الثلاثاء 2015/04/28

آخر تحديث: 16:17 (بيروت)

الراعي في فرنسا.. الام الحنون تخلّت عن أبنائها

الثلاثاء 2015/04/28
الراعي في فرنسا.. الام الحنون تخلّت عن أبنائها
الرئيس الفرنسي بدا مستمعاً أكثر منه متكلماً
increase حجم الخط decrease

في كل عام، يحتفل المسيحيون الذين يتبعون التقويم الشرقي في لبنان في اول اثنين بعد عيد الفصح، بإثنين القيامة، اما في بكركي فيكتسب هذا اليوم طابعاً استثنائياً تحت عنوان "الصلاة على نية فرنسا". يختصر هذا الحدث العلاقة التاريخية بين الكنيسة المارونية و"الأم الحنون"، وهو التوصيف الذي يعطيه كثيرون من اللبنانيين عموماً والمسيحيون خصوصاً لفرنسا، فيما يرى آخرون، في الجهة المقابلة، أن الأم تخلّت عن أبنائها، وأن فرنسا العام 1920، هي غير فرنسا اليوم، ولكن يبقى شرف المحاولة.

عند الواحدة بتوقيت بيروت بعد ظهر الثلاثاء، استقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الضيف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عند درج الاليزيه. أكرمه بالاستقبال، أكثر من نتائج مضمون اللقاء الذي دام 45 دقيقة. وتشير معلومات "المدن" الى أن اللقاء الذي ارجىء من الاثنين الى الثلاثاء، بحسب اجندة مواعيد الاليزيه، كان فيه هولاند مستمعاً أكثر منه متكلماً.

تسلّم هولاند من سيد الصرح ملفاً بالوثائق والأرقام أعدته دوائر بكركي عن الواقع اللبناني، إن لناحية المؤسسات الدستورية او الإدارة اللبنانية او الهجرة المستمرة او "القنبلة الموقوتة" المتمثلة بالنازحين السوريين. تسلمه واحاله الى أحد معاونيه.

أما الأهم، فكان الشق المتعلق بالملف الرئاسي. إستمع هولاند أيضاً، بعد محاولات سابقة أجرتها بلاده من دون أن تصل إلى نتيجة، لكن الراعي كرر مواقفه، خصوصاً أن بكركي تتعامل، بحسب مصادرها لـ"المدن"، مع هذا الملف باعتباره جرس انذار، و"يفترض بالمجتمع الدولي ودول القرار عدم البقاء متفرجين على ما يحصل في لبنان والشرق الأوسط، بل رفع الصوت والضغط سياسياً حيث تدعو الحاجة، قبل أن يفقد الشرق تنوعه والمنطقة تعدديتها، مستسلمة لتنامي الحركات التكفيرية التي تنمو ويقسو عودها بالحديد والنار". وإن كانت دوائر بكركي غير متفائلة بأن زيارة البطريرك، قد تحمل البشارة بانتهاء جلجلة الشغور الرئاسي، لكنها تبدو مقتنعة، ومن دون شك، بأنها ستسهم في "دق الحديد، حتى يفك اللحام".

ذكّر البطريرك، بحسب مصادر "المدن"، الرئيس الفرنسي بالعلاقة التاريخية التي كانت تربط الأباء المؤسسين لدولة لبنان الكبير بأحفاد نابوليون. وعندما تناول الحديث الشق الرئاسي، ذكّر هولاند هذه المرة بالزيارة التي قام بها الموفد الفرنسي فرانسوا جيرو الى لبنان قبل اشهر، ليعرب امام الراعي عن استعداد فرنسا للقيام بمبادرات مع أصدقاء فرنسا الغربيين والشرق اوسطيين للمساهمة في ملء الشغور.

تعرف بكركي أن مفاتيح الحل والربط ليست بيد فرنسا وحدها، ولكنها تنظر اليها كجزء من كل. وتشير أوساط بكركي الى أن الراعي ينطلق في مساعيه من الآية الإنجيلية: "اقرعوا يفتح لكم"، بمعنى أنه لن يمل من أن يجول العالم محذراً من ان بقاء الوضع على ما هو عليه يهدد بغرق السفينة بمن فيها.

في الساعات الماضية، كان اركان من الروابط والمؤسسات المارونية المختلفة يجتمعون في احد المجمعات التجارية على فنجان قهوة. بدت غالبيتهم غير متأمّلة بالحراك الكنسي، متعاملة معه على انه خطوة لا بد منها في ظل الجمود الحاصل منذ العام 2013، والذي أدى الى تمديدين نيابيين وشغور وازمات. هناك من يقول أن الراعي يعرف في قرارة نفسه أن زيارته الفرنسية لا تشبه زيارة سلفه البطريرك الحويك اليها قبل مئة عام. فخلال هذه العقود، تغيّر الكثير في اشخاص ووقائع وتفكير ومقاربات. 


قبل أيام، كان وفد من الرابطة المارونية يزور الفاتيكان مدعّما بارقام ودراسات أعدتها "الدولية للمعلومات" عن الواقع المسيحي. زار الوفد مسؤولي الفاتيكان، على الرغم من انه عاد من روما من دون ان يرى البابا. لكن أعضاء الرابطة عادوا الى بكركي ليقولوا لسيد الصرح "نفّذ الامر سيدي".

في مكان ما، تنظر بكركي الى مجرد حصول الخطوة على أنها افضل من البقاء بلا حراك. وترغب البطريركية المارونية بالتالي في أن يتركز العمل مع الفاتيكان وباريس، لأنّهما الدولتان الأقرب إلى موارنة لبنان ومسيحيّي الشرق، من هنا يحاول الراعي إعادة إحياء العلاقة لضمان بقاء المسيحيين في لبنان والمنطقة وسط التحوّلات الإقليميّة، لاسيما أن "التقارير الرسمية تشير الى هجرة أكثر من 40 الف شاب لبناني سنوياً بحثاً عن مستقبل افضل".


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها