الثلاثاء 2022/06/14

آخر تحديث: 07:44 (بيروت)

الكنيسة الروسية تعتمر خوذة الحرب

الثلاثاء 2022/06/14
الكنيسة الروسية تعتمر خوذة الحرب
increase حجم الخط decrease

في السابع من الجاري تصدرت أنباء الكنيسة الروسية نشرات المواقع الإعلامية المتابعة ليوميات حرب بوتين على أوكرانيا. في هذا اليوم عقدت الكنيسة مجمعاً كنسياً برئاسة البطريرك كيريل، صدر عنه 3 قرارات مهمة: ضم 3 أبرشيات في القرم وجمعها في مطرانية واحدة، إنتقاد أشد لهجة من السابق لإعلان الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية الإستقلال الإداري عن الكنيسة الروسية، عزل رئيس قسم العلاقات الخارجية للكنيسة (وزير الخارجية) إيلاريون آلفييف من منصبه وتعيينه بطريركاً للكنيسة الأرثوذوكسية المجرية، حسب موقع الخدمة الروسية في  BBC.

قال الموقع بأن المجمع الكنسي السابق في 29 الشهر المنصرم تكرس كلياً ل"المسألة" الأوكرانية". وقبل يومين من هذا الناريخ عقدت الكنيسة الأوكرانية مجمعاً كنسياً إتخذ قراراً بإستقلال الكنيسة التام عن الكنيسة الروسية. ووصف الموقع رد الكنيسة الروسية بالحذر، وجاء من مجمع كنسي استدعي على عجل. ورأى أن التغييرات في ميثاق الكنيسة الأوكرانية تتطلب الدراسة، لكنها تحتاج إلى موافقة البطريرك الروسي كيريل قبل أن تصبح نافذة. ويبدو أن الكنيسة الأوكرانية، وكما يُفهم من لهجة إعلانها، لم تعد مستعدة لتقديم التقارير إلى الكنيسة الروسية، بل والخروج نهائياً من بنيتها. فقد لاحظ الموقع أن متروبوليت الكنيسة الأوكرانية اونوفري، وفي عظة الأحد الأولى بعد المجمع الكنسي، ذكر البطريرك كيريل كما يذكر آباء الكنائس المحلية، ولم يصفه ب"السيد العظيم والأب". 

كان القرم يعتبر تاريخياً من الأراضي التابعة للكنيسة الأوكرانية، ولذلك لم يصدر عن الكنيسة الروسية أي إدعاء بتبعيته لها، حتى بعد ضمه إلى روسيا العام 2014. والبطريرك كيريل لم يحضر الإحتفال الكبير الذي نظمه الكرملين حينذاك بهذه المناسبة، حتى أنه لم يقم بزيارة القرم طوال تلك السنوات. وجاء قراره الذي استصدره من المجمع الكنسي الأخير مفاجئاً إلى حد كبير، وهو لم يضم 3 أبرشيات إلى الكنيسة الروسية فحسب، بل وجمعها في مطرانية واحدة تابعة لها. وإذا كانت الكنيسة الأوكرانية  سابقاً تعين وتزيح رعاة كنائس القرم، فقد اصبح الأمر الآن يتعلق بإرادة البطريرك كيريل شخصياً، وإن كان شكلياً عبر المجمع الكنسي، حسب الموقع.

أما في ما يتعلق بإبعاد "وزير خارجية" الكنيسة المتروبوليت إيلاريون ألفييف عن منصبه، يقول الموقع بأنه لم يفقد منصبه "الوزاري" فحسب، بل فقد أيضاً عضويته الدائمة في المجمع الكنسي ولم يحضر إجتماعه الأخير. كما فقد أيضاً رئاسة المعهد اللاهوتي "الأسبيرانتورا" (Phd) الذي ترأسه 13 عاماً. ويصفه الموقع بأنه من أكثر المقربين للبطريرك كيريل، ووضع سيرة حياته في السلسلة الأدبية التاريخية الروسية الشهيرة "حياة العظماء"، والتي تأسست أواخر القرن التاسع عشر وتوقفت بعد إنقلاب البلاشفة، وأعاد إصدارها أواخر ثلاثينات القرن الماضي مكسيم غوركي، ولا تزال تصدر حتى اليوم. تعيين إيلاريون قائماً على كنيسة المجر الأرثوذوكسية بدا وكأنه نفي، حيث الرعية الأرثوذوكسية المجرية ضئيلة العدد (أقل من 4 آلاف مؤمن). 

الخبير بشؤون الكنيسة الروسية الذي تحدث إليه الموقع لا يستبعد أن يكون سيناريو إقصاء إيلاريون عن مناصبه وتعيينه في المجر بمثابة النفي له. وعلى الرغم من أن بوتين قلّده أحد أرفع الأوسمة الروسية مطلع شباط/فبراير المنصرم، إلا أنه لم يعبر ولا مرة عن  دعمه للحرب على أوكرانيا، بل كان يتحاشى ذكر الحرب في أحاديثه مع المؤمنين، وتجاهل كلياً التطرق إلى ما يحدث في أوكرانيا في برنامجه الديني على قناة التلفزة الروسية الرسمية. 

موقع صحيفة mk. (كومسومولسكايا  برافدا) الأوكرانية نشر في 7 من الجاري نصاً بعنوان "طوال مدة "العملية الخاصة" كان المتروبوليت إيلاريون يجلس في الظل". قال الموقع بأن المجمع الكنسي عزل إيلاريون من منصب رئيس قسم العلاقات الخارجية في الكنيسة وأرسله قائماً على أبرشية بودابست ـــــــــ المجر، وعين مكانه أنتوني الذي كان متروبوليت أوروبا الغربية. 

موقع zona.media  الإلكتروني المعارض، والذي أطلقته أثنتان من الثلاثي النسائي  Pussy Riot الشهير بإقتحامه يوماً الكنيسة الرئيسية  في موسكو شبه عراة، وأدّين فيها أغنية على وقع موسيقى صاخبة أودت بإحداهن إلى السجن لمدة عامين. في 22 آذار/مارس المنصرم نشر نصاً بعنوان "بارك الحرب. كيف رد رؤساء الكنيسة على خطاب البطريرك كيريل المؤيد لغزو روسيا لأوكرانيا".  

قال الموقع أن البطريرك كيريل أول مرة ذكر فيها الحرب كانت بعد مرور أربعة ايام على إشتعالها. وعبر يومها عن مخاوفه من أن تنتصر "قوى الشر" التي كانت دائماً تتربص بوحدة روسيا والكنيسة الروسية. لقد إرتسم بين روسيا وأوكرانيا خط تلطخ بدماء الإخوة، و"علينا" أن نصلي من أجل عودة السلام والعلاقات الطيبة الأخوية بين "شعبينا". 

وفي مطلغ آذار/مارس المنصرم، وفي عظته بمناسبة أحد الغفران، عاد كيريل وتوسع أكثر في الحديث عن الحرب، حيث قال "طوال ثماني سنوات تتواصل تجربة تهديم ما في الدونباس". وفي الدونباس ثمة رفض "لما يسمى القيم التي يعرضها اليوم أولئك الذين يطمحون إلى السلطة على العالم"، أي عراضات المثليين، كما يراهم البطريرك. 

في 22 نيسان/أبريل المنصرم أعلن الكرسي الرسولي إلغاء اللقاء بين البابا فرنسيس والبطريرك كيريل، والذي كان ينبغي أن يجري خلال الشهر الجاري في القدس،حسب الموقع الأوكراني unian. في مقابلة مع صحيفة أرجنتينية عبر البابا عن الأسف لإلغاء اللقاء، وذلك "لأن دبلوماسيتنا أدركت أن اللقاء الثنائي في هذا الوقت قد يؤدي إلى إرتباك كبير". 

وتشير الصحيفة الأرجنتينية، حسب الموقع، إلى أن فرنسيس هو البابا الأول الذي رغب في لقاء  بطريرك الكنيسة الروسية. فلا البابا يوحنا بولس الثاني، ولا البابا بنديكت السادس عبرا عن رغبتهما بلقاء بطريرك الكنيسة الروسية. ونقلت الصحيفة عن البابا وصفه الحرب بأنها مفارقة تاريخية " anachronisme" يستحيل تبريرها. وعبر عن الأسف لعجزه عن وقف الحرب، أو التوصل إلى هدنة، أو ممر إنساني، وتساءل عن الفائدة من زيارة بابا روما إلى كييف "إذا كانت الحرب ستتواصل في اليوم التالي". 

اللافت، أن لا الموقع الأوكراني ولا وكالة نوفوستي أو سواهما من المواقع التي تحدثت عن إلغاء اللقاء بين البابا والبطريرك، تحدث عن رد ما للبطريرك الروسي على هذا الإلغاء الذي يخرق البروتوكول الدبلوماسي للفاتيكان. 

الموقع الأوكراني الآخر LIGA نشر في 8 الشهر المنصرم نصاً  بعنوان "في الفاتيكان صُدموا ب"التشريع الديني" للحرب من قبل الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية". نقل الموقع عن رئيس "المجلس البابوي لتعزيز الوحدة المسيحية" الكاردينال كورت كوخ قوله بأن علاقة الفاتيكان بالكنيسة الروسية تغيرت بشدة بسب هجوم روسيا على أوكرانيا. وفي مقابلة مع موقع كاثوليكي سويسري قال إن "التشريع الديني" لحرب روسيا  تهز "كل قلب مسكوني"، ولذلك "أنا سعيد" لإلغاء البابا فرنسيس اللقاء الذي كان من المقرر عقده في حزيران/ يونيو مع البطريرك كيريل. وأضاف الكاردينال أن اللقاء كان يمكن أن يساء فهمه، "لكن مع ذلك الحوار ينبغي أن يتواصل". وأشار إلى أن بابا روما يود كثيراً أن تنتهي الحرب في أوكرانيا، ولذلك لن "يوصد الباب " نهائياً للتواصل مع روسيا.

صحيفة الكرملين vz نشرت في 27 المنصرم نصاً بعنوان "الكنيسة الأوكرانية عجلت في سقوط أوكرانيا". قالت الصحيفة بأن الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية المعترف بها من سائر العالم المسيحي، أعلنت إستقلالها عن الكنيسة الروسية التي كانت تعتبرها حتى الآن الكنيسة الأم. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها