الثلاثاء 2023/10/31

آخر تحديث: 16:35 (بيروت)

وقفات متفرقة "نصرة لغزة": 8 آذار لا تجمع جمهوراً

الثلاثاء 2023/10/31
وقفات متفرقة "نصرة لغزة": 8 آذار لا تجمع جمهوراً
سرعان ما انتهت التّظاهرة بعد إلقاء البيان المُشترك (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
أن تنظر إلى أولئك المتظاهرين أمام السّفارة الفرنسيّة في بيروت، صباح اليوم الثلاثاء، القلّة القليلة (حوالى الثلاثين شخصًا) التّي لبّت دعوة قوى الثامن من آذار مُجتمعةً، بأعلامهم الخضراء الموشاة بعبارة التّوحيد الإسلاميّة والأخرى الصفراء، وبهتافاتهم الاستنكاريّة، بلغة أجسادهم، بنزقهم وغيظهم مما يُرتكب بأبناء جلدتهم وأمام أعينهم، فإنّك للوهلة الأولى ستستحضر "زمن الانتفاضات الجميل"، حيث كان لكل قضيةٍ جمهور، بل وتتحسر على اللحظات التّي كان صوت الشارع فيها مسموعًا، وضغط الشارع كان ساحقًا.

لحظات نوستالجيا عابرة، ستحيلك حتمًا لفكرة جوهريّة وحقيقةٍ حتميّة، أن الشارع اللّبنانيّ بمختلف صبغاته – حتّى تلك التّي ظننا أنها لن تستكين – استكان، ما عادت تهزه القضايا كما السّابق، وجومٌ يُمكنك تفسيره والأهم تبريره بكل الأدوات المعرفيّة، اعتصامٌ بالصمت لا تؤرقه أكبر الأزمات. وهذا بالضبط ما يُمكن استنتاجه من الحراك الشعبيّ اللّبنانيّ المُناصر للقضيّة الفلسطينيّة والمُستنكر للمجازر التّي تحصل في قطاع غزّة، منذ نحو الأسبوعين حتّى اليوم، حالة التّوجس والقلق والنفور من فكرة التّورط بحربٍ مع الجانب الإسرائيليّ، التّي نجحت في التّغلب ميدانيًّا على التّضامن والانصهار المتفاني مع القضية الفلسطينيّة.

تظاهرات متفرقة
إذ أن التّظاهرة الشعبيّة التّي كان من المُزمع إقامتها صباح اليوم، الثلاثاء 31 تشرين الأوّل، أمام السّفارة الفرنسيّة في بيروت- طريق الشام بدعوةٍ من مختلف قوى وأحزاب الثامن من آذار وبعض الفصائل الفلسطينيّة، وتحديدًا حماس، تنديدًا "بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومواقفه مع الجانب الإسرائيليّ وتغافله عن المجازر التّي تحصل بحقّ أهل غزّة"، وللتّأكيد "على حقّ المقاومة في تحرير أرضها والدفاع عن شعبها"، لم تستطع أن تحشد الآلاف التّي اعتادت على النزول إلى الشارع في الفترة السّابقة، بل كانت التّظاهرة شبيهة جدًا بالتحركات التّي دعت إليها أطراف مدنيّة، سابقًا، من جهة الجماهيريّة المحدودة والمطالب (راجع "المدن")

أما النذر الضئيل ممن لبى الدعوة، فغالبًا هم من أنصار حماس وعدد قليل جدًا من مناصري الثنائيّ ناهيك بسائر الأحزاب، الذين حملوا الأعلام ورددوا الأهازيج والشعارات، وسط حضورٍ أمنيّ روتينيّ، يقل عن عدد المتظاهرين القليل أساسًا، والذي لم يعد مستغربًا، مع استبعاد فرضيّة ممارسة أعمال الشغب، التّي شهدها محيط السّفارة الأميركيّة في عوكر، ومبنى السّفارة الفرنسيّة. وسرعان ما انتهت التّظاهرة بعد إلقاء البيان المُشترك والذي أكدّ على مطالب الأحزاب بوقف العدوان الإسرائيليّ، والمستنكر لموقف فرنسا من حماس، و"إقحامها في خانة المنظمات الإرهابيّة".

وتبع الاعتصام، لقاء تضامنيّ في مقرّ الاتحاد العمالي العام في كورنيش المزرعة، والذي كان الاتحاد قد دعا إليه بالشراكة مع اتحاد نقابات عمال فلسطين – فرع لبنان، تحت شعار: "الآن الآن وليس غدًا أجراس العودة فلتقرع"، استنكارًا للعدوان، وشارك فيه كل من السّفير الفلسطينيّ في لبنان، أشرف دبور، وعدد من السفراء العرب، وفاعليات منظمة التحرير الفلسطينيّة والمجلس الوطني الفلسطينيّ، حركة حماس، فاعليات المهن الحرّة وروابط المعلمين في القطاعين العام والخاص. فيما نُفذ أيضًا لقاءٌ تضامنيّ، في مخيم برج البراجنة، ضاحية بيروت الجنوبيّة، حضره عدد لا يُستهان به من أبناء المخيم وأنصار حركة حماس في لبنان من اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك فاعليات حزب الله، وقد رعى اللقاء وفدٌ من وزارة الثقافة والإرشاد التّابعة للجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة. ناهيك بوقفات متفرقة في ساحات التّضامن المُعتادة، أمام مبنى الإسكوا، ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت.

تضاؤل الحماسة الشعبيّة
أما اللافت في كل التّظاهرات والوقفات التّضامنيّة، التّي أُقيمت بمختلف أنحاء العاصمة المتوجسة والمُترقبة للمستجدات أكان في الداخل الفلسطينيّ أو الحدود اللّبنانيّة الجنوبيّة، اليوم وفي الأيام التّي سبقت، هي الروحيّة الرمزيّة لها، على خلاف ما نشهده في مختلف أنحاء دول العالم، من تظاهرات حاشدة. فيما يلتزم المتظاهرون بالدعوات المُنظمة وبأعدادٍ ضئيلة، مع شبه اختفاء للاعتصامات الفجائيّة – العفويّة. بينما تقتصر التّظاهرات الحاشدة على تلك التّي ينظمها كل من حزب الله وحركة حماس، والتّي تحشد أنصارها وحسب.

فيما يُرجع البعض هذه التّضاؤل وخفوت الحماسة الشعبيّة وانعدام التّنوع في الحضور، لتفشي الظواهر العنيفة، أكان بتحطيم المحال التّجاريّة في محيط السفارات كعوكر، أو العلامات التّجارية "الفرانشايز" في صيدا وبيروت. فضلًا عن الأزمات المُحدقة بلبنان إلى جانب سيناريو الحرب، والذي بدأ بالاستفحال طرديًّا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها