الأربعاء 2023/03/22

آخر تحديث: 15:03 (بيروت)

بكركي تجمع السياسيين المسيحيين: رتبة توبة أم رتبة سجود؟

الأربعاء 2023/03/22
بكركي تجمع السياسيين المسيحيين: رتبة توبة أم رتبة سجود؟
خطوة الراعي اليوم سابقة في التاريخ الحديث (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

مرة جديدة تجد بكركي نفسها مربكة. تقف وسط صراعات القوى المسيحية المكررة. تحاول دفعهم إلى التوافق على رئيس للجمهورية، كمدخل إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد من بلد يتهالك. بين الموقف المطلوب من الموقع، وبين واقع المواقف والانقسامات المسيحية، لم يجد البطريرك بشارة الراعي سوى الصلاة سبيلا لجمع النواب المسيحيين.

وعد برسالته أن يتم وضع برنامج يوزع لاحقاً عليهم. إلى اليوم لم يصل البرنامج، وسط تساؤلات "خبيثة" لبعض النواب ممن سيشاركون، عما إذا كان البرنامج يتضمن "عدد صلوات المسبحة ورتبة التوبة أم رتبة السجود"!
يعرف الجميع ان دعوة بكركي "للصلاة والتوبة" تورية لدعوة شائكة ومتعذرة، للبحث في مآل الانتخابات الرئاسية.
يراهن الراعي أن في هذه الحال يتساوى "الشكل" مع "المضمون"، فتعطي الصورة الانطباع المنشود.
لكن التدقيق في لقاءات سابقة للقوى المسيحية، أحزاباً ونواباً، في بكركي في لحظات مفصلية لا تبشّر بإمكانية إنضاج تسويات مربحة.

تجارب صفير
عام 1992 كان البطريرك صفير ميالاً إلى الدعوة لمقاطعة الانتخابات النيابية المعلّبة من النظام السوري. وكان يريد استمزاج آراء عدد من النواب المسيحيين، القريبين من جو بكركي. يتفاجأ البطريرك بوصول جميع النواب المسيحيين المحسوبين على النظام السوري بهدف إعطاء انطباع أن أكثرية المسيحيين مع المشاركة في الانتخاب. من بين هؤلاء النواب ميشال المر وإيلي الفرزلي وأسعد حردان، الذي كان يزور بكركي للمرة الأولى. لم يتوانَ يومها صفير عن استخدام أسلوبه "المرّ" في الاستفسار من حردان عن كيفية استدلاله على الصرح فرد "سألت على الطريق".
انتهى اللقاء ولم يتغيّر شيء.

حول ورقة الحسيني والطائف
مرة أخرى عقدت بكركي، قبل مؤتمر الطائف، اجتماعاً موسعا للأحزاب والقوى السياسية، بعد أن أرسل الرئيس حسين الحسيني مشروع اتفاق وطني لإعطاء البطريرك رأيه فيه. دعا صفير ممثلين عن الأحزاب والقوى المسيحية ليدرسوا تفاصيله ويعلقوا عليه. من بين هؤلاء ممثلون عن الكتائب والقوات و"تجمع الموارنة المستقلين" رينيه معوض، بطرس حرب، نصري المعلوف، ميشال ساسين عن الأحرار وغيرهم، وممثل عن ميشال عون. وبعد أن أكد عون مشاركته من خلال مدير المخابرات يومها، لم يصل ممثله إلى بكركي ولا شارك بالاجتماع. فكانت النتيجة: لا توافق.
في زمن التحضير للطائف كان النواب يتداعون إلى لقاءات متكررة في بكركي لأكثر من مرة. وحتى حين أقام صفير في الفاتيكان في الفترة التي سبقت إقرار الطائف كان على تواصل يومي مع كل القوى السياسية. دخل في التفاصيل، استمع وناقش وحاول تقريب المفاهيم ووجهات النظر. لكن الإجماع لم يتوفر. وكان ما كان في 13 تشرين الأول، وإسقاط ميشال عون وإخراجه من بعبدا. واستمر الانقسام المسيحي واستعر.

مساعي الراعي
بدوره، حاول البطريرك الراعي أكثر من مرة التقريب بين المسؤولين المسيحيين، حتى كاد يبدو مقيماً في "منطقة رمادية"، تجنباً للانقسامات. ومع ذلك لم يوفق.
وحين كرّس في العام 2014 تسمية "الأقوياء" من ميشال عون إلى سمير جعجع وسليمان فرنجية وأمين الجميّل، كرؤساء "مستحقين"، كان ذلك في رأي كثير من المسيحيين المستقلين واحدة من "أخطاء" بكركي، التي لا مجال هنا لتفصيلها.
صحيح أن خطوة الراعي اليوم سابقة في التاريخ الحديث، أن يدعو بطريركاً سياسيين إلى "الصلاة والتوبة". لكن فات الراعي أن مؤمنين كثراً يتماهون مع تراتيل كنسية ويفضلون صلوات على أخرى.
فترنيمة"رفعت عينيّ إلى السماء من حيث يأتي عوني" ينشدها "العونيون" بحماسة استثنائية، فيما ترشح الحرارة من مناصري القوات اللبنانية وهم يرنمون "يا رب القوات كن معنا فليس لنا في الضيقات معين سواك".
فعن إي إجماع يبحث الراعي؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها