الثلاثاء 2014/08/26

آخر تحديث: 18:05 (بيروت)

معركة المياومين: باسيل ينتصر للوجود المسيحي!

الثلاثاء 2014/08/26
معركة المياومين: باسيل ينتصر للوجود المسيحي!
باسيل يسعى إلى توظيف 167 بترونياً في وزارة الطاقة (المدن)
increase حجم الخط decrease

عندما أقرّ مبدأ المداورة الشاملة في الحقائب الوزارية، قبل تأليف حكومة المصلحة الوطنية، بمسعى من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يمنّي النفس بإستعادة وزارة الطاقة من أيدي تكتل "التغيير والإصلاح"، خرج رئيس التكتل النائب ميشال عون ليضع الجميع أمام واقع مفاده: "لا لحكومة لا يكون فيها جبران باسيل وزيراً للطاقة".

لم يقصد عون باسيل بشخصه. تمت الصفقة وإنتقلت الوزارة من "التيار الوطني الحر" الى "الطاشناق" وبقي باسيل وزيراً في الظل وبالتكليف الحزبي، يُسيّرها ومستشاروه الذين أتى بهم إلى "أم الوزارات" كما يحب أن يطلق عليها البعض في "التيار"، ويحاول إمساكها بكل السبل وإحكام السيطرة عليها.

"أم الوزارات" بالنسبة للعونيين تعني في ما تعني أنه لا يمكن التسليم لبري وإبقاء الوزارة خاضعة له وللمحسوبين عليه. يعترف العونيون أن للمشكلة في ملف المياومين خلفيات سياسية. صراع "ديوك" بين "أمل" و"التيار"، وبمعنى أدق "جزين" جديدة من دون تدخل من "حزب الله" الذي يدرك حساسية الملف بالنسبة للحليفين، لكنه لا ينسى أن للحليف العوني حيثية ومكانة لا يمكن تخطيها.


بعيداً من الغوص في أسباب الخلاف في ملف المياومين، ينظر "التيار"، وفق مصادره، الى وزارة الطاقة والمياه، بوصفها كنزاً شعبياً وسياسياً وخدماتياً. يدرك أن ساكن عين التينة يتحين أي فرصة من أجل استعادة ما كان ملكه، وتجزم المصادر بأنها لن تسمح بذلك، لا اليوم ولا غداً، وتشبّه الحرب المفتوحة على "الإصلاح والتغيير" في شق وزارة الطاقة، من ملف النفط سابقاً الى ملف المياومين، بأحداث "5 أيار"، عندما اتخذت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة قراراً بتفكيك شبكة اتصالات حزب الله وإقالة وفيق شقير من رئاسة أمن المطار.

مواجهة "5 أيار" لا تسقط من حسابات "التيار". تقول مصادر مطلعة فيه أنه مستعد لـ"7 أيار" سلمي. بمعنى أدق، هو مستعد للمواجهة، وفق سيناريو "الشارع بالشارع". في المقابل، تلفت أوساط مطلعة إلى أن "التيار" أوعز إلى البعض بالجهوزية للتحرك في وجه المياومين متى دعت الضرورة، كما أنه يستعد لرفع دعاوى قضائية في وجه بعض المياومين، لإجهاض تحركهم وترهيبهم قضائياً.

بالأمس، بعدما خرج وزير الطاقة والمياه، أرتور ناظاريان مهدداً ومتوعداً، وإلى جانبه وزير العمل السابق سليم جريصاتي، ومدير المؤسسة كمال الحايك، رد المياومون في بيان. الرسالة كانت واضحة وممهورة بختم خفي: "من بري إلى عون". تقول المصادر إن بري كان على تنسيق مع المياومين قبل إصدار البيان، وأنه صدر بإيعاز شخصي منه، لأنه لا يريد فتح مواجهة مباشرة مع عون في هذه المرحلة، خصوصاً أنه يسعى بكل إمكاناته الى تصفير الخلافات، وهو يعمل على نسج ما أمكن من خيوط تساعد على الخروج من مأزق الشغور الرئاسي والتعطيل النيابي. وهو، لهذه الغاية، لم يرد على اقتراح عون تعديل الدستور لإنتخاب الرئيس من الشعب على دورتين، الأولى مسيحية والثانية وطنية.


وفق هذه القاعدة، ترفض مصادر مقربة من عين التينة أن تقارب هذا الملف من منطلق سياسي، رغم إقرار قانون التثبيت في المجلس النيابي، وبإعتراف الجميع، وفق صفقة سياسية. تشير إلى أن تأييدها لهذا الملف ينبع من "زاوية الحق انطلاقاً من أن مطالب المياومين محقة، لذلك طالبنا وسعينا لإقرار القانون المتعلق بهم، واليوم من المفترض معالجة هذه الأزمة بما يحفظ حقوق المياومين عبر تطبيق القانون بلا أي مواربة أو استغلال لا سياسي ولا غير سياسي".

رفض عين التينة لـ"الغمز واللمز" السياسي لا يخفي حقيقة أن المياومين محسوبون على بري، ولا يخفي أن "التيار" يمنّي النفس بتوظيف محسوبين عليه في الوزارة، اذ تشير مصادر مطلعة إلى أن الإحصاء الأخير لمؤسسة كهرباء لبنان يُبين ان لا شغور في الفئة الثالثة، وهو ما أثار امتعاض المياومين، وسط معلومات تفيد بلائحة معدة سلفاً لدى التيار الوطني الحر لتوظيف 167 من المحسوبين عليه، ومن منطقة البترون تحديداً، ليشكلوا رافعة حزبية في القضاء الذي خسر فيه باسيل نيابياً مرتين متتاليتين. وإبقاء الشغور في الفئة الثالثة سببه، وفق المصادر، مخطط لتسريع ترقية هؤلاء واستلامهم المراكز الشاغرة بعد توظيفهم.

وحده "حزب الله" يبلع "الموس". لا يمكنه استفزاز المياومين وغالبيتهم تنتمي الى الطائفة الشيعية، ولا يمكنه أن يقف في وجه عون - الحليف الدائم. خانة "اليك" التي حُشر فيها "حزب الله" دفعته الى المناورة مراراً، إلا أن أجواء المياومين دائماً تحمّل صمت "حزب الله" مسؤولية ما يحصل. "في صمته تغطية للغبن اللاحق بنا"، يقولون. لهذه الغاية، أبلغ الحزب، قبل أشهر، مَن يعنيهم الأمر، ضرورة التهدئة، في إنتظار الطبخة التي تنضج على نار هادئة مع باسيل، قبل أن يُفاجأ الجميع، وفق المصادر، بأن "التيار" أبلغ الجميع بأنه مع تثبيت 890 تقريباً من أصل حوالي 1800 فقط وأنه جاهز للتصعيد ولن يتراجع.

يبدو أن شعار "حقوق المسيحيين" فضفاض جدا. "النفط" يؤمن بقاء المسيحيين في أرضهم. وزارة الطاقة كذلك، لا سيما في بعض التوظيفات "البترونية"، وغداً تعود الإتصالات. القانون "الأرثوذكسي" يحقق المناصفة، ومبدأ انتخاب الرئيس من الشعب على دورتين - الأولى طائفية والثانية وطنية - يعيد الدور المسيحي المفقود. هكذا هي السياسة لدى عون وتياره، المصلحة الخاصة لا بد أن ترتبط بالوجود المسيحي ككل.. ولمقعد باسيل البتروني ـ البرلماني تُسخّر كُل "الطاقات". 

increase حجم الخط decrease