الإثنين 2016/05/30

آخر تحديث: 09:29 (بيروت)

طرابلس قالت كلمتها: أشرف ريفي أولاً

الإثنين 2016/05/30
طرابلس قالت كلمتها: أشرف ريفي أولاً
رقم جديد في الساحة الطرابلسية (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

حسمها "اللواء" أشرف ريفي. اختتمت الجولة الرابعة من الانتخابات البلدية، بما يمكن اعتباره زلزالاً سياسياً من العيار الثقيل، سيكون في المستقبل القريب من معالم التوزانات الجديدة في الساحة السنية. النتائج والمعارك التي خيضت، رغم اهميتها وما أفرزته في كف، وفوز ريفي في طرابلس في كف أخرى. كف لا بد من أن يصل صداها إلى عواصم القرار الأقليمية والدولية، لتخبر بصعود نجم قيادة جديدة على الساحة السنية، من عاصمة الشمال، حيث الثقل الأكبر للطائفة السنية.

كل الأرقام المنتظرة تبدو تفصيلاً، أمام هول "الصدمة". قدمت الانتخابات البلدية في جولتها الأخيرة ما يمكن اعتباره تحولاً سياسياً جوهرياً، يسجل في خانة الأحداث المفصلية منذ العام 2005، خصوصاً أنه أرفق بما يمكن اعتباره قدرة على سحب البساط من تحت أقدام تيار "المستقبل" عبر الشعارات ذاتها، والخط السياسي نفسه، وإن اختلفت طريقة التعاطي السياسية.

يعتبر ريفي عموماً التجربة الثانية ضمن هذا الخط. التجربة الفاشلة الأولى تزعمها احمد الأسير قبل أعوام. وقد استعمل الثغرات التي راكمها "المستقبل"، لكن واقع مدينة صيدا، والأزمة السورية، وشخصيته الدينية، كلها عومل "طحنته"، وأخرجته من المشهد، لكن ريفي قدم نموذجاً مختلفاً، رغم سقطاته السياسية بسبب خلفيته العسكرية، فعبر إلى لائحة "الكبار" سياسياً.

لا يمكن حصر ما حصل في طرابلس بمرحلة راهنة. كان ريفي يعد العدة للإنتقال إلى "حالة" مستقلة قبل فترة وجيزة. ساهمت صراعات "المستقبل" في تعزيز قراره بالإنتقال إلى ضفة مستقلة. وقبل استقالته من حكومة الرئيس تمام سلام، كان يتردد في "المستقبل" أن الرجل يتحضر لإطلاق تيار سياسي خاص به، بات اليوم بعد هذه النتائج قاب قوسين أو أدنى.

بغض النظر عن المرحلة السابقة، أظهر ريفي دهاءاَ سياسياً في طريقة تأليفه لائحة "قرار طرابلس"، وفي إدارته المعركة، وفي تواصله مع القواعد الشعبية، رغم أن امكاناته المادية، تعتبر متواضعة بالمقارنة مع "حيتان" المدينة، كما يعرفون.

في الملاحظات الأولية على طريقة التعاطي مع الشارع، يبدو واضحاً، وفق ما يعترف حتى خصوم ريفي، أنه نجح في التعبير سياسيّاً عن الشارع، خصوصاً على خلفية ملف تفجير مسجدي التقوى والسلام، وقضية ميشال سماحة، فيما تعاطى "المستقبل" بخفة سياسية، وإن عاد سماحة إلى السجن.

ثانياً، يسجل لريفي خلال تأليفه اللائحة قدرته على دخول باب التبانة بوصفه زعيماً لها، وهي الخزان المحروم لكنه القادر على قلب الموازين السياسية، فمثلهم في لائحته، فيما اتكلت قيادات طرابلس وتحديداً الرئيس نجيب ميقاتي على قادة المحاور، بوصفهم مفاتيح انتخابية، لكنهم أثبتوا عجزهم.

ثالثاً والأهم، التحالف الهجين الذي خاض الانتخابات، وتحالف الرئيس نجيب ميقاتي مع الرئيس سعد الحريري، الذي لم يهضمه الشارع الطرابلس بعد، عطفاً على الفشل المدوي في المجلس البلدي السابق، ولم يفسره الشارع سوى أنه محاولة لإلغاء ريفي سياسياً، وتحجيمه واعادته إلى خانة "اللواء المتقاعد".

وفي الخانة ذاتها، يمكن أيضاً تسجيل التحالف مع جمعية "المشاريع"، والأبرز مع الحزب "العربي الديمقراطي"، الذي صبت أصواته في الساعة الأخيرة، باتفاق مسبق، منعاً لإستفزاز الشارع في باب التبانة. وهو التحالف الذي رأى فيه الشارع استكمالاً لطعن طرابلس، خصوصاً أن الحزب متهم بتفجير مسجدي التقوى والسلام.

ورغم أن ريفي نجح في تحقيق الشعار الذي رفعه: "قدن كلن"، لكن يمكن تسجيل، وقبل الأرقام النهائية، خروج الوزير محمد الصفدي، والوزير فيصل كرامي، والنائب مصباح الأحدب، من خانة "الكبار" في المدينة، التي بات يتزعمها بقوة ريفي، وتحته ميقاتي و"المستقبل".

وفي قراءة أولية للمشهد الطرابلسي، يمكن تلمس "النكران" الواضح الذي يمر به تيار "المستقبل"، والمتنقل بين منطقة وأخرى، على قاعدة: "ما في شي"، وأن شيئاً لم يتغير في حيثية التيار في الشارع اللبناني. وهي اللغة التي سادت قبل أيام من المعركة في طرابلس، وسط معلومات كانت تشير إلى فوز كبير، وأن ريفي سيعود إلى حضن "المستقبل" مهرولاً، إضافة إلى الأرقام التي تحدثت عن إنطلاق لائحة "لطرابلس" من قدرة تجييرية تبلغ 25 ألف صوت.

وإن كانت الهزيمة المدوية للطبقة السياسية في طرابلس، تبدو هزيمة ميقاتي مقاربة لهزيمة "المستقبل"، خصوصاً أن رئيس الحكومة السابق خاض المعركة وفق قناعة أنه بات الرقم الأول في المدينة، نتيجة تراجع "المستقبل" وتشرذمه، إضافة إلى حضوره كقوة مالية وخدماتية. فقد تبين أن كل ما صرف لم ينجح عملياً في تتويجه زعيماً على المدينة، بعدما نجح في فرض اسم رئيس اللائحة على "المستقبل"، وحصل على حصة وازنة تتعدى حصة "المستقبل".

عموماً، لم تبدأ بعد عملية قراءة الأرقام. الطبقة السياسية في المدينة لا تزال في هول الصدمة. الكل خاسر، بإستثناء ريفي، الذي يتحضر للتعاطي مستقبلاً على أنه رقم أساسي في المدينة، وعلى الساحة السياسية، بعدما بات يملك ورقة يمكن استثمارها في الخانة الإنمائية المؤثرة في المدينة سياسياً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها