الجمعة 2018/06/01

آخر تحديث: 01:11 (بيروت)

بعلبك- الهرمل: ماذا عن الديون والمخدرات.. وأي خطة أمنية؟

الجمعة 2018/06/01
بعلبك- الهرمل: ماذا عن الديون والمخدرات.. وأي خطة أمنية؟
في بعلبك- الهرمل لا يمكن تطبيق خطة أمنية كلاسيكية (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

وصلت المناشدة بالأمن لمنطقة بعلبك- الهرمل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، إذ نقل عن الأخير بعد لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق ومحافظ بعلبك بشير خضر، الخميس في 31 أيار 2018، أن اجتماعات مكثفة ستعقد لمجلس الدفاع الأعلى من أجل وضع حد للفوضى في بعلبك- الهرمل.

يرى المحافظ خضر أن مسؤولية الأمن في بعلبك يجب أن تناط بالجيش، وهو الجهة الوحيدة القادرة على التصرف بشكل فعال في بعلبك، مع الحرص على حفظ سلامة المدنيين، وعلى إصرار الرئيس على أن تترافق أي خطة أمنية مع خطة انمائية.

ويشرح خضر لـ"المدن" أنه "في بعلبك- الهرمل لا يمكن تطبيق خطة أمنية كلاسيكية، لأن لا الحاجز ولا الدورية يأتيان بمطلوب، وإن كانا يؤمنان الطمأنينة للمواطن أثناء وجودهما. عليه، فإن الكلام عن ساعة صفر لإنطلاق خطة أمنية لن يكون كلاماً دقيقاً، لكون الحل كما نراه دائماً بمداهمات متفرقة، عبر استقدام قوى خاصة سواء أكان من مخابرات الجيش أم من فوج المغاوير أو شعبة المعلومات أو أي من القطعات التي تراها الأجهزة الأمنية الأنسب لتنفيذ المهمة"، متوقعاً أن تبدأ هذه المداهمات في وقت قريب.

لعلها "الخرطوشة الأخيرة" التي تختبر في المحافظة مع وضع أمن بعلبك في عهدة رأس الهرم، بعد صولات وجولات من التفلت الأمني الذي استفحل في الأيام الماضية، إذ بات البعلبكيون مقتنعين بمقولة "بتحبل برا وبتخلف عندنا"، في إشارة إلى آخر الاشكالات التي وقعت في بلدة ريحا، والتي روع أولاد العم أهل البلدة من خلال احراق منازل بعضهم، استكمالاً لخلاف انتقلت شرارته من منطقة الفنار.

يستسهل كثيرون نقل خلافاتهم إلى بعلبك. فهنا يمكنهم أن يرتكبوا ما يشاؤون، وهم مقتنعون بأنهم أبعد ما يكونون عن العقاب. وفصول حل قضية التعديات المتكررة التي تعرض لها الشيخ عباس الجوهري بسبب ترشحه للانتخابات أبرز مثال على ذلك.

كان الشيخ أيمن الرفاعي، مفتي بعلبك السابق المقرب لبيئة حزب الله، هو الذي اخذ على عاتقه انهاء هذه التعديات، عندما اصطحب معه شابين ممن أطلقوا النار، وسلم أسلحتهما إلى الجوهري، الذي بدوره أرسلها هدية إلى حزب الله "لتصويبها إلى المكان الصحيح".

لا يبدو الرفاعي في المقابل راضياً عن "الحل" الذي رعاه، بل يقول لـ"المدن" إن "المصالحة كرست مبدأ غياب الدولة وتقصيرها. كنت أفضل أن يكون الحل من خلال توقيفات تجري بحق المرتكبين، بدلاً من تكريس ثقافة تشجع المرتكب على أفعاله، من خلال الوقوف على خاطره واسترضائه لوقف ارتكاباته، فيما مسألة التسويات وتقبيل اللحى، مع تقديري لدورها في المجتمع، تدفع بعلبك إلى مزيد من التدهور والتفلت الأمني والاعتداء. فنحن لا يمر علينا يوم إلا وهناك حادث إطلاق نار أو اصابة أو قتيل".

يوم الخميس تحديداً، وبالتزامن مع اجتماع قصر بعبدا، تعرض شخص من آل الرفاعي لإطلاق نار في سوق بعلبك القديم من قبل من لقب بـ"القناص". لدى الاستفسار عن الأمر، تبين أن "القناص" شاب من آل الرفاعي أيضاً، ارتضى حل خلافات شخصية مع أحد أبناء عائلته، التي يشهد لها بأنها لم يسبق أن افتعلت مشاكل في المدينة سابقاً.

تتفق آراء المطلعين في بعلبك على كون ظاهرة تعاطي المخدرات هي من العوامل الأساسية التي تسهم في استفحال الحوادث الأمنية "الشخصية" في بعلبك. ويتحدث الرفاعي من جهته عن أنواع من الحبوب المخدرة "سيلفا" التي باتت متاحة بكلفة زهيدة للشباب، وجعلت بعلبك سوقاً مستهلكة للمواد المخدرة بشكل غير طبيعي.

وهناك أيضاً دور لتراجع الحال الاقتصادية، وديون الربى التي أغرق بها التجار، بحيث بات ربع إلى ثلث سوق بعلبك وفقاً للمطلعين مرهوناً لأشخاص يدينون بالفوائد المرتفعة، في وقت لا يحبذ المتضررون الشكوى للدولة، ويحاولون أخذ الحقوق بأيديهم.

إلا أن المفارقة أن كل هذه الظروف كانت مشابهة قبل الانتخابات، وخلالها، واستطاعت بعلبك مع ذلك أن تنجز انتخابات "وصفت بالأهدأ أمنياً" بين سائر الدوائر. ما يعيد الحديث إلى الدور السياسي لقوى الأمر الواقع، في الامساك بالوضع الأمني أو تركه يتدهور.

لا يحبذ حزب الله، كما تؤكد أوساطه، التدخل في الاشكالات الأمنية التي تقع بين أبناء بيئته. يعيد هؤلاء ذلك إلى سابقة "سيئة" جرت في ثمانينيات القرن الماضي عندما اشتبك الحزب مع عشيرة جعفر فسقط قتلى للطرفين وهجر آل جعفر من بعلبك لأكثر من 10 سنوات.

لكن، وفق مطلعين يساهم "غياب الروادع الحزبية" في تآكل البيئة الحاضنة لحزب الله تحديداً. وقد بات يسهل انتقاده في بعلبك، وتوجيه التهم إليه بحماية المرتكبين، خصوصاً أن أعداد مفتعلي المشاكل معدود جداً، والمطلوب توقيفهم من دون تدخلات تجري في اليوم التالي للافراج عنهم.

نواب بعلبك يستشعرون هذه النقمة، ويحاولون رد التهم بحراك سياسي يحمل المسؤولية إلى "الدولة"، القادرة برأيهم على فرض سيطرتها متى توفرت الارادة لذلك. وأبرز مثال يقدمونه هو جدية التعاطي الأمني مع موضوع المهرجانات الدولية والحرص على تمريره سنوياً من دون ضربة كف.

إلا أن الأجهزة الأمنية في المقابل "تكبل" بحوادث انتقامية سابقة تعرضت لها على خلفية تطبيقها القوانين. إلى كون بعض "الأمن" متهم بالتواطؤ مع المرتكبين، والانتقائية بتطبيقه بحق الفئة الأضعف.

لا يوافق خضر على الاتهام الأخير، مشيراً إلى أنه في حال صح، توجه الشكوى إلى الأجهزة الرقابية والوزارات المعنية.

ووفقاً لخضر "صحيح أن أهل بعلبك يطالبوننا بالتدخل على كل المستويات لفرض الأمن، إنما نتمنى عليهم المؤازرة الشعبية والمدنية للجيش اللبناني. أي أنه غير مقبول أن تقوم القيامة مثلاً إذا تطورت الامور خلال مداهمة إلى تبادل للنار بين مطلوب ودورية تقوم بواجبها، بحيث نصبح كأننا معنيون بمراضاة خاطر عائلة المطلوب. الأجهزة الأمنية تحتاج إلى احتضان المجتمع، بدلاً من التأثير السلبي على معنويات العسكر، الذي يشعر أنه إذا قضى مطلوب بات هو في ورطة. وهذه تشكل مسؤولية اجتماعية على أبناء الأحياء والمخاتير والأحزاب والجمعيات تحملها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها