الأسمر الذي منعه أبوه من دخول "أخوية" فانتسب لـ"القوات"

لا يصعُب تلمّس بعض من "طوباوية" سياسية لدى النائب  سعيد الأسمر. باكرا أوصاه والده الاّ يدّخل في أي تنظيم " ولا حتّى في أخويّة". لكن حشرية الشاب، الآتي من جزين الى كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية في رومية، دفعته ليخالف وصية أبيه. انتسب الى "القوات اللبنانية" وصار رئيسا للخليّة في الجامعة. تدّرج في المهام الحزبية الى أن رشّحته قيادة الحزب الى النيابة.
عند اعلان فوزه، بكى والده سليمان، الكاتب بالعدل في جزين، فرحا وفخرا بالابن المتمرد.

خِذلان جزين
لم يتوقع أحد هذا الانقلاب الجذري في "مزاج" اهل جزين. سقط جميع مرشحي "التيار الوطني الحر" بعد أن كان يتردد أن جزين "عونية الهوى".
للاسمر راي مختلف "كانت  احصاءتنا في القوات تشير الى النتيجة التي حصلنا عليها في جزين. وكعادتها قامت القوات بحسابات دقيقة. وبقرار حزبي، ذهبت كل أصوات القواتيين الى الدكتورة غادة أيوب".
ومن أين حصلت على 1108 أصوات؟
"من اعتراض أهل المنطقة على أداء التيار الوطني الحر، ومن علاقات وصداقات وقناعات وخيارات أبنائها. جزين تعرف كيف تحاسب ومتى تعطي الفرص. لقد أعطت التيار ثلاثة نواب والبلديات واتحاد البلديات ، لكنهم خذلوها. وتبيّن أن تخصّص التيار بالوعود فقط، فيما الاهداف الحقيقية تتوزع بين السلطة والمراكز الشخصية والصفقات والمكاسب".
لا يحتاج محاور الأسمر الى سؤاله عن مكانة جزين عنده. تحضُر بين جملة وأخرى عند الحديث عن الطفولة والمدرسة والأصدقاء واحلام الغد والسياسة.  يقول: "لا يمكن أن يمر أسبوع من دون أن أذهب الى جزين"، قبل أن يضيف ضاحكا "تزوجت من جزين (سوزان الحلو) حتى لا اضطر الى تمضية أية نهاية أسبوع خارج المنطقة".
يتحدث الأسمر بحماسة وانفعال وطلاقة وصوت مرتفع نسبيا يكاد يُتعب سامعه، ولا يتعب أو يتوقف الا عند مقاطعته.
أهي حماسة الشاب (مواليد 1980) الذي انتقل الى المجلس النيابي فجأة وقد كان قبل خمسة أشهر مهندسا نشيطا وصاحب شركة وأبا لثلاثة أطفال؟
يتوقع السؤال قبل طرحه فيبادر ضاحكا: "أعرف أنني أتحدث كثيرا وأبدو منفعلا، لكن هذه طبيعتي. أظن يجب أن أخفف قليلا، لكن أخاف ان أفقد عفويتي"، قبل أن يضيف "لكنني سأعمل على ذلك".

صيدا سيادية
يعرف أن عملا كثيرا ينتظره، على ما يقول "على مستوى البلد كما على مستوى المنطقة". يؤكد أنه في جزين "مستعد للتتعاون مع الجميع لإنماء المنطقة، حتى مع من لم يحالفهم الحظ. تربطني صداقة مع زياد أسود وابراهيم عازار وعلاقة معرفة بأمل أبو زيد. وأنا أفصل الشخصي عن السياسي".

ماذا عن صيدا والقوات اللبنانية؟
"لم يكن بين صيدا وجزين أي مشكلة يوما. أما كقوات لبنانية، صيدا شريكتنا في المعركة السيادية. طوينا مرحلة الحرب منذ اتفاق الطائف. وحدهم الضعفاء يسترجعونها للّعب على الغرائز، علّهم يجدون مبررات لحضورهم. منذ الـ 2005 كنا شركاء مع أبناء صيدا في كل المعارك السيادية والتظاهرات كما ضد النظام الأمني الذي عانى منه الصيداويون الكثير".  يتابع "نحن نمثل صيدا بقدر ما نمثّل جزين. وسنلتزم بعنوان لائحتنا "وحدتنا في صيدا وجزين". حزب القوات اللبنانية، وحده، من بين الاحزاب التي شاركت في الحرب، سجن قائدها أكثر من 11 عاما، وبعدها قدم إعتذارا علنيا عن كل الأخطاء والاساءات وفتحنا صفحة وطنية جديدة. وقدّمنا في ادائنا في السياسة والادارة والالتزام والاخلاق نموذجا يُحتذى".

 التوازن في المهام الشاقة
يريد سعيد الاسمر أن يكون حزبيا ملتزما ونائبا ناجحا وصديقا للجميع وزوجا وابا متفانيا وأن يُبقي على عمله "مصدر دخله". "أعرف انني سأُقصّر في مكان ما. اكتشفت ذلك حين عاتبني ابني قائلا أنه اشتاق اليّ. وأنا ضعيف أمام اولادي. لكنني سأجد طريقة للموازنة بين كل الامور. هي مسألة تنظيم وادارة الوقت، ونحن في القوات مشهود لنا بذلك".
يعترف الأسمر ان "الأكثرية في مجلس النواب متأرجحة. لذلك نواصل العمل على جمع المعارضين والتواصل معهم على أمل التلاقي والاتفاق على بعض المواقف".
ماذا عن استحقاق انتخاب اللجان النيابية؟
يجيب "نتواصل مع الجميع. لكن الواقعية تفرض عليّ القول ايّا تكن النتائج، في هذه المحطة أو سواها، نحنا مكملين. نعمل قناعاتنا ايّا تكن التحديات ولا بد أن نصل الى البلد الذي نتمناه".