الأحد 2018/07/01

آخر تحديث: 17:20 (بيروت)

المصنع: العابرون اللبنانيون أكثر من اللاجئين العائدين

الأحد 2018/07/01
increase حجم الخط decrease

لولا إعلان مديرية الأمن العام اللبناني عن عودة طوعية لعدد من اللاجئين السوريين عبر معبر المصنع وتحديدها موعدها عند السابعة والنصف من صباح الأحد في 1 تموز 2018، لكان موكب العائدين إلى سوريا قد عَبر ظهراً من دون أن يتنبه إليه أحد، بل كاد هؤلاء بعددهم المتواضع يذوبون وسط قوافل العابرين اللبنانيين، الذين احتلوا مكاتب الخروج سالكين ساحة المصنع الحدودية بعشرات الحافلات الكبيرة في اتجاه مقامي السيدة زينب والسيدة خولة.

بدت مستغربة اضاءة الأمن العام على هذه العودة، مع أنها ليست العودة الجماعية الأولى عبر معبر المصنع، بل سبقتها في شهر نيسان عودة جزئية لعدد من نازحي بلدة بيت جن الذين كانوا يقطنون في منطقة شبعا الجنوبية. وقد تبع ذلك، وفق ما أكدته مصادر الأمن العام لـ"المدن"، عودة فردية لكثيرين، بعيداً من المصالحات القائمة في بعض المناطق السورية من أجل استعادة أبنائها.

إلا أن العلامة الفارقة في العودة الأخيرة، هي في رمزية "منطقة المصالحة" هذه المرة. أي معضمية الشام، التي شهدت مواجهات عنيفة بين النظام والمعارضة خلال فترة الأحداث. ما جعل العودة إليها محملة بالرسائل التي أرادت السلطات السورية توجيهها إلى أهالي هذه المنطقة، بعدما ظهرت كراع أساسي للعودة من خلال "مكتب الامن الوطني" وعملت على التدقيق بأسماء العائدين من خلال لجنة مصالحة المعضمية.

عليه، كان بارزاً مع استكمال الاجراءات الحدودية لخروج العائدين من الحدود اللبنانية، حضور أعضاء لجنة المصالحة ورئيسها المحامي أكرم الجميلي إلى منطقة المصنع، من أجل نقل العائدين بحافلتين سوريتين وضعت على واجهتيهما عبارة "شعب واحد في بلدين". ورافق كل منهما عنصر من الفرقة الرابعة في الجيش السوري، لمراقبة صعود العائدين إلى الحافلتين من أمام مكاتب الأمن العام اللبناني، لينضما اليهم بعد استكمال الاجراءات.

وكان العدد الأخير للموكب الجماعي الأول للعائدين قد استقر على 51 لاجئاً من أبناء المعضمية، بعدما تسجل على اللوائح التي قدمتها لجنة المصالحة إلى الأمن العام اللبناني 63 لاجئاً، جلهم من النساء، وبينهم 14 طفلاً، اخضعوا على الحدود اللبنانية للقاحات ضد الشلل.

جميع هؤلاء اللاجئين كانوا يقيمون في منازل وليس في مخيمات. وقد استقر القسم الكبير منهم في بلدة الصويري، الذي بات أحد أحيائها يعرف بحي أهل المعضمية، بالاضافة إلى بلدات تعلبايا وسعدنايل وبرالياس.

وصل هؤلاء العائدون إلى منطقة المصنع قرابة العاشرة صباحاً، في حافلة واحدة وخمس سيارات، بالإضافة إلى شاحنة كبيرة نقلت أمتعتهم. ومع أن بعضهم كان غير واثق مما ينتظره في بلده، فقد اكتفى بالتطمينات التي تلقاها من لجنة المصالحة عن توفر المسكن أقله، بالإضافة إلى البنى التحتية، بعدما سمع بعضهم مثل هذه التطمينات من أهلهم الذين خلفوهم في المعضمية، وكانوا يرغبون بالعودة، كما أكدوا منذ سنوات. وما حال بينهم وبين ذلك، هو "كسر الاقامة" الذي تعرضوا له، وجعل وجودهم في لبنان غير شرعي ويعرضهم للملاحقة القانونية.

وتوضح مصادر الأمن العام اللبناني لـ"المدن" أنه من التسهيلات التي أقدمت عليها السلطات الحدودية بناءً للقرار السياسي، هي اعفاء الراغبين بالعودة من غرامات التأخير في الاقامة، على أن يتسنى للخارجين العودة إلى لبنان كزوار إذا رغبوا بذلك لاحقاً.

ولما كان معظم المغادرين مسجلين لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فقد كان لافتاً أيضاً حضور مندوبيها لمواكبة عملية المغادرة. مع حرص ممثل المفوضية على أن يؤكد أمام وسائل الإعلام على الدور الرقابي لـUNHCR من دون محاولات التأثير في خيارات الراغبين بالعودة. فسجل مندوبوها أسماء هؤلاء للتأكد من سلامتهم في الاراضي السورية. وأوضحت مصادرها لـ"المدن" أن المفوضية ستواصل تقديم الخدمات للمسجلين في الفوضية العائدين لشهرين فقط، ريثما يتأكد "استقرار" هؤلاء في بلدهم، وعدم رغبتهم بالنزوح مجدداً من هناك.

وهذه الاجراءات للمفوضية، بالإضافة إلى اجراءات الأمن العام، لم تستغرق وقتاً كبيراً على الحدود نظراً لضآلة عدد الراحلين. ومع ذلك، انتظر هؤلاء ساعات طويلة، أطول من المسافة التي تفصل منطقة المصنع عن المعضمية، التي أكد بعضهم امكانية اجتيازها سيراً على الاقدام بساعتين فقط. وهي الفترة التي انتظرها العائدون بعضهم في السيارات الملتهبة، وبعضهم يبحث عن الفيئ حتى تحت سطح مدخل الحمامات، إلى أن وصلت لجنة المصالحة برفقة حافلتي البولمان، وعنصري الفرقة الرابعة، فتراجع عدد العائدين بسياراتهم إلى اثنين فقط، فيما توزع باقي العائدين على الحافلتين اللتين انطلقتا قرابة الثانية عشرة والنصف شبه خاليتين، بعدما تمكن الأمن العام اللبناني من تحديد الرقم النهائي للعائدين، الذي بدا أنه لن يكون مؤثراً في تخفيض عدد النازحين، أو أقله في الحد من ظاهرة العبور غير الشرعي للأراضي اللبنانية. فاستمرت فصوله بالتزامن مع "العودة المسهلة" لأبناء المعضمية، مع توقيف الجيش اللبناني لعشرات الاشخاص، جلهم من النساء والأطفال، الذين كانوا يحاولون عبور المعابر غير الشرعية من لبنان وإليه. وقد جمعوا أمام أحد مكاتب الأمن العام اللبناني في منطقة المصنع، بانتظار انجاز الاجراءات، فإما ترحيلهم أو إعادتهم إلى الأراضي اللبنانية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها