً منذ معركة عرسال، تركز قياداتهما على رفض أي حوار أو مفاوضات بين الدولة اللبنانية والجماعات "التكفيرية". ينطلق الإثنان من هذه القراءة، ورغم اختلاف أجندتيهما، وخصوصاً "حزب الله"، ناشدَين التعامل مع الظواهر التكفيرية في عرسال تحديداً من منطق "القوة" واعتبار أي مهادنة "ذلاً وعاراً" للدولة وللبنان.

في المعركة مع الإرهاب، ورغم استنفار القرى الحدودية وأبنائها وموضة التسلح للحماية من الخطر الداهم، لا تزال عرسال أولوية. المعركة التي تجري خلف جرودها في بقعة جغرافية صعبة وممتدة على الحدود الشرقية، من يونين الى الهرمل، تعتبر مصدر القلق الأساس. هناك يخوض "حزب الله" معركته منذ عامين، وسط حديث متزايد عن تصاعد حدتها في القريب العاجل بعدما سيطرت الجماعات المسلحة على تلال محيطة بفليطا مع قرب موعد فصل الشتاء، وما يستتبع ذلك من حسابات عسكرية للطرفين.

بعيداً من الخطابات، التي رافقت وتلت معركة عرسال، والهجوم على الجيش اللبناني إعلامياً وبطريقة مواربة، لا يزال "حزب الله" وحليفه من دعاة الحسم. وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل قال الأسبوع الماضي، في تعليق على محاربة الإرهاب وملف المخطوفين العسكريين: "هذا الموضوع لا يعالج إلا بالحسم الأمني".

لا يقصد باسيل وتياره و"حزب الله" بـ"الحسم" الأمني أن يتولاه الجيش فقط، رغم أنه "جيش قوي وجاهز"، والكلام لباسيل وغيره من قيادات "8 آذار". هذا الحسم يأتي وفق نظرية الحزب والتيار عبر ثلاثية الجيش السوري والجيش اللبناني والمقاومة من أجل القضاء على الفلول الإرهابية في القلمون.

بعد الدعوات الواضحة للحكومة اللبنانية للإنفتاح على الحكومة السورية ونظام بشار الأسد، بدأ مؤخراً يرصد خطاب أكثر وضوحاً مفاده وكما يقول نائب رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" نبيل قاووق: "لبنان بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة هو في أقصى درجات القوة والمنعة، لأن لبنان الجيش والشعب والمقاومة عصي على كل إمارة تكفيرية، ولو اجتمعت كل دواعش الأرض".

في الخطاب نفسه لقاووق، بدأ الترويج لإستراتيجية دفاعية تكرر المعادلة التي طبقت جنوباً، شرقاً، مطالباً بـ"الإسراع بإقرار الإستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان"، وهو ما يتقاطع كلياً مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالأمس خلال ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، إلى استراتيجية دفاعية في سبيل "تعميم المقاومة إلى جانب الجيش في كل اتجاه".

الهدف الواضح في خطابات "8 آذار" لا يلغي ضمناً بعض التناقضات خصوصاً لجهة اعتبار التفاوض مع التكفيرين، خطأ وحتى "خيانة". هذا الخطأ ورغم وقوعه بنظر "8 آذار" عندما أوقفت معركة عرسال بمساعي "هيئة العماء المسلمين" ظاهرياً، لا تمنع الإعتراف بإنتصار الجيش. في هذا الإطار يقول نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم مؤخراً: "الجيش أسقط خطة التكفيريين للانطلاق من عرسال نحو الإمارة التكفيرية، وهذا إنجاز كبير، وفرَّ على لبنان الكثير"، رغم أنه قبل يومين كان يعتبر أن "أي حل في التعاطي مع عرسال وغير عرسال لا يتعامل مع داعش على أنها خطر لا يكون علاجًا، وسينقلب سلبًا على طابخي السم".

التناقض في توصيف ما حصل في عرسال يدل على أن الأولوية الواضحة اليوم لـ"حزب الله" تكمن في حسم معركة القلمون وما وراء الحدود اللبنانية تحت شعار أن في ذلك حماية للبنان. هذه الأولوية يبدو أنها لا تتلاقى مع أولوية أكثر من طرف لبناني تتلخص في ضرورة حماية لبنان بأي طريقة ممكنة وتحديداً عبر توفير ما أمكن لتحصين حدوده والتمترس خلفها وتسليح الجيش لصد أي هجموم محتمل من دون الوقوع في شرك المعارك الدائرة هناك وجر المعارك اليه كما حصل في عرسال، والتي لو أكمل الجيش المعركة فيها لكانت نتائجها مأساوية وتحديداً من الجهة اللبنانية.

هذه القراءة لا تختلف عن تسويق البعض في "8 آذار" لضرورة دخول لبنان في الحرب الأقليمية ضد الإرهاب وأخرى تقول بحماية لبنان ما أمكن وترك المجتمع الدولي يقوم بالمهمة الأصعب وتأمين الحدود اللبنانية والداخل اللبناني.

بين النظريتين، يبقى الواقع الحدودي أولوية للطرفين. الخطر الإرهابي مجمع عليه وطريقة التعاطي معه تدخل فيها الحسابات السياسية والإقليمية لكل فريق.
increase حجم الخط decrease