السبت 2015/05/23

آخر تحديث: 19:06 (بيروت)

سامي الجميل: "الابن الضال" يرث

السبت 2015/05/23
سامي الجميل: "الابن الضال" يرث
لا يبدو أن مراسم الوراثة الكتائبية ستمر من دون اعتراضات
increase حجم الخط decrease

قبل سنوات وقف  الشاب سامي الجميل على مسرح مدرسة راهبات القلب الاقدس في الاشرفية متمرّداً على الموروثات اللبنانية، معلناً ولادة المجموعة التي انشأها مع رفاقه لتعبّر عن نظرتهم الى النظام اللبناني القائم على الفيدرالية، وقد اسموها "لبناننا". بعد أسابيع، سيقف النائب سامي الجميل على منبر الصيفي، ليعلن جلوسه على كرسي رئاسة حزب الكتائب.

8 سنوات تفصل بين الحدثين، تختصر التحوّلات التي جرت في تفكير حفيد مؤسس حزب الكتائب، الذي خرج يوماً عن "أهل بيته" متمرّداً في فورة الشباب، رافضاً منطق الوراثة والنمط السياسي المعتمد في الكتائب والحياة السياسية اللبنانية، طامحاً الى تغيير النظام، ليجد نفسه بعد فترة متخلياً عن تغريده خارج السرب، عائداً الى كنف حزب "الله والوطن والعائلة" في ما يشبه عودة الابن الضال.

الرئيس المقبل لحزب الكتائب من مواليد بكفياً في الثالث من كانون الأول 1980. أنهى دروسه الجامعية في جامعة القديس يوسف في العام 2003، حائزاً على إجازة في الحقوق، استتبعها بماجستير في القانون الدستوري، قبل ان ينال شهادتين في التفاوض والقيادة من جامعة هارفرد عامي 2008 و2009، عشية دخوله الحياة البرلمانية كنائب عن قضاء المتن الشمالي.

على صفحته الخاصة عبر الفايسبوك، يعرّف الجميل عن قناعاته الدينية بالقول باللغة السريانية، انه "ماروني سرياني من جبل لبنان". هي القناعة التي تجمعه مع رفاق الحي والدراسة، الذين يشكّلون فريق عمله، بعدما كوّنوا ولا يزالون اركان فريقه خلال ممارسته لهوايته المفضّلة وهي كرة القدم التي يشجع فيها المنتخب الارجنتيني. فباتت أسماء  كالبير كوستانيان وباتريك ريشا ملازمة له منذ سنوات، تمشي كظلّه من كرة القدم الى "لبناننا" وصولاً الى المكتب السياسي الكتائبي، يثق بها وتثق به، ليشكلا معاً حجر الزاوية في المرحلة المقبلة للحزب (إضافة إلى سيرج داغر) الذي اسسه ورئسه جدّه قبل اكثر من ثمانين عاماً.

في الأسابيع المقبلة، سينجح سامي حيث فشل ابن عمّه نديم، منافسه على الزعامة الكتائبية. إستعد لهذه المهمة منذ سنتين، مستقراً في مقرّه الخاص القريب من البيت العائلي، حيث يستقبل الزوار ويعقد الاجتماعات الحزبية والخاصة، وقد اجرى تبديلات عديدة في الفترة الماضية على فريق العمل، بحثاً عن الكيمياء الأمثل. يقول العارفون بخفايا البيت الجميلي، ان سامي غير نديم. واذا كان الثاني لم ينجح في أن يكون سرّ ابيه، فالأول عرف من اين تؤكل الكتف، صاعداً الدرج بسرعة عندما سنحت له الفرصة منذ العام 2007، على اثر إغتيال شقيقه بيار، موفقاً بين الحرس القديم والجيل الجديد، ومتكئاً على والده الذي فضّل ان يشرف وهو على قيد الحياة على نقل الإرث الحزبي والعائلي اليه، محيلاً نفسه على التقاعد.

خلال هذا المسار، يقول قيادي كتائبي "إن سامي خضع للامتحان فاجتازه بنجاح، وبات إنتقال الإرث اليه حتمياً طالما أن أحداً لا يمكن ان يرى الكتائب من دون آل الجميل".

في المقابل، هناك من يرى في صفوف معارضي ترئيس سامي، ان "الرجل الذي يظهر بمظهر الشاب العصري في تصرفاته وملابسه، إقطاعياً بالدم، وانتهازياً الى اقسى الحدود". وفي هذا السياق، لا يبدو أن مراسم الوراثة الكتائبية ستمر من دون اعتراضات، وإن كان البعض يرى انها لن تتخطى الشكليات. وتتحدّث المعطيات في هذا الاطار عن ان مجموعة من المعارضين، تحضّر للقاء ومؤتمر يوازي مؤتمر الكتائب "لنسف توريث سامي".

في الساعات الماضية كتب احد الكتائبيين المعارضين على حسابه الخاص عبر الفايسبوك " احزابنا كلها وراثية تنتقل رئاساتها بالارث من الاب الى الابن الى الحفيد الى ابن الحفيد وعند عدم وجودهم الى الصهر والزوجة...والطريف انهم كلهم يدعون الديموقراطية والكفاءة ويريدون اصلاح الانظمة المحيطة ولو يبدأون بأنفسهم".

قد يصح ما كتب، او تكون هناك وجهات نظر أخرى في ما يحدث في نقل الإرث الكتائبي. لكن الأكيد أن سامي الجميل، خلع خلال سنوات ثوب التمرد ليرتدي عباءة الاقطاع العائلي على غرار نهايات القصص المعروفة سلفاً في البيوتات اللبنانية.


* ملاحظة: تنشر "المدن" سلسلة من المقالات عن الوراثة السياسية والشخصيات التي من المتوقع أن تنتقل إلى سدة المسؤولية قريباً ومن بينها سامي الجميل (اليوم)، تيمور جنبلاط، وطوني فرنجية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها