السبت 2023/03/04

آخر تحديث: 07:19 (بيروت)

الفلسطينيون يخترقون صخب الحرب الأوكرانية

السبت 2023/03/04
الفلسطينيون يخترقون صخب الحرب الأوكرانية
increase حجم الخط decrease

منذ سنة والعالم مأخوذ بتطورات الحرب الأوكرانية، وكان من الصعب على أي صراع آخر أن يخترق الصخب الإعلامي الذي تثيرة الحرب الروسية العدوانية على أوكرانيا. لكن مع تسلم الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة السلطة الخريف المنصرم، ومباشرتها فور وصولها تنفيذ برنامجها العدائي للفلسطينيين بجعل الإستيطان أولوية وجودها، حتى إستعاد المقاتلون الفلسطينيون وهج مقاومة الإحتلال، وأعادوا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى يوميات العالم إلى جانب الحدث الأوكراني. ولم يقتصر نهج الحكومة اليمينية المتطرفة على تصعيد الصراع مع الفلسطينيين فقط، بل فجرت الداخل الإسرائيلي بإقرار الكنيست في القراءة الأولية لمشروع قانون الإصلاحات القضائية الذي إعتبره المعارضون الإسرائيليون تهديداً للديموقراطية الإسرائيلية. و"يتخوف" محللون سياسيون من مختلف الإتجاهات السياسية من تصاعد مقاومة الفلسطينيين إلى إنتفاضة جديدة، ويتوقعها بعضهم في رمضان القريب. وتتوقف وسائل الإعلام عند إقرار الكنيست الإسرائيلي بصيغة أولية لقانون الإعدام "للإرهابيين" يعتبره الخبراء تصعيداً خطيراً للصراع وعاملاً مساعداً على توسيع رقعة إحتجاجات الشارع الإسرائيلي.

رد الفعل الروسي على تصاعد التوتر في الضفة الغربية عبر عنه بيان وزارة الخارجية الذي نشرته تاس آخر الشهر المنصرم. وعنونت الوكالة نصها بالقول "حذرت الخارجية الروسية من مخاطر اندلاع مواجهة عنيفة في منطقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي". تذكرت الخارجية رباعية سلام الشرق الأوسط، ورأت أن من العوامل الحاسمة التي أدت إلى تدهور الوضع رفض الولايات المتحدة التعاون في القضايا الإقليمية، بما في ذلك في إطار الرباعية (الولايات المتحدة، روسيا، الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة). وقالت تاس بأن الخارجية تعرب عن "قلقها البالغ" إزاء تصاعد الأوضاع في مدن الضفة الغربية، حيث يُقتل المدنيون بشكل شبه يومي نتيجة "الهجمات الإرهابية وأعمال العنف" والإشتباكات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ورأت أن تصاعد الوضع يهدد بالتحول إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق، وأدانت "بشدة" التطرف "بجميع أشكاله ومظاهره". 

أشارت الخارجية إلى "الأحداث الماساوية" في نابلس والحوارة وأريحا ومناطق أخرى، وإعتبرت بأنها تؤكد أن عودة الوضع إلى طبيعته ممكنة فقط عبر إحياء المفاوضات على أساس مبدأ الدولتين. وشرط نجاح المفاوضات هو توقف الطرفين عن إتخاذ خطوات آحادية والإلتزام بالتعهدات السابقة.

وبعد أن تدعو الخارجية الروسية الفلسطسنيين إلى تجاوز الخلافات الحزبية ووحدة الصف، تقول بأن روسيا ستواصل التنسيق مع الشركاء في الشرق الوسط، وترى دوراً مهماً لكل من مصر والأردن وجامعة الدول العربية في تسوية الصراع.

تركز وسائل الإعلام الروسية على إقرار الكنيست في قراءة أولية أول الشهر الجاري مشروع قانون الإعدام ل"الإرهابيين".  ونقلت نوفوستي عن مشروع القانون نصه بأن الإعدام يتهدد أي شخص يتسبب عمداً أو باللامبالاة  في موت مواطن إسرائيلي بدافع العنصرية أو كراهية جماعة معينة... وبهدف إلحاق الأذى بدولة إسرائيل وإحياء الشعب اليهودي في وطنه. 

وسبق للوكالة أن نقلت تعليق خبير روسي على إقتحام نابلس، فرأى أن المنطقة قلقة دائماً، والإشتباكات فيها ليست جديدة، لكنه ربط الإقتحام الأخير للمدينة بمشاكل إسرائيل الداخلية. وتردد في إعتبار هذه المشاكل هي التي دفعت حماس للتصعيد، أو أن حماس هي التي دفعت قوى الأمن الإسرائيلية إلى تجديد أعمال العنف. 

وذكّر الخبير بأن الأزمة الداخلية في إسرائيل مرتبطة بالإصلاحات القضائية التي أثارت الإحتجاجات والتظاهرات في تل أبيب بمشاركة ما يزيد عن 100 ألف شخص. وخلقت الأزمة تهديدين إثنين لإسرائيل: خارجي من قبل إيران، وداخلي من مقاتلي حماس. 

موقع الخدمة الروسية في BBC نشر آخر الشهر المنصرم نصاً لهيئة التحرير بعنوان "التصعيد في الشرق الأوسط يتخذ أشكالاً خطيرة. هل سيتاح تفادي إنتفاضة جديدة؟". قال الموقع أن الوضع في الضفة الغربية يستمر بالتصاعد، وكثيرون في إسرائيل يتخوفون من أن كل الدلائل تشير إلى إمكانية إندلاع صراع شامل ـــ إنتفاضة فلسطينية دورية. وينقل عن الصحافة الإسرائيلية قولها بأن المواجهة بين المستوطنين والفلسطينيين بلغت في الأيام الأخيرة أقصى درجات الغليان. وبعد أن يشير إلى مقتل مستوطنين على يد شقيقين فلسطينيين، يقول بأن المستوطنين إرتكبوا أكبر مجزرة منذ عقود في أربع بلدات فلسطينية. وتحدث ناشطون حقوقيون عن مئات الجرحى الفلسطينيين وقتيل واحد، "لكن المعلومة بحاجة لتأكيد محايد".

وبعد أن يستعرض أحداث العنف التي تلت، ينقل الموقع عن صحافة وخبراء يساريين عدم دهشتهم لما يجري، وتأكيدهم بأن التصعيد كان مسألة وقت بعد وصول الحكومة اليمينية المتطرفة إلى السلطة. ويشير إلى الإحتجاجات التي جرت في تل أبيب ودعت السلطات إلى الكف عن قمع الفلسطينيين، وعبرت عن الغضب من أعمال مثيري الشغب اليهود. 

في رده على اليسار يرى اليمين الإسرائيلي أن مسألة الأمن في الأراضي الفلسطينية كانت موجودة دائماً، والتصعيد الحالي ليس سوى حجة للأعمال المتطرفة. وينقل الموقع عن بن غفير تصريحه بأن "على أعدائنا أن يحفظوا ليس فقط موقفنا من مسألة الإستيطان، بل وبأننا سنقضي عليهم الواحد تلو الآخر". 

يعلق الموقع على مقررات لقاء العقبة بالقول أنها مستحيلة التطبيق عمليا". وينقل عن وزير المالية الإسرائيلي بيتسلئيل سموتريتش رده عليها بالتعهد  بأن بناء المستوطنات في الضفة الغربية لن يتوقف يوماً واحداً. 

الموقع الروسي واسع الإنتشار News.ru الذي يتفرد بإصدار طبعة إسرائيلية  توقف في نصه آخر الشهر المنصرم عند إقرار مشروع قانون الإعدام ل"الإرهابيين"، وعنونه بالقول "إحتذوا مثال أميركا: إسرائيل تفرض عقوبة الإعدام للفلسطينيين"، وأرفقته بآخر ثانوي "التصعيد بين اليهود والعرب قد يفضي إلى إنتفاضة ثالثة في رمضان المبارك". وينقل عن بن غفير"عاصفة الفلسطينيين" بأنه يعلن منذ زمن بأن الطريقة الأفضل لحل الأزمة ـــــ البدء بإعدام الفلسطينيين. وحظيت فكرته بدعم اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع. 

يقول الموقع بأن بن غفير ـــــ العقل المدبر لمشروع القانون، هو أحد أكثر الشخصيات إشكالية في السياسة الإسرائيلية. ويعرفه سكان الأرض المقدسة من خلال مبادراته المثيرة للجدل. فحزب "القوة اليهودية" الذي يتزعمه هو صاحب الإقتراح بطرد جميع العرب غير الموالين لإسرائيل، وإعفاء الجنود الإسرائيليين من المسؤولية القانونية عن قتل الفلسطينيين. ومنذ توليه منصبه الوزاري الخريف المنصرم لا ينفك يؤكد توجهه المتطرف، وأعلن صراحة أن هدفه هو جعل ظروف سجن الفلسطينيين لا تحتمل وتشديد العقوبة إلى المستوى الذي يجعل الفلسطينيين يفكرون ثلاثاً قبل الإقدام على جريمة ضد اليهود. وإذ علم أنهم يقدمون الخبز الطازج للسجناء الفلسطينيين، قال بأن "قتلة اليهود يجب إعدامهم على الكرسي الكهربائي، وليس تقديم الطعام اللذيذ لهم".

ويؤكد الموقع أنه لم يمض شهر على هذا الكلام، حتى أقرت لجنة التشريع الوزارية مشروع قانون الإعدام الجديد. ولم تعترض على القانون من المؤسسة السياسية الإسرائيلية سوى القلة من سياسيي المعارضة. المدعية العام الإسرائيلي غالي باراف ميارا لم توافق على الوثيقة، ورأت أنها تلطخ سمعة إسرائيل في العالم وتزيد الفلسطينيين غضباً. 

يستعرض الموقع صيغ ردة فعل الأطراف الفلسطينية المختلفة على مشروع القانون، ويقول بأن الأمم المتحدة إكتفت حتى الآن بالتعبير عن قلقها. ويقول بأن رمضان يحمل معه المخاطر عادة، فخطباء المساجد في كل العالم الإسلامي يذكّرون في خطبة عيد الفطر بأن مسجد الصخرة لا يزال ينوء تحت إحتلال "الكفرة". ولا يمضي رمضان واحد برأيه دون "ميني إنتفاضة" للفلسطينيين، أو حرب إسرائيلية على المجموعات الفلسطينية المسلحة مثل حماس في قطاع غزة. 








increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها