الثلاثاء 2022/08/09

آخر تحديث: 05:56 (بيروت)

حصاد روسيا من الحرب الأوكرانية

الثلاثاء 2022/08/09
حصاد روسيا من الحرب الأوكرانية
increase حجم الخط decrease

في اليوم المئوي للحرب على أوكرانيا أحصى موقع moscowtimes خسائر روسيا التي تكبدتها حتى ذلك اليوم في مطلع حزيران/يونيو المنصرم. وآخر رقم للخسائر البشرية كانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنته أواخر آذار/مارس، بعد أن كانت أعلنت رقماً للمرة الأولى في مطلع ذلك الشهر، وحظرت في الشهر التالي نشر المعلومات عن أسر ضحايا الحرب. لكن ذلك لم يحل دون أن تتحقق مطبوعة روسية  تعتبرها السلطات "غير مرغوبة" من أسماء 2767 قتيلاً كان معظمهم من داغستان وشرق سيبيريا وحوض الفولغا إضافة إلى أكثر من عشرين عسكرياً برتب ليست أدنى من مقدم. ووفقاً لما أبلغه ممثلو إدارة الرئيس الأميركي للنواب الأميركيين، فإن عدد ضحايا الروس في الحرب على أوكرانيا خلال أشهر قد فاق عددهم في الحرب على أفغانستان وبلغ 75 ألف قتيل وجريح. 

مع دخول الحرب شهرها السادس توقفت مواقع إعلامية روسية أو ناطقة بها، ليس عند حجم خسائر روسيا، بل عند تأثيرات الحرب على المجتمع الروسي وتطور موقف الروس من الحرب، وعند إمكانية روسيا مواصلة حربها على أوكرانيا إذا طالت فترة مراوحتها مكانها كما هي حالياً,  

عن علاقة الروس بالحرب نشر موقع الخدمة الروسية في "الحرة" الأميركية آخر الشهر المنصرم مقابلة مع سياسي ونائب وضابط سابق في المؤسسة الأمنية الروسية الرئيسية  (FSB ، KGB سابقاً) ومع بوليتولوغ روسي معروف غادر روسيا منذ زمن بعد ملاحقته والتضييق عليه. توقف صحافي الموقع عند ملاحقة سيدة، عضو في مجلس بلدية مدينة سيبيرية، من قبل هيئة الإتهامات الإتحادية بتهمة التزييف ضد الجيش الروسي. وكانت السيدة قد عبرت في تغريدة عن دهشتها لشكر عائلة روسية السلطات المحلية على حسن تنظيم دفن إبنها الذي سقط في أوكرانيا، وكتبت أنه "ليس هناك إنسان طبيعي يتقبل بهدوء موت قريبه".

علق الضابط الأمني السابق على الحادثة قائلاً بأن ملاحقة هيئة الإتهامات الإتحادية لعضو المجلس البلدي الشابة تعني حظر التعاطي بالسياسة. ومحاولة المشاركة في السياسة تعتبرها السلطات الروسية الآن "جريمة متكاملة". على أن الأمر لا يتعلق بهذه الشابة فقط التي غادرت إلى جورجيا، بل أرادت السلطة تبليغ الروس المنتخبين للهيئات التمثيلية المختلفة بأن أي تطاول على الأوضاع الراهنة سوف يعاقب عليه بشدة. ويذكر الضابط حكماً بالسجن 7 سنوات على نائب إقترح الوقوف دقيقة صمت عن أرواح الذين سقطوا في الحرب على أوكرانيا، وتساءل ما إن كان من اللائق الإحتفال بأعياد الأطفال في منطقته، في حين تتساقط القنابل على الأطفال في أوكرانيا.  واعتبر الضابط أن الحكم هو بمثابة إشارة من السلطة إلى الجميع: نواب سابقون أو حاليون، شرفاء الروس، أبطال روسيا أو ليسوا، بأنهم سيلاحقون من السلطة باشد القسوة، بغض النظر عن مواقعهم ومكانتهم. 

وعن المشاركة في الإنتخابات الروسية على مختلف المستويات، يرى الضابط أنه ليس من سبب واحد للمشاركة فيها. فالجميع يدرك أنها لا تمت إلى الإنتخابات بصلة، وليس من إمكانية عن طريقها لتغيير السلطة التي جعلت مثل هذا التغيير مستحيلاً بالطرق السلمية. 

يشير الضابط السابق إلى صدمته من موقف أصدقاء شبابه من الحرب على أوكرانيا وكان، برأيه، "نصف عاقل وشبه فاشي". وينقل عن حديثه مع روسي "محترم جداً" قوله بأن الحرب أصبحت عادة. فقد كان الناس ينتظرون نهاية سريعة لها، لكنها لم تحصل، وبدأوا يعتادونها كعملية تجري في مكان ما، لا تجري في موسكو وبطرسبورغ أو سواها من المدن الكبرى. ويبرر الروس ـتأيدهم للسلطة رغم الإخفاقات وسقوط القتلى بالقول إن الحرب تشبه لعبة كرة القدم التي يشارك فيها "فريقنا"، وإذا خسر "علينا" موآزرته، فهو "فريقنا".

وفي سياق علاقة الروس بالحرب، ينقل الموقع عن البوليتولوغ إشارته إلى دعاية لسيارة روسية تقول "إبني سقط في أوكرانيا، لكن بوتين الطيب دفع 4 ملايين روبل اشترت بهم الأسرة سيارة "لادا"، وهي تنقلنا الآن إلى المقبرة لدفن الإبن وشكر بوتين". ويُذكر في هذا الصدد أن شبكات التواصل تداولت بكثافة صورة سيارة روسية جديدة تحمل على زجاجها الخلفي رسم تابوت مرفق بعبارة: شكراً لإبني على السيارة. 

موقع الخدمة الروسية في ВВС نشر في 4 الشهر الجاري مقابلة مع الرئيس الأوكراني الثاني بعد إستقلالها  العام 1990 ليونيد كوتشما بعنوان "ليونيد كوتشما: بوتين أراد تدمير أوكرانيا، سوف يحصل على ولادتنا الثانية". يقارن الرئيس الغزو الروسي بالألماني النازي العام1941 اللذين بدآ في الرابعة صباحاً "كما هي عادة الفاشيين بغض النظر عن البلدان والحقب". ويقول بأنه، ومنذ النزاع مع روسيا العام 2003 حول ملكية جزيرة في بحر آزوف، لا يساوره أي شك في حقيقة "روسيا بوتين"، لكنه واثق من أن بوتين أخطأ الحساب هذه المرة. وكان يمكن، برأيه، تفادي الغزو بالخضوع لشروط إنذار بوتين، لكن ذلك كان مقايضة مع خضوع تدريجي "لدولتنا" واحتلالها الممنهج.

ويرى أن الحرب الخاطفة فشلت بسبب خطأ بوتين القاتل في الحساب، وليس بسبب خطأ "بريء" كما يقول من يريد "حفظ ماء وجه بوتين" الذي يتمنى العودة إلى ما قبل قراره بالحرب، لكنه تأخر ولا يريد الآن مع محيطه سوى الإحتفاظ بالسلطة".

صحيفة القوميين المتشددين الروسSPنشرت في 6 من الجاري نصاً بعنوان "إطالة أمد الأعمال الحربية ـــــــ تهديد للدولة الروسية"، وأرفقته بآخر ثانوي"كلما سيطول النزاع في أوكرانيا، كلما إنهارت هيبة السلطة". 

يقول كاتب النص بأن "العملية الخاصة" في أوكرانيا دخلت شهرها السادس، وقد حان الوقت "لنتلفت حولنا" وننظر في الأخطاء ونستخلص الإستنتاجات. "إعلامنا" يتحدث باستمرار عن بربرية الجيش الأوكراني وبطولة الجنود الروس، "كل هذا صحيح"، لكن "تعالوا لنحلل الوضع": ماذا حدث في هذه الشهور، "أخذنا شيئاً ما، وفقدنا آخر. وزارة الدفاع الروسية تقول أن القوات الجوية الأوكرانية تم تدميرها في آذار/مارس، لكن لماذا لا تنشط "طائراتنا الهجومية ومروحياتنا إلا على خط الجبهة، وقاذفاتنا الثقيلة لا تظهر فوق أوكرانيا؟"

تمر الحرب بمرحلة "حرب المواقع" ـــــــ "نتقدم هنا 50 متراً، نتراجع هناك 30 متراً"، ويقال بأن كل شيئ يسير وفق الخطة. لكن أية خطة هذه ــــــــ خماسية أو سباعية؟ تاريخ روسيا يشير إلى أن هيبة السلطة ترتفع بشدة إثر حرب مظفرة قصيرة. في العام 2014 جميع أحزاب روسيا السياسية التفوا بالإجماع حول القيصر، و99% من السكان وافقوا على الحرب "حتى النهاية المظفرة". ومرت 3 سنوات على حرب المواقع، و"تخلى الجميع عن القيصر كمكان شاغر"، على قول شاعرة روسية. 

ولكي لا تتورط لسنوات، على روسيا زيادة عديدها في أوكرانيا 5 وحتى 10 مرات، والأهم هو المباشرة في تدمير البنية التحتية الأوكرانية، والتي بكل الأحوال، سيدمرها الأوكران أنفسهم لدى إنسحاب قواتهم. وتأتي بالدرجة الأولى محطات توليد الكهرباء، مصانع الكيمياء والجسور، "أي بما قامت وتقوم به كييف منذ العام 2014" في جمهوريتي الدونباس. 

يقترح الكاتب عدداً كبيراً من الإجراءات لتسريع نهاية الحرب، ويقول بأنه إضافة إليها يمكن إستخدام العشرا ت معها، لكن المهم أن ينتهي الصراع المسلح في العام 2022، وهو ما يرتبط به مستقبل روسيا. 






increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها