الجمعة 2018/07/27

آخر تحديث: 00:09 (بيروت)

النفايات في النبطية: أزمات بلدية ومبادرات أهلية

الجمعة 2018/07/27
النفايات في النبطية: أزمات بلدية ومبادرات أهلية
توتر بين بلدية النبطية واتحاد بلديات الشقيف على خلفية أزمة النفايات (محمد بيطار)
increase حجم الخط decrease

أزمة النفايات المتنقلة بين قرى اتحاد بلديات الشقيف- النبطية، أطاحت أخيراً برئيس بلدية كفررمان ياسر علي أحمد، بعد إقراره بعدم قدرته على إيجاد حل يخفف عن أهالي بلدته مما وصلت إليه الأمور بيئياً في البلدة، خصوصاً بعد إقفال معمل فرز النفايات في الكفور التابع للاتحاد منذ سنتين، واقفال العديد من المكبات العشوائية، بقرارات قضائية، لخطورتها وضررها على الصحة والسلامة العامة والبيئة.

الأزمة في النبطية والجوار انعكست توتراً بين بلدية النبطية ورئيس الاتحاد محمد جابر. فقد أوعز إلى الشركة المكلفة بجمع النفايات ونقلها بالتوقف عن عملها في نطاق بلدية النبطية. وتجنباً لتراكم النفايات في مركز المحافظة، سارعت آليات البلدية إلى رفع النفايات ونقلها إلى عدد من المكبات في البلدات المجاورة بالتوافق مع رؤساء بلدياتها. لكن قدرة البلدية لم تعد تحمتل أعباء جمع النفايات. ما أدى إلى تراكم النفايات أمام مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية، من دون أي اكتراث لارتفاع درجات الحرارة وخطورة النفايات الطبية المتراكمة على صحة المواطنين.

يرمي رئيس بلدية النبطية أحمد كحيل مشكلة أزمة النفايات على الاتحاد. ويشير إلى أن هناك من يحاول تحويل أزمة النفايات إلى تجاذب سياسي بين حزب الله وحركة أمل. والسبب واضح، "وهو فشل الاتحاد بإدارة موضوع النفايات وعدم تشغيل معمل الكفور بمواصفات أوروبية تحمي صحة المواطن". ويدعو كحيل المواطنين إلى التحمل والصبر، ريثما يتم تلزيم مناقصة جديدة لمعمل الكفور في آب 2018. وبشأن احتمال انسحاب البلدية من الاتحاد، يقول: "لا تعليق حتى الساعة".

التجاذب الحاصل بين البلديات والاتحاد، دفع جابر إلى إعلان عن مناقصة لتشغيل معمل معالجة النفايات والطمر الصحي للنفايات الخاص بالاتحاد، في 24 آب 2018. وأعلن جابر أنه قبيل إجراء المناقصة سيقوم بسلسلة لقاءات تشاورية مع ممثلي الجمعيات الأهلية والمدنية لشرح خطة الاتحاد. ويقول مصدر في الاتحاد، لـ"المدن"، إن إطلاق المناقصة لتشغيل المعمل جاء بعد وعود من الدولة اللبنانية بإنشاء مطمر صحي للعوادم. لكن، من دون معرفة مكان انشاء المطمر.

ويؤكد المصدر أن لا أزمة نفايات في المنطقة، طالما أن الاتحاد يقوم بجمع النفايات ورميها في الأماكن التي خصصتها كل بلدية على حدٍ سواء. يضيف: "في الوقت الراهن كل بلدية مسؤولة عن رمي نفاياتها، وفي حال رفضت أي بلدية تحمل مسؤولياتها، النفايات ستملأ شوارعها".

في المقابل، ترفض بلدية الكفور إعادة فتح معمل الفرز في البلدة أو المكب القديم، داعيةً إلى إيجاد مكب آخر، وإلا فإن التحركات التصعيدية جاهزة في وجه الاتحاد. وتشير البلدية إلى أن حديث الاتحاد عن وعود الدولة اللبنانية بالتكفل بإيجاد مطمر صحي، وتشغيل المعمل بمعايير أوروبية، هو مجرد حديث استعراضي.

الفرز: ترند
في كفررمان، قرر المخاتير والفعاليات استحداث مكب مؤقت في ناحية حرجية من تلة الطهرة في خراج البلدة لرمي النفايات، بالتزامن مع التحضيرات الجارية لإطلاق خطة الفرز من المصدر. علماً أن مكان المكب المؤقت كان هو نفسه الذي لجأ إليه رئيس البلدية المستقيل، لكن الأهالي رفضوه. فهل كان الهدف تنحية رئيس البلدية بحجة أزمة النفايات؟ يقول علي أحمد إن الحلول التي أقرت بعد استقالته كان قد طرحها في المجلس البلدي، لكن من دون أي استجابة.

خطة الفرز من المصدر أصبحت "ترند"، تتسابق عليه البلدات من دون أي سياسة وخطة منهجية وتوعوية للمواطنين. لكن المسؤولة الإعلامية في بلدية كفررمان رنا الجوني تقول، لـ"المدن"، إن الخطة ليست حبراً على ورق، بل هي نتيجة جهود مشتركة مع عدد من الجمعيات البيئية والأهلية في المنطقة. وقد بدأت بخطوات متسارعة، بعد تقسيم أحياء البلدة، لتتولى فيها لجان أحياء تنفيذ الخطة وادارتها ونشر ثقافة الفرز من المصدر.

هكذا، بدأت أحياء كفررمان بالتنافس في ما بينها من أجل النظافة العامة، تماماً كحال حي التحرر، الذي قام سكانه باستبدال المستوعبات الحديدية بإطارات ملونة أعطت هوية جديدة للحي وخلقت جواً تنافسياً بين أهالي الحي الواحد. يقول الأهالي في الحي إن الخطوة الأولى هي فرز النفايات في كيسين، واحد للمواد العضوية وآخر للمواد الصلبة. أما القطع الكبيرة، التي يصعب التخلص منها أو تحللها، فسيعمدون إلى إعادة تدويرها من أجل تزيين جدران الحي بطريقة مبتكرة.

لكن، رحلة الألف ميل التي بدأتها كفررمان وبلدات أخرى، بحاجة إلى دعم متكامل من اتحاد بلديات الشقيف- النبطية من أجل ضمان استمراريتها، وأن لا تكون موجة موسمية عابرة فحسب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها